المصري محمد زيدان.. موهبة نادرة لم تجد دور البطولة
"العين الرياضية" تسلط الضوء على المسيرة الذهبية والاستثنائية للمصري محمد زيدان نجم بروسيا دورتموند الألماني السابق
امتلك محمد زيدان، نجم منتخب مصر وفريق بروسيا دورتموند الألماني السابق، موهبة استثنائية وقدم مردودا إيجابيا للغاية مع "الفراعنة" خاصة في بطولتي كأس أمم أفريقيا 2008 و2010، بل وكان صاحب التمريرتين الحاسمتين في النهائي خلالهما، لكنه أبدا لم يكن نجم الشباك رغم ذلك.
ولم يتوقف الأمر عند ذلك، حيث تكرر أيضا في مباراة البرازيل بكأس القارات 2009 التي سجل خلالها هدفين، وقدم أفضل عرض فردي للاعب كرة مصري، وأيضا لم يكن محور التركيز بعد اللقاء، وكان الاهتمام من نصيب نجوم آخرين.
تلك كانت طبيعة محمد زيدان خلال تاريخه في الملاعب، إذ كان دائما ما يصنع الفوز في المباريات التاريخية ويقدم أعظم المستويات الفنية، لكنه لم يحظ بالإشادة والحفاوة التي يستحقها.
فشل محلي ينتهي بالاحتراف
لم تنل موهبة زيدان المولود في عام 1981 الاهتمام المطلوب من الأندية المصرية في بدايته، حيث انضم بعمر 8 سنوات إلى النادي المصري البورسعيدي، وتركه في عام 1998، ثم التحق بفريق الجمارك في نفس المدينة، ولم تلفت موهبته الانتباه أيضا.
زيدان سافر وهو بعمر 17 عاما إلى الدنمارك رفقة أسرته، وحاول البحث عن فريق يلعب له، إلا أن مفارقات القدر كانت غريبة معه.
ووفق ما رواه زيدان في تصريحات تلفزيونية سابقة، فقد حاول العثور على نادٍ دون جدوى، حتى ذهب يوما للعب كرة القدم في إحدى الحدائق العامة، والتقطته أعين كشاف نادي أكاديميك بولد كلوب، لينضم للفريق بداية من 1999.
ولعب زيدان 51 مباراة مع فريق بولد كلوب بين 1999 و2003، سجل خلالها 12 هدفا، لكن الرحلة انتهت بسبب أزمة مالية كبيرة ضربت النادي، ليحط زيدان الرحال في فريق ميتلاند الذي يعد واحدا من أشهر وأكبر الأندية في الدنمارك، مقابل 400 ألف يورو، وفق موقع "ترانسفير ماركت".
توهج مبكر
عن انتقاله إلى صفوف فريق ميتلاند، قال زيدان في تصريحات آنذاك للتلفزيون الدنماركي: "الشيء الذي جعل ميتلاند يضمني هو أنني كنت مختلفا".
وتابع: "كنت أقول للناس إنني أريد أن أصبح أفضل لاعب في العالم ليردوا عليّ بقولهم (من تظن نفسك؟).. وقتها كنت أجيب: لست الأفضل في العالم، لكنني أريد أن أصبح كذلك".
بينما قال مادس هفيد ياكوبسن، مسؤول الإعلام والصحافة في نادي ميتلاند، في تصريحات لـ"العين الرياضية": "كان انضمام زيدان لنا مهما للغاية، حيث حاز إعجاب الجماهير منذ المباراة الأولى".
وتابع: "في مباراته الأولى على ملعبنا، سجل زيدان 5 أهداف في اللقاء الذي فزنا فيه بنتيجة 6 أهداف مقابل هدف.. لقد كان فذا منذ البداية".
ياكوبسن أضاف: "لعب زيدان 47 مباراة وسجل 30 هدفا خلال فترة وجوده في ميتلاند، قبل أن يتم بيعه إلى فيردر بريمن (الألماني) مقابل 3.5 مليون يورو".
ومضى قائلا: "كان زيدان رائعا ومهيبا بالكرة، لقد كان موهبة فذة وقدم أداءات من طراز عالمي".
في موسم 2003-2004، توج زيدان هدافا للدوري الدنماركي وفاز بجائزة لاعب العام، وفي الموسم التالي سجل 9 أهداف في أول 3 مباريات، ما دفع الجماهير لإطلاق اسم "زيدان أرينا" على ملعب MCH Arena.
صفحة مضيئة في دورتموند
لم تكن فترة زيدان في فيردر بريمن جيدة بالقدر الكافي، ليعيره إلى نادي ماينز الألماني الذي كان يدربه في ذلك الوقت المدرب الشهير يورجن كلوب، قبل أن يشتري الأخير عقده بشكل نهائي في يناير/كانون الثاني 2007.
