يوميات العزلة.. حجر كورونا بعيون المغتربين المصريين
"العين الإخبارية" تواصلت مع 3 شباب للتعرف على تجاربهم المختلفة خارج مصر في ظل انتشار كورونا
مشاعر يومية متشابهة جمعتهم بعد تفشي فيروس "كوفيد-19"، وأصبح الخوف من الغد عاملا مشتركا بين 3 شباب مصريين مقيمين بالخارج رغم اختلاف ظروف حياتهم.
"العين الإخبارية" تواصلت معهم للتعرف على يومياتهم في ظل انتشار كورونا.
علي زرعي.. التصوير منقذ
لم يدر بخلده عندما قرر السفر إلى ألمانيا أن القلق سيلازمه الأيام وتصبح العزلة روتين يومه، وصل "علي زرعي" إلى مدينة هانوفر الألمانية في 17 من فبراير/شباط الماضي، لدراسة دبلومة تصوير بإحدى الجامعات الألمانية.
وفي أقل من شهر تحولت الحياة بشكل جذري، يقول المصور الوثائقي "جئت إلى هانوفر لدراسة التصوير الوثائقي والصحفي، وخلال فبراير كانت الدراسة مستمرة، ومع تزايد الإصابات تحولت الدراسة أون لاين بعد حظر التجمعات وتشديد الإجراءات في وسائل النقل العامة والمحال التجارية".
أجواء من العزلة التامة تعيشها هانوفر، بعد إغلاق المناطق السياحية والمتنزهات والتزام السكان منازلهم، ويصف المصور المصري المدينة حاليا قائلا "هانوفر حزينة بدون حياة".
وعن دراسته، يفتقد زرعي المناقشة في المحاضرات. يقول "نستكمل المنهج أون لاين، دراسة التصوير تتطلب التواصل مباشرة، لكن الجميع مقتنع بضرورة الالتزام بالمنازل في هذا التوقيت".
صعوبة وثقل الأيام عليه، لم تمنعه من توثيق هذه اللحظات بعدسته، وبنبرة ممزوجة بالحماس والحزن يستكمل حديثه لـ"العين الإخبارية": "لأول مرة نعيش هذه الأجواء وتسجيلها مهم للغاية"، مقتديا بنصيحة أحد أساتذته في الجامعة بأهمية توثيق الأيام التي ستصبح جزءا من التاريخ.
يوما بعد يوم تزداد مخاوف زرعي من تفشي كورونا، ما جعل التصوير متنفسه الوحيد. يقول "مع تزايد قلقي على أسرتي وأصدقائي في مصر لجأت إلى التصوير كوسيلة للتعبير عن مشاعر الحزن والوحدة بتصوير نفسي وتفاصيل يومي التي كنت أغفل عنها"، معتبرا التعايش مع هذه التغييرات شجاعة.
وعلى الرغم من اعتياده تصوير الأشخاص عن قرب وإجراء أحاديث معهم، أجبره الفيروس على التزام مسافة مناسبة مع الآخرين والاكتفاء بتصوير شوارع المدينة التي امتلأت بالحزن وغاب عنها المارة.
منحته الظروف الحالية فرصة التقاط أول صورة مع جدته. ويقول "اعتدت الاطمئنان على أسرتي عبر المحادثة صوتا وصورة، ووثقت اللحظة بالتقاط أول صورة في حياتي مع جدتي".
رغم حنينه إلى التصوير في شوارع مصر برفقة أصدقائه يتمسك زرعي بحماسه لاستكمال الدراسة في هانوفر، متمنيا انتهاء الأزمة بسلام، وأن يدرك الجميع قيمة الحياة دون حروب.
آيات.. مسار جديد
داخل جدران منزلها، تقضي آيات يومها بين العمل وإعداد الفيديوهات التعليمية.
"آيات أبودومة" معلمة لغة عربية بإحدى المدارس الدولية في دبي. تقول "بعد اتخاذ الإجراءات الوقائية بوقف المدارس حتى نهاية العام الجاري وتطبيق التعلم عن بعد، أصبح عملي من المنزل، ونظرا لخضوع الشوارع لتعقيم يومي من الساعة 8 مساء أصبحت تحركاتي محدودة لشراء الضروريات فقط".
