النصر لصناعة السيارات.. عملاق مصري عائد من القرن الماضي
مراحل عدة مرت بها شركة النصر المصرية لصناعة السيارات، منذ إطلاقها في القرن الماضي، لتعود للظهور من جديد، كمنافس قوي في سوق السيارات.
شركة "النصر لصناعة السيارات"، تعد أول شركة سيارات في مصر، والشرق الأوسط، وهي تقع في وادي حوف بحلوان جنوب القاهرة، وتم تأسيسها عام 1959، ضمن مشروع القيادة المصرية بهدف إنشاء مشروع قومي يقوم بنهضة صناعية كبرى.
محطات مهمة
وأنتجت الشركة بالفعل عددا من الطرازات الناجحة ذات الأسعار التنافسية بالسوق المصرية، والتي تعلق بها المصريون، قبل أن تتدهور تدريجيا بفعل الإدارة المترهلة.
وهي تابعة حاليا للشركة القابضة للصناعات المعدنية الحكومية، المملوكة لوزارة قطاع الأعمال المصرية.
تأسيس شركة "النصر للسيارات" مر بمحطات مهمة شهدت حالات من الازدهار، والاختفاء، بدأت عام 1957، بتشكيل لجنة تضم وزارة الحربية، ووزارة الصناعة، لإنشاء صناعة سيارات "اللوري" والأتوبيسات في مصر.
وتم دعوة شركات عالمية لإتمام المهمة، وبالفعل أسند هذا المشروع إلى شركة ألمانية تحمل اسم "كلوكنر همبولدت دوتيز" (Klöckner-Humboldt Deutz (KHD))، والمعروفة حاليا باسم "دويتز آ.جي" (Deutz AG).
وتم التوقيع على القرار عام 1959، ثم صدر القرار الجمهوري رقم 913 في 23 مايو/ أيار 1960 بتأميم شركة النصر لصناعة السيارات، لتصبح ملكًا للحكومة المصرية.
تم افتتاح خطوط التجميع في وادي حوف عام 1960، وتوالت عقود مشروعات تصنيع سيارات الركوب مع شركة NSU الألمانية، وشركة فيات الإيطالية، والجرارات الزراعية مع شركة IMR اليوغوسلافية، والمقطورات مع شركة بلاوهيرد الألمانية.
وتعتبر شركة النصر للسيارات من الشركات القليلة في الشرق الأوسط في إنتاج اللوري، والأتوبيسات، والجرارات الزراعية، وسيارات الركوب، وتطور إنتاج الشركة بشكل كبير بفضل العمالة الماهرة والمدربة عن طريق أكبر مراكز التدريب الألمانية.
كما عملت شركة " النصر للسيارات" على تجميع سيارات فيات الإيطالية في مصانعها وحازت على ثقة المصريين، وكانت أكثر السيارات مبيعا في السوق المصرية.
وأنتجت الشركة عدة طرازات تابعة لشركة "فيات" الإيطالية، تصدرت بها سوق المبيعات في وقت إنتاجها، وكان أشهرها "نصر 128و 127، تمبرا، فلوريدا، نصر شاهين".
التصفية والتدهور
بعد سنوات من الازدهار في مجال صناعة السيارات، دخلت الشركة في مرحلة من التدهور مع بداية تسعينيات القرن الماضي، بداية من تشجيع الحكومة المصرية على إنشاء مصانع خاصة لإنتاج وتجميع السيارات، وبدأت عدة شركات عالمية بإنشاء مصانع لها في مصر.
وقدمت عدة موديلات حديثة تلبي احتياجات المستهلك، وذلك مقارنة بما كانت تقدمه شركة "النصر" من موديلات أوقف إنتاجها في مصانع "فيات"، منذ سنوات، حيث ظهرت ماركات أخرى مثل "سوزوكي، وهيونداي، وبيجو"، بالإضافة إلى "أوبل"، التابعة لمصنع "جنرال موتورز مصر" العامل في مصر منذ نهاية السبعينيات.
وفي ظل تلك المنافسة، تراجعت مبيعات شركة "النصر" بشدة مما أدى إلى زيادة الديون المتراكمة على الشركة.
وبدأت إجراءات تصفية شركة "النصر" للسيارات بسبب تراكم مديونياتها إلى 2 مليار جنيه، وتم تقليص عدد العمالة من 10 آلاف إلي 300 عامل حيث قدمت الشركة ميزانيتها محققة خسائر 165 مليون جنيه.
وجاء تراكم مديونيات شركة النصر لصناعة السيارات لسببين، الأول بسبب عدم توافر عملات أجنبية لإبرام اتفاقيات السيارات المراد تجميعها.
أما السبب الثاني فقد كانت السياسات الخاطئة بالتسعير الجبري للسيارة خلال فترة السبعينيات وأوائل الثمانينيات، حيث كانت الحكومة تتبع السياسات الاشتراكية لتيسير حصول المواطنين على سيارة بما يتناسب ومتوسط الدخل للفرد في مصر.
وعلى سبيل المثال، فقد بيعت سيارة نصر 133 في أوائل الثمانينات بمبلغ 3 آلاف جنيه مصري، في حين كانت تكلفة تصنيعها حوالي 5 آلاف جنيه مصري.
العودة للعمل
قرر مجلس الشورى المصري عودة الشركة للعمل في شهر مارس/آذار 2013، لتعود للعمل تحت إشراف وزارة الإنتاج الحربي.
إحياء "النصر للسيارات"
وقررت وزارة قطاع الأعمال العام المصرية، إعادة إحياء شركة النصر لصناعة السيارات، وذلك بالتعاون مع كبرى الشركات المصنعة للسيارات في الصين لإنتاج السيارات الكهربائية.
وتم توقيع مذكرة تفاهم بين شركتي النصر للسيارات، و"دونج فينج"، في يونيو/ حزيران 2020 لإنتاج السيارة "نصر E70".
وبعد توقيع مذكرة التفاهم، تم إجراء دراسة بين الجانبين أوصت فنيًا بإقامة المصنع بطاقة قصوى 50 ألف سيارة سنويًا، تبدأ في العام الأول بعدد 25 ألف سيارة.
يهدف المشروع إلى وضع مصر على خريطة الدول المصنعة للسيارات وإعادة إحياء شركة النصر، وعلامتها التجارية العريقة، الأمر الذي يسهم في خفض الواردات، وفتح المجال للتصدير، وتقليل مستوى التلوث والتوسع في مشروعات الكهرباء النظيفة وتوطين صناعة السيارات الكهربائية والسعي نحو تصنيع سيارة مصرية محليًا بنسبة 100%.
ومن منظور الكفاءة الاقتصادية، تسهم السيارة الكهربائية في توفير تكاليف الوقود ومصروفات الصيانة، بالإضافة إلى خفض الانبعاثات الدفيئة وتحسين جودة الهواء.
aXA6IDMuMTM3LjE5OC4xNDMg جزيرة ام اند امز