الاقتصاد المصري في 5 سنوات.. من "حافة الهاوية" إلى "جنة المستثمرين"
في 2014 خرج اقتصاد مصر منهكا من اضطرابات طويلة عطلت المحركات الرئيسية للنمو.. لكنه استعاد بريقه سريعا فيما يشبه المعجزة
قبل 5 سنوات وتحديدا في عام 2014، بدا الاقتصاد المصري منهكا بعد اضطرابات سياسية طالت البلاد منذ عام 2011 وأدت إلى إرباك خطط النمو وعطلت المحركات الاقتصادية الرئيسية مثل السياحة والاستثمار الأجنبي، لكن وفي غضون سنوات قليلة تمكنت مصر من استعادة بريق اقتصادها فيما يشبه المعجزة، وتحولت من "حافة الهاوية" إلى "ملاذ آمن للمستثمرين الأجانب".
المعجزة المصرية كانت محط انتباه العديد من وسائل الإعلام الدولية المتابعة للشأن الاقتصادي، وعلى رأسها "بلومبرج" و"فاينانشيال تايمز" و"وول ستريت" التي رصدت في عدة تقارير على مدى الفترة الماضية مراحل هذا التحول الذي قاده الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، مستخدما واحدة من أجرأ خطط الإصلاح الاقتصادي.
في مصر المنهكة، قبل 5 سنوات، كان الاقتصاد المصري "يتأرجح على حافة الهاوية"، وفقا لصحيفة "فاينانشيال تايمز"، التي أشارت إلى نفور المستثمرين الأجانب في ظل المصاعب التي كانت تواجه رجال الأعمال للحصول على الدولار لدرجة اللجوء إلى السوق السوداء التي تبيع العملة الأجنبية بأسعار تتجاوز كثيرا نظيرتها الرسمية.
وفي مصر الحالية، بحسب "فاينانشيال تايمز" في تقرير نشر أغسطس/آب الماضي، أقبل المستثمرون الأجانب على البلاد باعتبارها واحدة من أسرع الاقتصادات نمواً في المنطقة، وأصبحت مصر ملاذا آمنا لمستثمري السندات الدوليين الذين يبحثون عن عوائد عالية ويهربون من بيئة الأعمال غير المستقرة في الكثير من أسواق العالم.
أفضل خطة إصلاح في الأسواق الناشئة
أشاد المستثمرون بتنفيذ النظام المصري الحالي لإصلاحات جريئة وحساسة رغم رفض العديد من الإدارات السابقة تنفيذها، وفق خطة مدروسة بالتعاون مع صندوق النقد الدولي.
"ما حققته مصر كان أفضل قصة إصلاح في الشرق الأوسط وربما في أي سوق ناشئة"، يقول روشير شارما، كبير الاستراتيجيين العالميين في مورجان ستانلي، مشيرا إلى المكاسب الاقتصادية التي حققتها مصر ومعبرا عن تفاؤله بمستقبلها.
الأرقام تترجم الحقائق التي يراها العالم ويشيد بها، فقد تسارع النمو الاقتصادي لمصر إلى 5.6% في السنة المالية الماضية ليسجل أعلى مستوى منذ عام 2010. كما انخفض العجز إلى 8.2% من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 12.2% قبل 3 سنوات.
وفي يونيو/حزيران الماضي، انخفض التضخم في مصر إلى ما دون 10% للمرة الأولى منذ عام 2016، ليتبدد الأثر الجانبي لقرار تعويم الجنيه الذي جنت مصر ثماره، وفقا لوكالة بلومبرج، التي قالت في تقرير نشر في يوليو/تموز الماضي إن قرار التعويم الذي كان مؤلما للمصريين حوّل البلاد إلى مركز جذب للمستثمرين.
وبحسب بلومبرج أيضا في تقرير نشر أغسطس/آب الماضي، تحولت مصر من منطقة أزمات إلى ملاذ آمن للمستثمرين، بينما أصبح الجنيه المصري محصنا من العواصف التي هوت بالليرة التركية والبيزو الأرجنتيني إلى مستويات منخفضة قياسية.
إقبال غير مسبوق على الجنيه المصري
وعلى الصعيد ذاته، أشارت صحيفة وول ستريت الأمريكية إلى "إقبال غير مسبوق" على الجنيه المصري من قبل المستثمرين الدوليين، وأوضحت في تقرير نشر يونيو/حزيران الماضي، أن العملة المصرية كانت من بين أفضل الاستثمارات أداءً في سوق العملات الأجنبية التي تعرضت لضغوط من قوة الدولار والمخاوف من تباطؤ النمو العالمي، حيث ارتفع الجنيه المصري بأكثر من 7% منذ يناير 2019.
وقالت "وول ستريت" إن عامل الجذب الرئيسي للجنيه المصري هو قدرته على مواجهة المخاوف التي طغت على الأصول الأخرى هذا العام، بما في ذلك الاحتكاك التجاري بين الولايات المتحدة والصين وقرارات مجلس الاحتياطي الفيدرالي (المركزي الأمريكي) والبنوك المركزية الرئيسية الأخرى.
الأسهم المصرية أيضا شكلت قصة نجاح أخرى، حيث قفز المؤشر الرئيسي للبورصة المصرية "إيجي إكس 30" من نحو 9 آلاف نقطة قبل 5 سنوات إلى نحو 13 ألف نقطة في بداية 2019 ثم في حدود 14.7 ألف نقطة حاليا، وقالت "بلومبرج" إن المؤشر كان الأفضل أداءً في العالم خلال أغسطس/آب الماضي بعد أن قفز بنسبة 7%.
وبينما تتسارع مؤشرات الاقتصاد الكلي استفادت مصر من الاستقرار الذي جلبه الرئيس السيسي، فانتعش قطاع السياحة محققا طفرة كبيرة ليجذب 9.8 مليون سائح في 2018 بزيادة 47.5%، وفقا لرويترز.
الطفرات الاقتصادية التي تعبر عنها الأرقام تبدو مجرد نقطة انطلاق للاقتصاد المصري في ظل إعلان الحكومة المصرية عن العديد من المشروعات القومية الضخمة التي تخدم بالأساس البنية التحتية للدولة سواء في الطرق أو الطاقة أو أو اللوجستيات أو إنشاء المدن الجديدة أو تعزيز البنية التكنولوجية والتحول الرقمي والشمول المالي، وهي جميعا قواعد تعزز بناء اقتصاد قوي ومتماسك ومتنوع عليها.
وبينما تشير توقعات المحللين إلى أن مصر ستكون الأسرع نموا هذا العام في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تؤكد تقارير من مؤسسات دولية عديدة مثل صندوق النقد والبنك الدوليين أن مصر "على المسار الصحيح والأكثر استدامة"، وإن كانت بعض التحديات لا تزال عالقة، وعلى رأسها جذب استثمارات أجنبية مباشرة في قطاعات أخرى بخلاف النفط والغاز، والمزيد من تهيئة البيئة التشريعية وتشجيع القطاع الخاص.
aXA6IDMuMTQ5LjI1My43MyA= جزيرة ام اند امز