الإخوان في تركيا.. صناعة الإرهاب برعاية أردوغان
العلاقة بين تركيا والإخوان الإرهابية تستند إلى المصلحة المتبادلة؛ إذ تدعمهم أنقرة بالمال والسلاح مقابل مساعدتهم لها في مخططها بالمنطقة
أكد مراقبون أن تركيا أصبحت مسرحا بديلا لعمليات تنظيم الإخوان الإرهابي وقياداته الهاربة من مصر عقب ثورة 30 يونيو/حزيران 2013، حيث تحظى الجماعة الإرهابية بدعم من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وكانت السلطات المصرية أعلنت للمرة الثالثة أمس الثلاثاء، إحباط مخطط إرهابي كان يستهدف ضرب البلاد، المتهمون الرئيسيون فيه هم 4 قيادات من أبرز العناصر التنظيمة الإخوانية الهاربة في تركيا، وهم: مدحت الحداد، وأيمن عبدالغني، ومحمود حسين، وياسر زناتي.
الإرهاب وأردوغان.. مصالح مشتركة
وقال المفكر الإسلامي ثروت الخرباوي إن العلاقة بين تركيا وجماعة الإخوان الإرهابية تستند إلى المصلحة المتبادلة؛ إذ تدعمهم أنقرة بالمال والسلاح مقابل مساعدتها في إعادة إحياء ما يسمى بـ"الإمبراطورية العثمانية".
ووفقًا للخرباوي، فإن الجماعة الإرهابية نقلت اجتماعاتها التنظيمية بشكل كامل إلى إسطنبول، التي تشارك الدوحة في احتضان أخطر العناصر بالتنظيم الإرهابي عقب ثورة 30 يونيو، موضحا أن جميع العمليات الإرهابية التي نفذتها الجماعة كانت أوامر خرجت من تلك الدولتين ووفرت لها الدعم المالي واللوجيستي.
وفي تصريح رسمي سابق، أقر ياسين أقطاي مستشار الرئيس التركي والمسؤول الأول عن ملف الإخوان بالنظام التركي، بأن عدد المصريين الموجودين في تركيا من عناصر التنظيم تجاوز 15 ألف شخص، غير أن إحصائيات غير رسمية أكدت أن العدد تجاوز أضعاف ذلك بكثير.
ويحرص أردوغان على عقد لقاءات دورية مع قيادات الجماعة الإرهابية، أبرزهم: محمود حسين الأمين العام بالتنظيم الإرهابي، ومدحت الحداد شقيق مستشار الرئيس المعزول محمد مرسي ورئيس ما يسمى مجلس شورى الإخوان بإسطنبول، وهما متهمان رئيسيان بقضية خلية التهريب الإخوانية التي ضبطتها مصر مؤخرا، فضلا عن كونهما مدرجين على قوائم الإرهاب ومطلوبين لدى مصر بتهمة الإرهاب.
أما ياسين أقطاي فيعقد اجتماعات دورية مع أعضاء الإخوان الإرهابية، كما يشارك في اجتماعات التنظيم الدولي بإسطنبول، حيث أكد "الخرباوي" لـ"العين الإخبارية" أن أقطاي مكلف بمتابعة شؤون عناصر التنظيم الإرهابي.
أهل الشر في إسطنبول
رحلة طويلة وشاقة قطعها الشاب (محمد. ش) إلى تركيا عبر السودان، بطريق غير شرعي، ليصل في نهايتها إلى ممر ضيق أمام مسجد الفاتح بإسطنبول، حيث كان في استقباله أحد قيادات جماعة الإخوان الإرهابية المسؤول عن تسهيل عملية إقامته هناك، تبعتها أيام قضاها على مقربة من عناصر الإرهاب المقيمين هناك، لكنه يحلم اليوم بالعودة إلى مصر.
هذا الشاب المنشق عن جماعة الإخوان الإرهابية يروي لـ"العين الإخبارية" تفاصيل ما يجري في إسطنبول، موضحًا أنه انضم للجماعة منذ عام 2002، عندما كان طالبا بكلية الحقوق بجامعة بني سويف (جنوب القاهرة)، وتم تصعيده في التنظيم إلى أن وصل لمسؤول الشباب بمحافظته، وشارك في مظاهرات الإخوان بالجامعات والاعتصامات حتى عام 2013، الذي شهد تحولا جذريا في حياته بعد سقوط الجماعة في مصر.
واضطر بعد ذلك للسفر إلى تركيا عن طريق الحدود بين مصر والسودان ومنه إلى إسطنبول، حيث رافقه العشرات من شباب التنظيم الإرهابي.
وفي تركيا كان محمد أكثر احتكاكا بقيادات التنظيم، وعرف الكثير من الحقائق التي كانت غائبة عنه، مما دفعه لمراجعة فكرته والانشقاق بشكل سري لحين تأمين عودته إلى مصر.
