تحذير مصري من «المساس» بالصومال.. خبراء يفكون لـ«العين الإخبارية» شفرة الرسائل
رسائل مصرية صريحة وقوية وجهها الرئيس عبد الفتاح السيسي بالتحذير من أن القاهرة لن تسمح لأحد بـ"تهديد الصومال أو المساس بأمنه".
وجاءت تصريحات السيسي خلال مؤتمر مع نظيره الصومالي، حسن شيخ محمود، في إطار زيارة يجريها للقاهرة، في رسائل واضحة يرى خبراء أنها "موجهة لإثيوبيا أو غيرها تحذر من المساس بالأمن العربي والصومالي".
وفي تصريحاته، شدد السيسي على «حق مقديشو، طبقًا لميثاق الجامعة العربية، في طلب الدفاع المشترك لأي تهديد لها»، مؤكدا أن «مصر لن تسمح لأحد بتهديد الصومال أو أن يمس أمنه.. محدش يجرب مصر ويحاول تهديد أشقائها خاصة لو أن أشقاءها طلبوا منها التدخل".
والمعاهدة مبرمة، في عام 1950، بالعاصمة المصرية القاهرة، وتضم 7 دول هي مصر والأردن وسوريا والعراق والسعودية ولبنان واليمن، واستمر انضمام بقية الدول العربية تباعا، على مدار السنوات التالية ومن بينها الصومال.
وتتضمن الاتفاقية 13 بندا، وتشير إلى أن أي "عدوان على أي دولة موقعة على البروتوكول يعتبر عدوانا على بقية الدول"، وأن "أي مساس بدولة من الدول الموقعة على البروتوكول يعتبر مساسا صريحا ببقية الدول الموقعة عليه".
وينص البند الثاني من بنود "المعاهدة" على أنه "تعتبر الدول المتعاقدة كل اعتداء مسلح يقع على أي دولة أو أكثر منها أو على قواتها، اعتداء عليها جميعا".
ويضيف: "ولذلك، فإنه عملا بحق الدفاع الشرعي (الفردي والجماعي) عن كيانها تلتزم بأن تبادر إلى معونة الدولة أو الدول المعتدى عليها، وبأن تتخذ على الفور منفردة ومجتمعة جميع التدابير وتستخدم جميع ما لديها من وسائل بما في ذلك استخدام القوة المسلحة لرد الاعتداء ولإعادة الأمن والسلام إلى نصابها".
شفرة الرسائل
يرى أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية بمصر، الدكتور طارق فهمي، أن "الصومال دولة هامة بالنسبة لمصر ولها التزامات كدولة عربية والعكس".
ويقول فهمي، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن "الغرض من تقديم المساعدة العسكرية المختلفة من جانب الدول العربية الأعضاء، هو حماية الدولة المعنية من العدوان وتحقيق أمن واستقرار الدولة العضو وكذلك المنطقة".
ويضيف فهمي أن "الرسالة مهمة في هذا التوقيت نظرا للتحركات الإثيوبية بغرض تخطي السلطات الصومالية"، لافتا إلى أن "اتفاقية الدفاع العربي المشترك التابعة للميثاق يمكن تفعيلها بالاضافة إلى وجود تفاهم وتعاون يسمح بأي تدخل مصري وقت الحاجة".
وبحسب الخبير، فإن مصر "قد لا تحتاج لأن تتدخل وحيدة وإنما بقرار عربي شامل من الجامعة العربية يسمح للقاهرة أو أي دول أخرى شقيقة بمساندة الصومال دون الحاجة لتفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك".
وأعرب عن اعتقاده بأن "رسالة الرئيس السيسي تتضمن تصميما من النطاق الاستراتيجي العربي المتمثل في الجامعة العربية وإن يظل من غير الضروري انتظار موافقات لإنقاذ الصومال".
وشدد على أن "الرسالة معنوية ورمزية والتأكيد على قدرة مصر على التدخل لإنقاذ الصومال وشعبه والدفع بالضرر وهو موجود في القانون في حال طلبت أي دولة عربية مساعدة أي كان إطارها أو شكلها في المستوى".
لهجة قوية
يتفق مع فهمي، الكاتب المتخصص بالشؤون الدولية والأفريقية نبيل نجم الدين، حول أن "الرسالة المصرية قوية لأي دولة تعتدي على سيادة دولة عربية كالصومال العضو في الجامعة".
ويقول نجم في حديثه لـ"العين الإخبارية"، إن "اتفاقية الدفاع العربي المشترك بدأت في عام 1950 بتوقيع مصر والأردن وسوريا والعراق والسعودية ولبنان واليمن وبعدها وقعت وانضمت إليها الدول العربية تباعا ومن ضمنها الصومال".
ويضيف أن أهم بند ينص على أن "أي عدوان على أي دولة عربية موقعة على الاتفاقية يعد عدوانا على بقية الدول الأخرى ويجب الوقوف مع الصومال في هذه الحادثة التي تعد انتهاكا لسيادة مقديشو".
ووفق الخبير، "فإننا ننتظر تطور المشهد في حال إصرار إثيوبيا على الاعتداء على السيادة الصومالية بالتعاون مع متمردين، فإنه من حق الصومال المطالبة بتفعيل الاتفاقية وطلب تحرك عربي عسكري للتصدي لذلك".
ولفت إلى أن "التحرك الإثيوبي وتوقيع اتفاقية مع أرض الصومال ضرب ٣ معايير أولها انتهاك سيادة دولة عضو في الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية وتشجيع كيان انفصالي وانتهاك حق الجوار وتهديد الأمن والسلام بالقرن الأفريقي بتشجيع وجود دولة انفصالية".
وأشار إلى أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي شدد في أكثر من مرة على أن القاهرة "لن تسمح بهذه التهديدات وحذر صراحة بأن لا تحاول دولة اختبار صبر مصر".
بدوره، أكد المحلل السياسي المصري، أحمد رفعت، أن "حديث الرئيس المصري مع نظيره الصومالي في المؤتمر محسوب ومقصود جيدا".
وأوضح رفعت، لـ"العين الإخبارية"، أن الطرح المصري في تحقيق الأمن العربي المشترك يمثل أولوية، مشيرا إلى أن "بعض القوات المسلحة العربية شاركت سابقا في عمليات عسكرية، وفق بنود الاتفاقية، وذلك في المساعدة العسكرية للكويت أثناء الغزو العراقي تحت اسم "عروبة 90".
ومرارا، عبرت إثيوبيا عن رفضها هذه الاتهامات، وتقول إنها "لا تنتهك حقوق الغير وتعمل وفق سياسة تعاونية تقوم على تحقيق أقصى استفادة للجميع في المنطقة".