فرحة بطعم "البالة".. أسواق الملابس المستعملة وجهة اليمنيين لشراء كسوة العيد
ازدهر بيع الملابس المستعملة "البالة" في عدد من أسواق اليمن، حيث يقبل الكثير لشراء ملابس العيد في ظل ارتفاع الأسعار وانهيار الريال.
في الوقت الذي يتوجه فيه البعض صوب محال بيع الملابس الجديدة؛ لكسوة أبنائهم وذويهم، لا يجد كثير من اليمنيين بدًا من التوجه إلى أسواق الملابس المستعملة؛ للحصول على ملابس العيد الخاصة بهم.
وباتت أسواق الملابس المستعملة (الحراج) تلقى رواجًا كبيرًا في مدينة عدن، العاصمة المؤقتة للبلاد، بعد ارتفاع مهول في أسعار الملابس الجديدة، متأثرةً بتدهور العملة المحلية.
- بقعة الزيت العملاقة.. كابوس "صافر" يرعب الصيادين باليمن
- البنك الدولي يمول مشروعا سمكيا في اليمن بـ45 مليون دولار
وهذا الخيار بالنسبة لكثير من اليمنيين يعتبر مقبولًا في ظل الظروف المعيشية التي تمر بها البلاد، خاصةً أن عيد الأضحى يفرض باحتياجاته العديدة على ذوي الدخل المحدود المفاضلة بين الأولويات.
ولعل الأكثرية من ذوي الدخل المحدود يفضلون توفير النقود لشراء الأضحية، على ملابس العيد الجديدة، وسط ارتفاعات كبيرة في أسعار كل من الأضاحي وملابس العيد أيضًا.
تقديم الأولويات
ويتحدث أستاذ الاقتصاد بجامعة عدن اليمنية، الدكتور عبدالرحمن بارحمة عن الوضع المعيشي الذي فرض واقعًا جديدًا على اليمنيين إثر حرب الحوثي، ودفعهم للنظر إلى متطلبات العيد بحسب الأولوية والأكثر إلحاحًا.
يقول الدكتور بارحمة لـ"العين الإخبارية" إن ارتفاع أسعار الملابس بفعل تدهور سعر الريال اليمني، ووصول سعر البدلة الواحدة إلى قرابة 30 ألف ريال (يقارب 30 دولارًا)؛ جعل الناس يقررون التوجه إلى خيارات أقل تكلفة.
ويعتقد الأستاذ الجامعي أن اليمنيين باتوا يتأقلمون بناءً على تقلبات الوضع الاقتصادي والمعيشي، ويفاضلون بين العديد من الخيارات المتاحة أمامهم والملائمة لظروفهم وأوضاعهم المعيشية.
معتبرًا أن هذا التأقلم الذي يتميز به الشعب اليمني قلما نجده في شعوب أخرى، لكن هذا لا يعني إغفال المؤسسات الحكومية والرسمية التحرك لضبط الأسعار وإيجاد معالجات وإصلاحات حقيقية لتحسين وضع العملة المحلية والاقتصاد الوطني بشكل عام.
بدائل أقل كلفة
بجولة بسيطة في أسواق الملابس المستعملة، لا تخطئ العين كثرة الأسر والعائلات اليمنية المتجولة بين بسطات الباعة، وهي تستعرض أكوامًا من الملابس المستعملة الملقاة أمام المارة، أو المعلقة على الجدران.
أحد أولئك المتجولين كان الموظف الحكومي عبدالناصر درامة، الذي تحدث عن العديد من الأسباب التي جعلته يختار التوجه إلى أسواق الملابس المستعملة بدلا من اقتناء الملابس الجديدة لأطفاله.
يقول عبدالناصر لـ"العين الإخبارية": إنه يملك 4 من الأطفال، ويضطر كل عيد أن يوفر لهم حاجياتهم من الملابس ومتطلبات العيد الأخرى.
ويضيف: منذ سنتين بدأت أسعار الملابس الجديدة ترتفع بشكل جنوني؛ الأمر الذي دفعنا إلى التفكير ببدائل أقل كلفة، خاصة مع تأخر المرتبات الحكومية وعدم صرفها بانتظام.
عبدالناصر يرى في أسواق الملابس المستعملة حلًا في المتناول، ويناسب وضعه المادي، ويغطي احتياجات أطفاله الأربعة، مبررًا اختياره هذا بالعديد من المبررات التي يسوقها بكل ثقة، وهو يبتسم.
عيد العافية
ويشير عبدالناصر درامة في البداية إلى أن "العيد.. عيد العافية"، وهي الجملة التي يُصبّر اليمنيون بها أنفسهم حين لا يقدرون على توفير شيء من الاحتياجات، هذا المبرر بالنسبة لعبد الناصر كافٍ لإقناع نفسه به والتنازل عن شراء ملابس جديدة.
ويواصل تبريراته: "كما أنا لي 4 أطفال، كل طفل يحتاج إلى بدلة واحدة على الأقل لا يقل سعرها عن 30 ألف ريال، وهذا يعني 120 ألف ريال يمني كإجمالي (يعادل أكثر من 1000 دولار)، وهذا المبلغ يفوق مرتبي الشهري"، يقول عبدالناصر.
كما يؤكد أنه سبق وأن اشترى ملابس جديدة لأطفاله في عيد الفطر، قبل نحو شهرين، وما زالت جديدة وفي حالة جيدة، ويمكن لهم ارتداؤها في هذا العيد، وما شراء الملابس المستعملة إلا "زيادة نعمة"، حد وصفه.
ويتابع: "هناك أولويات كثيرة، بالنسبة لي أن شراء أضحية العيد كطقس رئيسي من طقوس العيد مُقدم على شراء الملابس الجديدة، فكلا الأمرين يحتاج إلى ميزانية، والظروف لا تسمح، ولهذا وجب علينا تقديم احتياج على آخر، وفي أسواق الملابس المستعملة بديل وحل مقبول".
وانخفضت القدرة الشرائية للأسر اليمنية ذوي الدخل المحدود إثر الحرب الحوثية التي دخلت عامها الثامن، إلى جانب فرض المليشيات ضرائب على نقل الملابس من صنعاء الخاضعة للانقلاب وعدن الخاضعة للحكومة المعترف بها دوليا.