وخلال 57 مباراة مع ماينز، سجل زيدان 30 هدفا وأسهم بـ6 تمريرات حاسمة، لينتقل في يوليو/تموز 2007 إلى هامبورج، أحد فرق المقدمة بالدوري الألماني في ذلك الوقت.
لكن زيدان أمضى في هامبورج عاما مخيبا للآمال، حتى عاد للعب تحت قيادة كلوب في بروسيا دورتموند في 17 أغسطس/آب 2008.
ولعب زيدان في صفوف دورتموند 73 مباراة في الفترة بين 2008 و2012، وفاز مع الفريق بلقبي الدوري الألماني، وسجل 15 هدفا وصنع 10 أخرى. وكانت الإصابات المتكررة عائقا كبيرا أمام توهجه بدرجة أكبر.
ورغم أدائه الكبير في عدة مباريات مع دورتموند، وعلاقته الجيدة مع كلوب، فإن زيدان لم ينل الاهتمام الإعلامي أو الحفاوة التي تناسب موهبته، ولم يكن يجيد استغلال تألقه للترويج لنفسه بشكل أكبر، وفق تقرير سابق لصحيفة "بيلد" الألمانية.
وفي إفادة لـ"العين الرياضية"، قال قسم الإعلام والاتصالات في بروسيا دورتموند: "كان زيدان جزءا مهما للغاية من الفريق في نجاحاته بين عامي 2008 و2012، ليس فقط بتسجيل الأهداف، ولكن أيضا بتحركاته ومهاراته غير الطبيعية بالكرة".
وتابع "من الناحية الشخصية، تمتع زيدان بأسلوب لبق وجيد وحس الدعابة، وكان يضفي على غرفة الملابس مزاجا جيدا".
وبعد دورتموند، انتقل زيدان إلى ماينز مجددا ثم إلى نادي بني ياس الإماراتي، وبعدها الإنتاج الحربي المصري، في تجارب لم يكتب لها النجاح، حتى أنهى حياته الكروية في صمت في 2016.
علاقة قوية مع كلوب
زيدان تحدث عن طبيعة علاقته مع كلوب، المدرب الحالي لفريق ليفربول، والذي حقق نجاحات استثنائية مع بطل إنجلترا خلال آخر موسمين بالتحديد.
وقال زيدان في تصريحات تلفزيونية سابقا، إن كلوب كان دائما يجلس معه ويحفزه من أجل الظهور بمستويات أفضل وتطوير مهاراته.
وأضاف: "كلوب أخبرني بعد ذلك بأن إمكانياتي كانت أعلى بـ100 مرة من محمد صلاح (نجم ليفربول الحالي)".
واستدرك: "لكنه أكد لي أن ما كان ينقصني فقط هو التركيز على بعض الأمور بجانب القوة العضلية، فضلا عن الاحترافية والتركيز في كرة القدم".
وأتم بقوله: "بالفعل كنت أركز على بعض الأمور خارج المستطيل الأخضر، خاصة السفر الدائم".
رجل المباريات التاريخية
بدأ مشوار زيدان مع منتخب الفراعنة بشكل رسمي في 22 يناير 2008، حيث قدم أداء كبيرا أمام الكاميرون في دور المجموعات بأمم أفريقيا، وسجل هدفين رائعين واحتفل بالحذاء بشكل لم يفارق أذهان الجماهير لسنوات.
وفي المباراة النهائية، قاتل على كرة صعبة في الوقت القاتل مع المدافع الشرس ريجوبرت سونج، وحافظ على اتزانه رغم تعرضه للشد والركل، حتى انتزع الكرة ومررها سهلة لزميله محمد أبوتريكة الذي سجلها بسهولة وحسم اللقب الثاني على التوالي.
وبعدها بعامين، وتحديدا في فبراير/شباط 2010، قدم زيدان تمريرة حاسمة إلى محمد ناجي جدو ليحرز الأخير هدف الفوز أمام غانا في آخر 10 دقائق من المباراة، ليحظى الأخير بالاهتمام والحفاوة.
وفي كأس القارات عام 2009، قدم زيدان أداءً فنيا عظيما، وسجل هدفين في مرمى البرازيل من أصل 3 للفراعنة، لكنه لم يكن بطل المباراة الأول في نظر الإعلام أيضا.
وفي ذلك الوقت، برر بعض المراقبين عدم حصول زيدان على التقدير الذي يستحقه، بأنه لم يكن محسوبا على أي من القطبين؛ الأهلي والزمالك، ولم يكن له جماهير متحمسة تفرض اسمه، لكنه يظل واحدا من أهم اللاعبين في التاريخ الكروي المصري والعربي بشكل عام.
aXA6IDMuMTUuMTcuNjAg جزيرة ام اند امز