بقعة الزيت العملاقة.. كابوس "صافر" يرعب الصيادين باليمن
يستيقظ الصياد اليمني، يوميًا، "علي حسن" في قريته الساحلية جنوبي الحديدة يتفقد لون البحر، ويطمئن أن الكارثة لم تقع بعد.. لكن إلى متى؟.
ويعيش "علي حسن" في شريط ساحلي ضيق في قرية الجشة في مديرية الخوخة التي تضم 15 ألف صياد يشكلون جزءا صغيرًا ضمن مئات التجمعات للصيادين اليمنيين على ساحل البحر الأحمر والذين باتوا مهددين بانفجار الناقلة النفطية صافر.
ويخيم كابوس بقعة الزيت العملاقة التي تنذر بها "قنبلة صافر" على أكثر من 350 ألف صياد في محافظة الحديدة وحدها، حيث يهدد التسرب النفطي بموت جميع أشكال الحياة البحرية في الساحل الغربي لليمن وإغلاق الموانئ ما يهدد ملايين الأسر على البحر الأحمر.
وعرقل الحوثيون طيلة الأعوام الماضية صيانة الناقلة التي تقل نحو 1.14 مليون برميل من النفط الخام قبل التوصل إلى اتفاق مع الأمم المتحدة مطلع العام الجاري لتفريغ الوقود مما جعل الوقت ضيقا جدا ولا يقبل الانتظار أكثر.
وحشدت الأمم المتحدة في مايو/أيار الماضي نحو 40 مليون دولار فقط من خطة عاجلة تحتاج لتمويل يبلغ 80 مليون دولار للبدء في تفريغ 1.1 مليون برميل من الوقود الخام من ناقل صافر وتفادي وقوع الكارثة.
وجددت الأمم المتحدة مؤخرًا من إن تسربًا نفطيًا قد يدمر الأنظمة البيئية ويشل صناعة صيد الأسماك ويغلق ميناء الحديدة اليمني لمدة ستة أشهر.
مصير مخيف.. "صافر" وألغام الحوثي
"مصيرنا سيكون التشرد"، بهذه العبارة المقتضبة أجاب الصياد أحمد دوبلة ردًا على سؤال "العين الإخبارية" عن مخاوفه حال حدوث انفجار ناقلة صافر الوشيك.
ويعيل الصياد اليمني دوبلة 5 أطفال وبعض أقاربه بالاعتماد على صيد الأسماك والأحياء البحرية كمصدر وحيد للرزق ويؤكد أن مجرد تخيل ما يمكن أن يحدث لهم بسبب تلوث السواحل بالنفط أمر مرهق.
ويقول الصياد دوبلة إن مجتمعهم قائم على الصيد، حيث الجميع يعملون في البحر، وقليلا ما يعمل أبناء قريته في الأعمال الأخرى لذلك ليس لديهم فرصة للنجاة في مواجهة كارثة التسرب النفطي.
ويضيف: "الحوثيون لا يهتمون لمصير الملايين في الحديدة الذين سيتأثرون بالكارثة، لأنهم ينظرون باحتقار إلى أبناء السهل التهامي والساحل الغربي، ملأوا مياهنا بالألغام والآن يريدون القضاء علينا بشكل نهائي".
ووجه أحمد دوبلة مناشدته للعالم بسرعة توفير المبلغ اللازم لتفريغ النفط وانقاذ ملايين البشر وتفادي أكبر كارثة بيئية قبل فوات الأوان.
كارثة عابرة للبحار
يحذر المتخصصين في حماية البيئة من أن التمويل المطلوب لتنفيذ العملية هو مبلغ زهيد مقارنة بـ20 مليار دولار ستكون هناك حاجة إليها من أجل تنظيف التسرب في مياه البحر الأحمر.
ويؤكد مسؤول اللجنة المحلية اليمنية لمواجهة كارثة خزان صافر، فتحي عطا، أن عواقب انفجار "قنبلة صافر" ستطال كل دول الإقليم في البحر الأحمر وخليج عدن.
وأوضح في تصريح لـ"العين الإخبارية"، بأن آثار الكارثة لا تقتصر على سواحل الصيد والحياة البحرية، حيث تفيد تقارير الخبراء بأن التسرب سيدمر حوالي 500 كيلو متر مربع من الأراضي الزراعية التي يستغلها حوالي 3 مليون مزارع.
وبحسب المسؤول اليمني، سوف يلوث التسرب النفطي 8 آلاف بئر ماء وسيخلف مستويات مضرة من الملوثات الهوائية تؤثر على أكثر من 8 ملايين شخص.
كما ستؤثر الكارثة على قدرة اليمن في استيراد 90% من الأغذية والمساعدات الإنسانية الأخرى، والسلع التجارية التي تحتاج إليها جراء، إغلاق ميناء الحديدة وتوقف حركة الملاحة.
وأشار عطا إلى أن الجزر في البحر الأحمر ستتأثر أيضا بانفجار الخزان صافر، وسيحتاج البحر إلى 30 سنة لتنظيفه.
وقال رئيس اللجنة المحلية لمواجهة الكارثة إن الأمل موجود لكن الوقت ضيق، لافتا إلى استعداد اللجنة للقيام بمهامها في الحالات الطارئة.
الدعم العربي
وحثت منظمة "جرينبيس" العالمية جامعة الدول العربية على التنسيق مع الدول الأعضاء لعقد اجتماع طارئ لوزراء خارجية الدول من أجل تمويل خطة الأمم المتحدة لإنقاذ خزان صافر.
وقالت المديرة التنفيذية للمنظمة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، غوى النكت، الأربعاء الماضي، إنه من المؤسف جدا أن أزمة صافر لم تنحلّ بعد بسبب عدم توفر الدعم المادي اللازم لذلك.
وأعربت الكنت عن ثقتها الكاملة أن جامعة الدول العربية قادرة على لعب هذا الدور في تسريع العمل على الحل، لأن الكارثة ستؤثر على المنطقة كاملة.
وترسو ناقلة صافر المتهالكة قبالة ميناء رأس عيسى النفطي، غربي اليمن، حيث لم تخضع للصيانة منذ أواخر 2014 وتتخذها مليشيات الحوثي كقنبلة مؤقوتة لابتزاز المجتمع الدولي.
وتشير تقارير للأمم المتحدة أن هناك نحو 115 جزيرة في البحر الأحمر ستفقد تنوعها البيولوجي، وسيتعرض نحو 900 ألف طن من كمية المخزون السمكي في البحر الأحمر وخليج عدن للتلف في حال حدوث انفجار صافر.