مشاعر الفتاة المصرية تتابين ما بين عدم التصديق والقلق، خصوصا مع الوتيرة المتسارعة للأحداث.
تسرد أثناء حديثها لـ"العين الإخبارية": " لا أستوعب كل التطورات، وربما انشغالي بالتدريس من المنزل لم يمنح الخوف فرصة للتملك مني"، متذكرة الإعلان عن تقييد الحركة في مارس/آذار الماضي بداية لإدراكها صعوبة الوضع بالعالم.
وفي الوقت نفسه، وجدت آيات في العمل أون لاين "هدنة" من ضغوط المهنة التي تمارسها منذ 10 سنوات، وتقول "مستمتعة بالتدريس عن بعد تجربة تضيف مهارات جديدة، خاصة مع حرص المدرسة على إيصال المعلومة للطلاب والتواصل المستمر معهم".
وعن أدوات التدريس عن بعد، تقول "هناك تطبيق مخصص لعرض فيديوهات الدروس مع إتاحة وسيلة التقييم للطلبة، وفي مراحل تعليمية أخرى يطبق نظام حصص دراسية كاملة بقواعد صارمة".
اهتمام آيات الجم بعملها جعلها تخصص ساعات في اليوم لتسجيل الفيديوهات التعليمية ومتابعة استفسارات أولياء الأمور والطلبة عبر التطبيق التعليمي.
رغم إقامتها في الإمارات منذ سبتمبر/أيلول 2018 بمفردها لكن زيارة شقيقتها لها قبل توقف الرحلات كانت طوق نجاة من الشعور بالعزلة. وبصوت خافت يملؤه القلق، تقول آيات "ليس لدي تخيل عن كيفية عودة الحياة لطبيعتها، أظن أن القلق سيستمر فترة حتى بعد نهاية الأزمة".
مؤشرات مطمئنة
بتوقف رحلات الطيران، تسلل القلق تدريجيا إليه، وهو الأمر الذي لم يعهده خالد خضر منذ سفره للسعودية في 2012. يقول "تفاوت شعوري بالقلق مع تطور الإجراءات، بداية من العمل عن بعد وصولا إلى تطبيق حظر التجول وتوقف الطيران".
ولمس الشاب المصري تأثير قرار وقف الرحلات بشكل مباشر، لعمله بإحدى شركات الموارد البشرية والاستقدام بالرياض، ويقول في حديثه لـ"العين الإخبارية": "بدأت الإجراءات الصارمة بتطبيق حظر التجول من الساعة 3 عصرا وحتى 6 صباحا، وإغلاق كافة المولات والمتنزهات إضافة إلى تعليق رحلات الطيران منعا من تفشي الفيروس".
وجاءت الإجراءات مطمئنة لقلبه، معتبرا الرقابة الشديدة على تطبيق إجراءات الوقاية في المحال التجارية والشوارع "بارقة أمل" في مواجهة الفيروس القاتل، خصوصاً بعد إتاحة علاج المقيمين من كورونا بالمجان بجميع المستشفيات.
متابعته اليومية للأخبار وتوقف الرحلات فاقمت شعوره بالخوف على عائلته في مصر، لتصبح مواقع التواصل وسيلة خالد للاطمئنان عليهم، مدركا أهميتها في تقريب المسافة في زمن كورونا.
لينحصر يومه في المنزل، ويرى أن العمل أون لاين لن يعيقه عن أداء مهامه، يقول "أدوات وظيفتي تتطلب الإنترنت أكثر من وجودي بالعمل ما يجعل الأمر سهلا".
ولا يهون على خالد صعوبة الأيام سوى وجود زوجته وابنه معه، معتبرا أن الفترة الحالية فرصة لإعادة ترتيب أفكاره في الحياة، حالما باكتشاف دواء ليتعافى العالم من الوباء.