يقول محمد إن التنظيم الدولي للجماعة الإرهابية اجتمع بكامل هيئته نهاية عام 2013، في اجتماع كبير حضره قيادات التنظيم بالعالم، ومنهم: راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة بتونس، وإبراهيم منير أمين التنظيم الدولي المقيم في لندن، وممثلون عن الإخوان من كل دول العالم.
وأقر الاجتماع الذي عقد في إسطنبول بحضور ممثلين رسميين عن الحكومة التركية، ما عُرف وقتها بـ"وثيقة الأزمة"، أعدها ذراع التخطيط في التنظيم الدولي الذي يحمل اسم "المركز الدولي للدراسات والتدريب".
وناقش المجتمعون من الإخوان الإرهابية في الدول العربية ومن أنحاء العالم، خطوات محددة لمواجهة أزمة الجماعة في مصر، وسبل تخفيف النتائج السلبية على التنظيم العالمي كله وفروع التنظيم في الدول المختلفة.
وأصبحت الوثيقة التي وضعت آليات محددة لإنهاء أزمة التنظيم المنهار بمصر، بمثابة خارطة طريق للجماعة على مدار السنوات الماضية، خاصة أنها وضعت العنف كخيار مطروح للخروج من الأزمة ونظمت سبل دعم وتمويل الإخوان بمصر لتنفيذ تلك العمليات.
ووضعت الوثيقة تركيا وقطر دولتين داعمتين للإخوان الإرهابية بكل قوة، من أجل تنفيذ ذلك المخطط.
وفي 25 يونيو/حزيران الماضي، أعلنت السلطات المصرية إجهاض مخطط عدائي أعدته قيادات الجماعة الإرهابية في تركيا بالتنسيق مع القيادات الموالين لها، ممن يدعون أنهم ممثلو القوى السياسية المدنية تحت مسمى "خطة الأمل".
تعتمد هذه الخطة على توحيد صفوف الجماعة الإرهابية وما يسمى بـ"القوى المدنية"، وتوفير الدعم المالي لهم من عوائد وأرباح بعض الكيانات الاقتصادية التي يديرها قيادات الجماعة والعناصر الموالية لها، لاستهداف الدولة المصرية ومؤسساتها، وصولا لإسقاطها تزامنا مع احتفالات 30 يونيو.
وكشفت تحقيقات السلطات المصرية عن وجود 15 شركة وكيانا اقتصاديا تتم إدارتها من خارج مصر، وتحديدا من إسطنبول لتوفير الدعم المالي لهذا التنظيم.
حرب إعلامية
واحد من أبرز محاور وثيقة الأزمة، كانت صناعة إمبراطورية إعلامية ضخمة للإخوان في تركيا، تستهدف مصر والبلاد العربية الرافضة لسياسات الإخوان.
وبالرغم من فشل المنظومة الإعلامية للإخوان وانهيارها تماما على مدار سنوات، إلا أنها لا تزال تمثل أبواق فتنة وتسعى بكل جهد لتدمير المنطقة وإن كانت محاولاتها فاشلة رغم المليارات التي أنفقت عليها.
وتعد "مكملين" و"الشرق" من أهم الفضائيات التي تُعبر عن خطاب العنف عند "الإخوان"، وكلٌ منهما نشأت في عام 2014، وتبث برامجها من داخل تركيا مع بعض الفضائيات والمواقع الإلكترونية الأخرى، مثل "وطن" و"العربي الجديد" وصحيفة "هاف بوست" موقع إلكتروني، وشبكة "رصد" و شبكة "ناشرون الإخبارية" و"شبكة أخبار الإخوان المسلمين".
ويُضاف إلى هذا الكم الهائل من وسائل الإعلام شبكة قناة الجزيرة القطرية، التي توجه نيرانها صوب أي دولة تنتقد سياسيات التنظيم الإرهابي.
هل ينقذ إرهاب الإخوان أردوغان؟
يتوقع الخرباوي مزيدا من الدعم للإخوان في تركيا خلال الفترة المقبلة؛ لسببين: الأول يتعلق بتراجع شعبية أردوغان ورغبته في استغلال الجماعة لتحقيق قدر من التوازن.
أما السبب الثاني فيتعلق بالجماعة الإرهابية ذاتها، لمواجهة التضييق عليها ومحاصرة عناصرها في الدول العربية.
ورغم المطالبات المستمرة من جانب مصر إلى تركيا لتسليم عناصر إخوانية مطلوبة على ذمة قضايا إرهاب في مصر، إلا أن أنقرة رفضت ذلك تماما على مدار عدة سنوات.
وبأوامر مباشرة من أردوغان يعمل البرلمان التركي على إعداد مشروع قانون لتجنيس عدد من قيادات الإخوان الهاربة على أراضي تركيا، وبعض ممن يحملون جنسيات أخرى من السوريين والعراقيين والليبيين، بزعم حاجة العمل لأشخاص يجيدون التحدث باللغة العربية في عدد من القطاعات الحكومية التركية، التي تشترط على من يتولونها بأن يكونوا حاملين الجنسية التركية.
aXA6IDMuMTQuMjUxLjEwMyA= جزيرة ام اند امز