لا أفلام مصرية في الأوسكار.. كواليس الانسحاب والاعتذار (خاص)
مساء الخميس، أعلنت نقابة المهن السينمائية في مصر، عدم ترشيح أي فيلم يمثل بلادها ضمن القائمة المبدئية المتنافسة على جائزة الأوسكار 2023.
ونوهت النقابة، خلال بيان قصير صادر عنها، بأن اللجنة المؤلفة من 18 عضوًا، والمكلفة بترشيح فيلم مصري للمنافسة على لقب أوسكار أفضل فيلم دولي، انتهت إلى "عدم ترشيح فيلم مصري لهذا العام"، دون إيضاح الأسباب التي آلت إلى اتخاذ هذا القرار.
حالة الغموض التي خيمت على قرار اللجنة، أضفت حيرة أكبر على المهتمين بالشأن الفني في مصر، خاصةً للتوترات التي شهدتها نقابة المهن السينمائية قبل نشر بيانها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كان من بينها سحب المخرج مجدي أحمد علي لفيلمه "2 طلعت حرب" من القائمة القصيرة للأعمال التي كان من المقرر لها تمثيل مصر ضمن ترشيحات الأوسكار الأولية.
هذه الأوضاع، التي أجهضت فرص التمثيل المصري في منافسات الأوسكار، ولدت رغبة لدى كثيرين لمعرفة كواليس اتخاذ القرار سالف الذكر، وما أحاط به من خلافات انتهت إلى الوصول لهذه النقطة.
المخرج مجدي أحمد علي ينتقد عمل اللجنة
في هذا الصدد، قال المخرج مجدي أحمد علي، الذي قرر سحب فيلمه "2 طلعت حرب" من قائمة الترشيح القصيرة قبل أيام، إن اللجنة المشكلة من جانب نقابة المهن السينمائية جاء تأليفها "بطريقة خاطئة" بحسب رأيه.
وأضاف "مجدي"، لـ"العين الإخبارية"، أن ما أصابه بضيق هو إدخال فيلم "19 ب" ضمن قائمة الترشيحات على نحو مفاجئ، رغم عدم عرضه تجاريًا على الجمهور بحسب شروط الأوسكار.
وأردف المخرج: "هذه هي المرة الرابعة التي تتحايل فيها اللجنة على شرط عرض الفيلم حتى الـ30 من نوفمبر. اللائحة تنص على أن يكون الفيلم قد عُرض، لا أنه سوف يتم عرضه. العام الماضي فعلت اللجنة نفس الأمر حينما رشحت فيلم (سعاد) الذي لم يُعرض حينها، ورفضته لجنة الأوسكار وتبددت فرصة مصر في المشاركة".
ترشيح فيلم "19 ب" اعتبره "مجدي" مجاملة لمنتجه محمد حفظي: "الـ4 وقائع الماضية كانت بسبب أفلامه، أنا ضد مبدأ التحيز".
كما انتقد المخرج المصري طريقة اختيار اللجنة المكلفة باختيار فيلم يمثل مصر في قائمة ترشيحات الأوسكار، قائلًا: "أنا أحترم النقيب مسعد فودة، لكن أبلغته بضرورة وضع معايير للأعضاء. أغلبهم صحفيون لا نقاد، مع كل احترامي لا علاقة لهم بالحكم على ذوق الأفلام".
عضو اللجنة يرد على الهجوم.. ويكشف كواليس القرار
في المقابل، رد الناقد طارق الشناوي، عضو اللجنة المشكلة من نقابة المهن السينمائية، على الانتقادات الموجهة إلى اللجنة، معتبرًا أن العمل لم يتضمن أي مواءمات أو "تربيطات".
ودافع "الشناوي"، خلال تصريحه لـ"العين الإخبارية"، عن أعضاء اللجنة، بقوله: "لا يجوز لأحد أن يطعن في ذمة الآخرين لا أدبيًا ولا قانونيًا، النقيب اختار أسماء كلها مهمة، وفيها تمثيل للأجيال الجديدة. هي قائمة متنوعة ويشار لها بالبنان".
وشدد الناقد الفني على وجود معيار يحكم اختيار أعضاء اللجنة، يتمثل في استبعاد العضو حال كان على صلة قرابة تصل إلى الدرجة الرابعة بأحد الفنانين المشاركين في الأعمال المتنافسة: "مثلًا المخرج عمر عبدالعزيز لم يشارك في اللجنة لقرابته من الفنان كريم عبدالعزيز بطل فيلم (كيرة والجن)".
كما نفى "الشناوي" تحايل اللجنة على شرط "الأوسكار" فيما يخص عرض الأعمال المرشحة تجاريًا، شارحًا: "اللائحة تنص على تقديم الورق قبل 2 أكتوبر، علمًا بأن أي فيلم سيعرض جماهيريا حتى 30 نوفمبر من حقه المشاركة، أي أن الأكاديمية منحت مساحة شهرين لأي فيلم للعرض".
وتابع: "هل أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة (أوسكار) لا تعلم أنه بالإمكان فشل عرض الفيلم؟ ما حدث لا يُعد خطأ، هناك احتمال بفشل عرض العمل لمختلف الأسباب بعد الدعاية له".
