مصر و100 مليون نسمة.. حلول عاجلة لمواجهة الزيادة السكانية
الحكومة المصرية تبدأ في إجراءات عاجلة لوضع حد لتلك الزيادة، التي تتسبب في تآكل أي ارتفاع لمعدلات النمو الاقتصادي
جاء الإعلان الرسمي عن وصول عدد سكان مصر في الداخل إلى 100 مليون نسمة، متبوعاً بحالة من الاستنفار على الصعيد الحكومي والبرلماني والمجتمع المدني، لمواجهة تلك الزيادة السكانية، التي وُصفت بأنها تشكل خطرا يناهز خطر الإرهاب.
وبدأت الحكومة في إجراءات عاجلة لوضع حد لتلك الزيادة، التي تتسبب في تآكل أي ارتفاع لمعدلات النمو الاقتصادي، بحسب برلمانيين وخبراء تحدثوا لـ"العين الإخبارية".
ووفق الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، فإن عدد سكان مصر في الداخل ارتفع الثلاثاء إلى 100 مليون نسمة بزيادة مليون نسمة خلال 205 أيام (6 أشهر و25 يوما).
وتوقع رئيس الجهاز اللواء خيرت بركات، وصول عدد السكان مصر إلى 192 مليون نسمة عام 2052، حال استمرار وتيرة الزيادة السكانية الحالية، لكن إذ كثفت مصر جهودها للحد من المشكلة السكانية سيقل العدد إلى 143 مليون نسمة.
وتحتل مصر المرتبة الأولى عربياً من حيث عدد السكان والثالثة أفريقياً وفي الترتيب الـ14 بين دول العالم.
وتدرك السلطات المصرية "الخطر الداهم" للزيادة السكانية، على حد قول بركات في مؤتمر صحفي، الذي أشار إلى أن مواجهتها تأتي على رأس أجندة القيادة السياسية، في إطار خطة قومية.
خطة حكومية
قدم اللواء بركات "روشتة" أو "وصفة" تشارك فيها منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الأهلية لمواجهة تحدي الزيادة السكانية، تتمحور حول تكثيف حملات الدعاية والتوعية ضد أخطار الزيادة السكانية في مختلف وسائل الإعلام، وعودة برامج التوعية الهادفة، والأفلام القصيرة، والفيديوهات وأفلام الكارتون للتوعية بتنظيم الأسرة، فضلا عن توفير استثمارات محلية لتصنيع وسائل منع الحمل في الداخل بدلا من الاعتماد على الاستيراد.
وكذلك إصدار قانون خاص لمواجهة معدلات الزيادة السكانية، يؤسس لأدوار الوزارات والهيئات الحكومية المعنية بقضية الزيادة السكانية، مع تدريس القضية السكانية في المناهج التعليمية، وتعزيز دور رجال الدين لمواجهة المعتقدات الخاطئة حول التكاثر لدى بعض المواطنين.
وكشف مصدر بوزارة التخطيط المصرية لـ"العين الإخبارية"، عن خطة حكومية واسعة، قيد الدراسة، لضبط الزيادة السكانية، تشمل إجراءات خاصة بترشيد الدعم وتحفيز المواطنين على تنظيم الأسرة، من خلال قصر الدعم على طفلين فقط لكل أسرة، ونشر برامج توعوية في المدن والقرى ذات معدلات الإنجاب الأعلى.
وقال المصدر، إن ضبط معدلات نمو الزيادة السكانية بالنسبة للحكومة الحالية قضية أمن قومي، وأنها ستعمل بالتنسيق مع الجهات الدولية المعنية لتحقيق نجاحات في هذا الملف المهم.
تحرك برلماني
محمد أبو حامد، وكيل لجنة التضامن الاجتماعي بمجلس النواب المصري (البرلمان)، أكد أنه سيتقدم ببيان عاجل للحكومة للكشف عن برنامجها لمواجهة الزيادة السكانية، مشيرا إلى أنه سيطالب باستدعاء وزارة التضامن والجهات المعنية لاستعراض الخطوات التنفيذية للبرنامج.
