أجواء العيد في اليمن.. طقوس اجتماعية رغم الحرب (صور)
عاش اليمنيون يوم العيد بكل حب وشغف، ومارسوا لحظاته وطقوسه التي تحمل في طياتها الكثير من المعاني في خضم الحرب الدائرة بالبلد الفقير.
فالأبعاد الدينية والاجتماعية التي لا تخلو منها الطقوس والأجواء العيدية في اليمن، تغوص عميقا في وجدان اليمنيين، يمارسونها كل عيد، بذات الحماسة والتعلق.
وبدأت الطقوس والأجواء العيدية مبكرا عند اليمنيين، فقبل ذلك بأيام، وربما أسابيع، تشرع الأسر بتجهيز متطلبات العيد، سواء للشعائر الدينية كاقتناء الأضاحي أو الطقوس الاجتماعية كتوفير متطلبات استضافة الزائرين.
وعلى الرغم من أن هذه الأجواء تتكرر كل عام ولا تختلف عن بقية الأقطار الإسلامية إلا أنها مليئة بالحيوية وتحظى باهتمام المجتمع اليمني دون أن يتخللها أي رتابة أو يعتريها ملل التكرار، بل تبقى نابضة بالحياة مهما بدت تفاصيلها مألوفة.
خصوصيات الملابس
ثمة خصوصيات يهتم بها اليمنيون لإحياء أجواء العيد وطقوسه، دلالات الخصوصية تلك تحملها حتى ملابس العيد، متضمنةً غايات دينية وأخرى اجتماعية.
ولأن اليمنيين يحرصون على أداء صلاة العيد في المصليات العامة والمفتوحة، فهم يعملون على ارتداء ملابس ذات خصوصية بصلاة العيد، تحمل طابعا شعبيا من خلال الزي التقليدي لليمنيين.
وهذه الأجواء تعبّر عنها جموع المصلين في المصليات العامة، لا يختلف فيها الأطفال عن الكبار، فالجميع يرتدي الأزياء الشعبية التقليدية، تخصيصا لطقس محبب لديهم، وهي صلاة العيد.
تزيين البيوت العدنية
يتمسك اليمنيون بأجواء العيد الاجتماعية ولا يتنازلون عنها، بل إنهم يوظفون جهودهم في سبيل الحصول على عيد اجتماعي مثالي مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالعائلات والأهل والأقارب.
فالبيوت العدنية تتزين لاستقبال الزائرين والمعايدين المهنئين بهذه المناسبة، ولا تُخطئ العين مظاهر هذا التزيين، من خلال تهيئة البيت اليمني بالفرش والأثاث الجديد، والتي يعملون على تحديثها قبل العيد بأسابيع، بحسب الناشطة اليمنية وداد محمد لـ"العين الإخبارية".
وقالت وداد محمد إن أطباق الحلويات والمكسرات تتصدر جلسات العيد، وهي حاجيات ومتطلبات يجلبها اليمنيون ويحرصون على توفيرها قبل العيد بأيام، باعتبارها من أبرز الترتيبات والتجهيزات التي تسبق العيد.
طقوس الصغار والكبار
بعد أداء صلوات العيد في المصليات العامة، وزيارة الأهل والأقارب في البيوت، انطلق أطفال اليمنيين صوب أماكن الألعاب والمراجيح لقضاء أوقات لا ينقصها اللعب والضحك والمرح، واستمروا حتى الظهيرة ويتكرر ذلك طيلة أيام العيد، وفق الناشط الإعلامي حمزة بجاش.
وأضاف بجاش لـ"العين الإخبارية"، أنه في وقت انشغل الأطفال بأوقاتهم في الملاهي والحدائق، كانت الأسر تعد وجبات الغذاء العيدي، إذ انهمك الرجال مبكرا بذبح الأضاحي، وهيأت النساء المطابخ لتجهيز الذبائح لوجبة الغذاء.
وأوضح أنه "عند ظهيرة يوم العيد، اجتمعت كل أفراد الأسرة على مائدة الغذاء وتبادلنا الأحاديث وتناولنا الوجبات في سعادة وسرور وتناسينا أجواء الحرب الحوثية التي تضرب البلاد للعام الثامن".
وتابع: "هذه الجلسات طقس يومي عند اليمنيين، لكنها في العيد تكتسب ميزة مختلفة ومذاقًا فريدًا، يعزز من الرباط الاجتماعي للعيد، عبر الاجتماع والتلاقي بين الأهل والأصدقاء".
يوم العم
من الأشياء الاجتماعية ذات الأبعاد المميزة والخاصة والتي تحرص عليها العائلات اليمنية في أيام العيد، تخصيص أحد أيامه لقضائه في بيت العم "والد الزوجة".
في الغالب، يكون هذا اليوم هو ثاني أيام العيد، حيث يصحو جميع أفراد الأسرة باكرًا في اليوم الثاني للعيد، ويتوجهون إلى بيت العم، جد الأولاد ووالد الزوجة، ويحيون فيه اليوم بطوله حتى منتصف الليل.
هذا الطقس يتكرر كثيرا في المناطق والمحافظات اليمنية، ولا يكاد يندثر، بل يتأصل جيلا بعد آخر، ويمارسونه بحب وتلهف، كباقي طقوس وتفاصيل أجواء العيد اليمني البهيج وذلك رغم رحى الحرب الدائرة في البلاد.
تعز تغني
في مدينة تعز (جنوب) أقام مكتب الثقافة في الحكومة اليمنية مهرجانا يستمر لمدة 6 أيام للاحتفاء مع العائلات المحاصرة بيوم العيد.
وقال مكتب الثقافة بتعز في بيان تلقته "العين الإخبارية"، إنه استضاف كبار الفنانين منهم الأيقونة الوطنية أيوب طارش عبسي في ميدان الشهداء.
وقال البيان "افتتحنا اليوم مهرجان تعز العيدي بتجليات المكان الشامخ وكنا على موعد خرافي مع سحر الزمن أيوب طارش وصوته الخالد في ذاكرتنا وذائقتنا الفنية والوطنية ومع أروع فرقة وطنية موسيقية التي أبدعت وأمتعت وعاش الناس كل الترانيم والألحان".
يأتي ذلك كجزء من مبادرات حكومية لتطبيع الحياة في المناطق المحررة ودفع الناس للاحتفاء بأفراحهم بعيدا عن أجواء الحرب الحوثية التي تستعر رغم ما تعيشه البلاد من تهدئة أممية منذ أبريل/نيسان الماضي.