وتطرق "الشناوي" إلى كواليس عدم ترشيح فيلم مصري، فيروي: "بدأت اللجنة مهامها بالتصويت على قرار (هل مصر لها فيلم جدير بالمشاركة أم لا؟) كانت الإجابة بالأغلبية النسبية لا.. لابد ألا نعترض على رأي الجماعة.. أنا على المستوى الشخصي كنت أرى إمكانية المشاركة بفيلم".
أشار الناقد الفني إلى أن قرار الأعضاء تم اتخاذه دون تبيان سبب تصويتهم بالرفض، مكتفين بالقول: "لا يوجد فيلم يستحق.. فقط".
هل مشاركة مصر في فعاليات الأوسكار مهمة؟
في هذه النقطة، اتفق المخرج مجدي أحمد علي في رأيه مع الناقد طارق الشناوي، حيث اعتبرا غياب مصر عن فعاليات الأوسكار أمرا غير مؤثر.
فتابع "مجدي" تصريحه لـ"العين الإخبارية" بقوله: "هناك اهتمام مبالغ فيه بجائزة الأوسكار، هي مسابقة أمريكية تمنح جائزة واحدة لأفضل فيلم أجنبي، ولم يحدث على الإطلاق إلا في مرات قليلة أن دخلت الأعمال العربية إلى القائمة النهائية".
وأردف: "الأوسكار مليئة بالفساد ومشكلات كشفتها الصحافة الأمريكية. السينما المصرية الممثلة في مهرجانات دولية مثل كان وفينيسيا أهم كثيرًا من فعالية محلية كالأوسكار، الأمر في النهاية ليس بخطير".
وأكمل "مجدي": "مهما فعلنا لن نستطيع أن نلبي رغبات الذوق الأمريكي فهو مختلف.. لكن نأمل أن يشاهد العالم أفلامنا".
فيما اعتبر الناقد طارق الشناوي، الذي يردف تصريحه لـ"العين الإخبارية"، أن "المشاركة في الأوسكار ليست انتصارًا، وعدم المشاركة فيها ليست هزيمة.. النجاح لو مصر اختيرت في القائمة الطويلة".
بينما اختلفت معهما في الرأي الناقدة المصرية ماجدة خيرالله، فقالت، لـ"العين الإخبارية"، إن المشاركة في الأوسكار مهمة، نظرًا للتاريخ العريق لهذه الفعالية الكبرى بحسب رأيها.
ترى "ماجدة" أن الفيلم المصري بشكل عام ينقصه الكثير للمنافسة في مثل هذه الفعاليات، موضحةً: "الأفلام غارقة في التجارية.. المنتج يركز على موعد طرح فيلمه بدور السينما في الأعياد وعلى جذب نجوم كفيلين بجلب أكبر قدر من العوائد المادية، دون التركيز على أحداث تقدم مشاعر ومواقف حقيقية.. لا أحد يقدم فنًا حتى يبقى".
تشير "ماجدة" إلى أن أصحاب صناعة السينما في مصر يحاربون أنفسهم: "مثلًا فيلم (ريش) كانت لديه فرصة للترشح، لم تستقبله أي من دور العرض السينمائي، وبالتالي سقط شرط العرض التجاري، وهذا رغم حصوله على جائزة في مهرجان كان حينها".
وختمت: "الموضوع لا يتعلق بحجم التكاليف المبذولة، وإنما بالمشاعر الإنسانية التي يمكن للعالم أجمع أن يشعر بها وتكون مفهومة".
حقائق
يُذكر أن مصر لم يسبق لها المشاركة بفيلم ضمن قائمة التصفيات النهائية لترشيحات الأوسكار لأفضل فيلم دولي من قبل.
وخلال الأعوام الماضية، رشحت مصر عددًا من الأفلام التي خرجت جميعها من المنافسات في مراحلها الأولى لأسباب مختلفة.
ومن أبرز الأفلام التي رشحتها مصر في السنوات الأخيرة كانت "شيخ جاكسون" في 2017، و"يوم الدين" في 2018، و"ورد مسموم" في 2019، و"لما بنتولد" في 2020"، وأخيرًا "سعاد" في العام الماضي.
ورغم تنافس أفلام "كيرة والجن"، و"قمر 14"، و"19 ب"، و"الجريمة" خلال العام الجاري، إلا أن اللجنة المشكلة من نقابة المهن السينمائية لم تختر أيا منها لتمثيل مصر.
دول عربية ترشح أعمالها
على صعيد آخر، حرصت بعض الدول العربية على ترشيح أعمالها للقائمة المبدئية للأعمال، المتنافسة على أفضل فيلم دولي ضمن جوائز الأوسكار.
فرشحت المملكة الأردنية فيلم "فرحة" للمخرجة دارين سلام، فيما اختارت فلسطين فيلم "حُمى البحر المتوسط"، من إخراج وكتابة مها الحاج.
وفي نفس السياق، اختارت تونس فيلم "تحت الشجرة" للمخرجة أريج السحيري، فيما رشحت الجزائر فيلمها "إخواننا"، لتمثيلها في جائزة أوسكار أفضل فيلم دولي لعام 2023.
aXA6IDMuMTM2LjE5LjEyNCA=
جزيرة ام اند امز