وقال أبو حامد، لـ"العين الإخبارية" إن تلك المعدلات بمثابة جرس إنذار يجب الالتفات إليه من جانب كافة مؤسسات الدولة، بالتضامن مع المواطنين، باعتبار أن تداعيات هذه الظاهرة لا تقل عن خطورة الإرهاب.
ولفت إلى وجود استراتيجية تحت مسمى "مصر 2030 للسكان" منذ 2014، إلا أنها لم تحدث تأثيرا حتى الآن، مطالبا بمحاسبة المقصرين.
وشدد البرلماني المصري على أن لجنة التضامن الاجتماعي بصدد مناقشة مواجهة تلك الظاهرة عبر استقدام المتخصصين والخبراء والجمعيات الأهلية المعنية بهذه القضية، لمناقشتهم، وتجميع الدراسات والحلول المقترحة في هذا الشأن.
وقدم خالد هلالي، عضو مجلس النواب، طلب مناقشة عامة حول استيضاح سياسة الحكومة بشأن تعظيم الاستفادة من العنصر البشري، والزيادة السكانية في تعظيم الإنتاج.
وقال هلالي، في بيان، إن هناك العديد من الدول استطاعت أن تستغل الزيادة السكانية في التطوير وزيادة الإنتاج وأصبحت في مقدمة الدول المنتجة، وهذا لا يعني أن الزيادة السكانية تمثل تحدى كبير أمام الدولة المصرية، لكن بالتوزاي مع العمل على تنفيذ رؤية الدولة بشأن حل أزمة الزيادة السكانية، لابد أن يكون هناك محاور قائمة من شأنها تعظيم الاستفادة من العنصر البشري.
وعي مجتمعي
يعول كثير من الخبراء على دور الوعي المجتمعي في محاصرة الظاهرة والحد من الزيادة السكانية. وتعتبر الدكتورة بثينة الفقي، خبير التنمية الأسرية بدول العالم الثالث، أن ظاهرة الزيادة السكانية المطردة في مصر تمثل جرس إنذار قوي بخطورة الوضع الحالي وتأثيراته على معدلات التنمية الشاملة للمجتمع المصري والتحديات التي تواجهه في الداخل والخارج.
ولفتت الفقي في حديثها مع "العين الإخبارية" إلى أن معدلات التنمية لا تسير بنفس سرعة زيادة السكان ومن ثم تستمر الأزمة الاقتصادية وتردى مستوى الخدمات المقدمة للمواطن والأسرة من غذاء ومسكن وتعليم وصحة وخلافه وترتفع الأسعار وتزداد المشكلات الأسرية والسلوكية والطلاق والجرائم بأنواعها.
وتشير هذه الزيادة إلى عجز في التواصل الفعال بين الدولة المصرية بما تقدمه من برامج توعوية وإعلامية وبين الأسرة في فهم أبعاد القضية ومشاركة الجميع فيها، كما تقول الخبيرة المصرية.
وأضافت الفقي: "أيضا الوعي المجتمعي الذي يجب أن يضع هذه القضية في أولى اهتماماته ودينياً من خلال الرسالة المؤثرة من أئمة المساجد وتأثيرهم على الأسرة والرجل خصوصاً وإقناعه بدوره مع زوجته في عدد الأبناء، مثل حملة (يكفي طفلان) وأيضا ضمن المناهج الدراسية لإعداد جيل يدرك القضية ويبني أسرته بوعي وفهم بدوره في تنمية مجتمعه وثرواته".
وطالبت الفقي بحل جذور المشكلة من تزايد معدلات الفقر والبطالة وتزايد معدلات الأمية والتسرب من التعليم والزواج المبكر للفتيات والإنجاب المتكرر حتى يصل الابن الذكر ثم اتخاذ هؤلاء الأبناء وسيلة لجلب الرزق والعمل في سن مبكرة، لذا يجب وفقا لخبيرة التنمية التركيز على أسباب المشكلة وعلاجها والحفاظ على الأسرة المصرية وقوتها وقدراتها.