بعد احتجاجات المقدسيين واشتباكهم مع القوات الإسرائيلية التي حاولت في أواخر شهر رمضان مصادرة منازل وممتلكات في حي الشيخ جرّاح.
قامت حركة حماس بإطلاق كميات من الصواريخ بكثافة على إسرائيل رغم أنها تعرف جيداً أن الرد الإسرائيلي سيتسبب في عشرات القتلى والجرحى وتهديم الأبراج وتدمير الممتلكات، ولكنها فعلت ذلك بأوامر من النظام الإيراني لأجل تحسين شروط التفاوض الإيرانية على طاولة فيينا، ولوضع فلسطين كورقة مساومة لأي مفاوضات ستجري مستقبلاً في المنطقة.
مصر استعادت دورها القيادي والتاريخي، وكان لها دور محوري في وقف هذه الحرب التي استمرت 11 يوماً، لتؤكد للجميع دورها المؤثر في القضية الفلسطينية وقضايا المنطقة، وتثبت أن أي مشاريع إقليمية لن تكون مجدية في ظل تغييبها، وذلك ما دفع واشنطن إلى إعادة تقييم حقيقية للوضع، واللجوء إلى السعودية ومصر والإمارات، وليس إيران أو تركيا أو غيرهما لوقف هذه الحرب التي بدأت بوهم وانتهت بخسائر بشرية ومالية لا مبرر لها.
أصبحت القاهرة في قلب الحدث، وأرسلت وفدين أمنيين إلى غزّة وإسرائيل للإشراف على وقف إطلاق النار ، وأعلنت استعدادها لتقديم نصف مليار دولار من أجل إعادة إعمار غزّة. الأكيد أن ذلك يعني وجود دعم عربي لمصر، ورهان على عودة الدور المصري في قطاع غزة، وإنقاذه من شعارات ومغامرات حركة حماس التي لا يهمّها سوى تنفيذ أجندة خارجية دائما ما يكون الخاسر الأكبر فيها هو الإنسان الفلسطيني.
من المهم أن نسمي الأشياء بأسمائها وسط هذه الأخبار الزائفة، والبروباجندا المنظمة، فمن أنقذ غزة هي دولة السلام مصر، وليست دول المقاومة المزيفة التي حاولت الترويج بأن الدول العربية التي عقدت معاهدات سلام مع إسرائيل هي الخاسر في هذا الصراع، بينما الحقيقة هي أن ما حدث سيكون محفزاً لدول معسكر السلام للعب دور مهم في تثبيت الأمن وإحلال السلام بين الدولتين، وليس مصدر خشية أو خجل أو تردد من خطوة السلام، لأنه لا مستقبل للمنطقة ولاستقرارها سياسياً واقتصادياً وأمنياً إلا مع السلام، ولن يتحقق هذا السلام من دون سحب الورقة الفلسطينية من يد ما يسمى" محور المقاومة" المزيفة وتحلي الفلسطينيين بواقعية من جهة، واقتناع إسرائيل وعتاة التطرف فيها من جهة أخرى بحقوق الفلسطينيين وحتمية التوصل إلى حل عادل.
وقفت مصر موقفاً مشرفاً كدولة سلام، وتمكنت من حقن الدم الفلسطيني، وذلك يعني أن طريق السلام هو الأكثر تأثيراً إذا أعددنا الظروف، واقتنصنا الفرص. المرحلة القادمة تتطلب مواصلة الدعم العربي للدور المصري الذي اعترفت به أمريكا وإسرائيل للعمل على تثبيت التهدئة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وملف إعادة الإعمار بقطاع غزة، وخلق المناخ المناسب لإحياء عملية السلام، والتعويل على مختلف الجهود الدولية لتحريك الجمود الحالي، وصولًا إلى تسوية شاملة للقضية الفلسطينية، وبما يحول دون تجدّد المواجهات مستقبلاً وترسيخ ركائز السلم والاستقرار في المنطقة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة