ضابط مصري بـ"حفظ السلام": نتألم لمشاهد الصراع ونسعد بخدمة المدنيين
3 آلاف مصري يعملون ضمن قوات حفظ السلام حول العالم، بما يجعل مصر سابع أكبر المساهمين فيها والأولى عربيا.
يعمل الرائد في الجيش المصري أحمد الجوهري، ببعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في جمهورية أفريقيا الوسطى، وما يسعده في هذه التجربة هو أنه يخدم المدنيين الأبرياء، وأكثر ما يؤلمه رؤية آثار الصراع الداخلي المسلح عليهم.
بهذه العبارات، لخص موقع الأمم المتحدة على الإنترنت ما يعتبره مهام قوات حفظ السلام الأممية المنتشرة في عدد من الدول، وتضحيات الضباط والجنود المشاركين فيها، في إطار حملة "خدمة وتضحية" التي أطلقتها للتعريف بمساهمات أعضاء بعثات حفظ السلام.
وفي حديثه للموقع الأممي عرف الجوهري نفسه بالقول: "أنا الرائد أحمد الجوهري، عمري 36 عاما. متزوج ولدي ابنتان تبلغان من العمر سنتين ونصف، وعاما ونصف العام".
يفتقد أسرته كثيرا، ولكنه يشعر أنهم معه دائما بدعواتهم.
"أفتقدهم جدا. أتحدث معهم كل يوم. والشيء الجيد أن الإنترنت يجعل الأماكن البعيدة أكثر قربا من بعضها. فلا يشعر الشخص أنه في بلد آخر. أتواصل مع أسرتي عبر الفيديو، وأطمئن عليهم دائما".
والجوهري واحد من أكثر من 3 آلاف مصري يخدمون تحت راية الأمم المتحدة في عدد من البعثات بأنحاء العالم، بما يجعل مصر سابع أكبر المساهمين بأفراد نظاميين في عمليات حفظ السلام الدولية، والدولة العربية الأولى في هذا المجال، بحسب التقرير الأممي.
وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تشكلت في إطار الحفاظ على فض الاشتباك بين الأطراف المتصارعة، أو الهدنة واتفاقيات السلاح للحيلولة دون تجدد الصراع.
وتشكلت لأول مرة على صدى الصراع في فلسطين عام 1948، بقرار من مجلس الأمن الدولي الخاص بنشر مراقبين عسكريين تابعين للأمم المتحدة لمراقبة الهدنة بين الإسرائيليين والعرب.
وتتألف عملية حفظ السلام من أفراد عسكريين وشرطة وموظفين مدنيين لتقديم خدمات أمنية وإنسانية لأبناء الدولة التي يعملون بها، وحاليا تنتشر 15 بعثة لعمليات حفظ السلام في 4 قارات.
أما مصر فقد بدأت مشاركتها في بعثات حفظ السلام عام 1960 في الكونغو، ووصل عدد المصريين المشاركين فيها إلى 30 ألفا، عملوا في 24 دولة بأفريقيا وآسيا وأوروبا وأمريكا اللاتينية، وفقد خلالها 39 مصريا حياتهم خلال أداء عملهم.
كما يوجد في مصر، على الحدود بينها وبين إسرائيل، بعثة أممية لحفظ السلام لمراقبة التزام الجانبين باتفاقية السلام المبرمة عام 1979.
وفي حديثه لموقع الأمم المتحدة على الإنترنت قال الرائد الجوهري، إنه عندما وصل للمرة الأولى إلى جمهورية أفريقيا الوسطى أعجب كثيرا بجمال طبيعتها وخضرتها، إلا أنه صدم من الأوضاع الصعبة التي يعيش في ظلها السكان، ولكن ذلك منحه دفعة أكبر للعمل لخدمتهم.
وبدأ الجوهري العمل مع بعثات حفظ السلام عام 2010 عندما التحق ببعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي المختلطة في دارفور بالسودان (يوناميد) التي خدم فيها مرتين، قبل مشاركته ببعثة حفظ السلام في جمهورية أفريقيا الوسطى المعروفة باسم مينوسكا.
وعن عمله الآن قال: "كل يوم نقوم بأعمال الدورية طيلة اليوم للتأكد من الوضع الأمني والتدخل عندما يتطلب الأمر عند مساس أي جهة بالأمن. نحاول دائما حماية الأبرياء من أي جماعة تريد إلحاق الضرر بهم. وهذا هو الدور الرئيسي لأي بعثة حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة".
ويتذكر الجوهري الرحلة التي قام بها مع زملائه في ليلة رأس السنة إلى قرية فقيرة تضررت بشكل كبير من الصراع، إذ قاموا بتوزيع الهدايا على الأطفال، ويتذكر الابتسامة التي تمكن من رسمها على وجوه الأطفال التي كانت ومازالت تعني له الكثير، معتبرا أن مثل هذه اللحظات تشجعه على عمل المزيد من أجل خدمة المدنيين المتضررين من صراعات لا ذنب لهم فيها.
ويشارك الجوهري ثقافة بلده مع زملائه من حفظة السلام القادمين من مختلف دول العالم، ويتعلم هو أيضا الكثير عن ثقافاتهم وتقاليدهم. كما أنه يحتفظ بأعلام بلدانهم كتذكار لطفلتيه في مصر.
ويقول الجوهري: إن هذه التجربة الفريدة المتمثلة في خدمته ببعثة دولية لحفظ السلام، أثرت بشكل كبير حياته المهنية والشخصية.
ونصيحته لمن سيلتحقون ببعثات حفظ السلام لأول مرة، فهي "فكروا في الأناس الذين ستخدمونهم، وفكروا أنكم قد تكونون في مكانهم لو اختلفت الظروف. تذكروا أنكم تمثلون المجتمع الدولي وبلدكم".
أما رسالته إلى سكان جمهورية أفريقيا الوسطى المتصارعين مع بعضهم بالسلاح، فتمنى فيها أن يتوقف القتال بين أبناء الدولة الواحدة، وأن يعملوا لنشر السلام من أجل بلدهم وأبنائهم.
وانزلقت جمهورية أفريقيا إلى العنف الطائفي عام 2013 بين المسلمين والمسيحيين؛ بسبب مليشيات من المرتزقة والعصابات سيئة السمعة تدعى "السيليكا" شنت عدة مذابح بين الطرفين.
aXA6IDMuMTM1LjIxNC4xMzkg جزيرة ام اند امز