عيد الأضحى في المغرب.. انفجار وبائي وعادات تقاوم كورونا
دخان كثيف يُحلق فوق سماء المغرب، ودماء تجري أودية بين أزقته، الهدوء والصمت يعم أزقة الرباط، لا تكبيرات العيد ولا أسر تحمل سجادتها عائدة من المصلى.
هدوء يكسره صُراخ رجال مُدججين بالأسلحة البيضاء، يُنادون هل من أضحية لنذبحها، وآخرون يدفعون عربات أو يركبون أخرى تجرها الدواب، يستعطفون الناس للحصول على جلود الأضاحي.
هو عيد الأضحى الثاني الذي يُمضيه المغرب في عهد كورونا، عيد مُنعت فيه الصلاة في المساجد والمُصليات، وأغلقت المدن وحُظرت التنقلات بينها، فيما الوحيد الذي يتجول بحرية، هو فيروس كورونا والمتحورات من أسرته، يحصدون آلاف الضحايا يومياً.
صلاة في المنازل
ولم تغب صلاة العيد بشكل كامل في المغرب، إذ كان الوضع مُجرد نقل لها من ساحات المصليات والمساجد، إلى صالونات المنازل حيث يجتمع الآباء بالأحفاد والأبناء.
العاهل المغربي، الملك محمد السادس، كان أول المغاربة المُلتزمين بقرار وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، إذ حرص على أداء صلاة العيد بدون خطبة، وفي نطاق عددي محدود.
وأدى الملك صبيحة الأربعاء، صلاة العيد بالقصر الملكي بمدينة فاس، مرفوقاً بكل من ولي العهد الأمير مولاي الحسن، وشقيقه الأمير مولاي رشيد، ليقوم في أعقاب ذلك بذبح أضحيته.
واقتداء بالسلوك الملكي في الالتزام بالإجراءات الاحترازية، حرصت الأسر المغربية على إقامة صلاة العيد في المنازل، قبل أن تشرع في ذبح أضاحيها.
وفي هذا الصدد، أوضح هشام، وهو رب أسرة بمدينة الرباط، أنه ورغم من كون عدم إقامة صلاة العيد في المصليات والمساجد حرم المغاربة من روحانية كبيرة وجو مهيب، فإنها في المقابل فتحت باباً آخر للمزيد من التلاحم والتقارب الأسري.
هشام، أوضح لـ"العين الإخبارية"، أن إقامة صلاة العيد في المنزل لها العديد من المعاني والروحانيات، خاصة وأنها تجمع الأسرة كاملة، وتعزز من تماسك الأجيال المختلفة داخل الأسرة الواحدة.
مهن عمرها يوم واحد
تفشي كورونا، وإن حرم المغاربة من العديد من مظاهر العيد، إلا أنه لم يمنع الكثير من الطقوس الأخرى، خاصة بعض المهن التي لا تظهر إلا يوم العيد، وتختفي طيلة أيام العام.
ومباشرة في أعقاب صلاة العيد، تنهمك الأسر في ذبح أضاحيها، إلا أن هناك أسراً أخرى لا تستطيع ذلك، فتلجأ إلى خدمات شباب يتجولون في الأزقة لعرض خدمة الذبح والسلخ.
ويبدو المشهد طبيعيا خلال يوم العيد، شباب ورجال يتجولون بين الأحياء، مُدججون بالأسلحة البيضاء الكبيرة، وبذلهم البيضاء في الأصل، وقد أحمر لونها من الدماء التي لطختها، فصار شكلهم كمن خرج للتو من غزوة أو حرب.
مع انتصاف يوم العيد، تشهد في زوايا الأحياء، خاصة الشعبية منها، شباب يراكمون قطعاً خشبية، وينهمكون في ترتبيها قبل إضرام النار فيها، والغرض من ذلك، استقبال رؤوس المواشي وأطرافها بغرض إزالة ما يوجد فيها من شعر عبر حرقها.
وتعتبر هذه المهن الأكثر انتشاراً يوم العيد، بل وتُذر أرباحاً لابأس بها على مُمتهنيها، إذ أن ذبح الأضحية وسلخها يبدأ من 10 دولارات وقد يصل إلى 30 عن كُل أضحية بحسب المنطقة، أما إزالة شعر رأس الغنم فيتراوح ما بين دولار و2 عن كُل واحد.
انفجار وبائي
ويقضي المغاربة ثاني عيد أضحى لهم، وسط انتشار لفيروس كورونا وسلالاته المتحورة، كما أن هذا العيد يحل والمملكة تعرف انتشاراً متصاعداً لوثيرة انتقال العدوى.
وبحسب المعطيات التي كشفت عنها وزارة الصحة المغربية، فإن المملكة تعيش مرحلة الانتقال الجماعي للفيروس، مُحذرة من مغبة التراخي في التعاطي مع الاحترازات الصحية.
وخلال الـ24 ساعة الأخيرة، سجلت المملكة أثقل حصيلة يومية لها منذ أشهر عدة، وذلك من خلال تسجيها 3631 حالة إصابة إيجابية حاملة لفيروس كورونا.
وعادت الحالات النشطة إلى الارتفاع من جديد، إذ وصلت ما مجموعه 18116 حالة نشطة في مختلف ربوع المملكة.
aXA6IDE4LjIyNi4yMjYuMTUxIA== جزيرة ام اند امز