نصر لا يعني الحسم.. هاريس تسقط ترامب بـ«فخاخ المناظرة»
انقشع غبار المناظرة الرئاسية بين كامالا هاريس ودونالد ترامب، وبدأت الأرقام تظهر حجم الزخم في صف نائبة الرئيس، لكنها لا تعني حسم السباق.
وبعد انتهاء المناظرة مباشرة، أظهر استطلاع سريع لشبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية، تفوق هاريس على ترامب خلال المواجهة التلفزيونية التي جرت ليل الثلاثاء-الأربعاء.
وربما يكون أداء نائبة الرئيس الأمريكي والمرشحة الديمقراطية لسباق البيت الأبيض، كامالا هاريس، في مناظرتها الأولى مع خصمها الجمهوري الرئيس السابق، دونالد ترامب، هو الأكثر إثارة للإعجاب في مشوارها السياسي، لكنه لا يعني أنها ضمنت الفوز بالانتخابات، وفق الشبكة الأمريكية.
وخلال المناظرة، بدت هاريس نشيطة ومليئة برؤية إيجابية للمستقبل في مقابل نظرة ترامب التشاؤمية للبلاد، لكن الرئيس السابق أثبت صحة مقولة بطل الملاكمة مايك تايسون "كل شخص لديه خطة حتى يتلقى لكمة في الفم"، إذ بدا مذهولًا من الضربات المتعددة من منافسته، بحسب "سي إن إن".
وكشف استطلاع الرأي، أن 63% ممن شاهدوا المناظرة من الناخبين المسجلين، قالوا إن هاريس قدمت أداء أفضل من ترامب الذي حصل على إعجاب 37% فقط.
وقال 96% من أنصار هاريس الذين تابعوا المناظرة إن مرشحتهم قامت بعمل أفضل، في حين أشادت أغلبية أصغر هي 69% من أنصار ترامب بأداء الملياردير.
وأظهر الاستطلاع، أن آراء الناخبين حول هاريس تحسنت بعد المناظرة مقارنة بانطباعاتهم قبلها، حيث قال 45% إنهم ينظرون إليها بشكل إيجابي، و44% ينظرون لها بشكل سلبي، في حين كان 39% فقط من الناخبين ينظرون لها بشكل إيجابي قبل المواجهة التلفزيونية.
وارتفعت شعبية هاريس بعد المناظرة بين الناخبين المستقلين إلى 48% بدلا من 30% فقط قبلها، وفق "سي إن إن".
انقسام
وانقسم الناخبون الذين تابعوا المناظرة حول أي مرشح يفهم بشكل أفضل مشكلاتهم، إذ قال 44% إن هاريس تفهم أفضل، فيما اختار 40% ترامب، وهو ما يمثل تحولاً لصالح هاريس مقارنة بمرحلة قبل المناظرة، حين قال 43% إن الملياردير يفهم مشكلاتهم بشكل أفضل مقابل 39% لنائبة الرئيس.
ومع ذلك، ظل ترامب متقدما بـ20 نقطة فيما يتعلق بقضايا الاقتصاد و23 نقطة فيما يتعلق بالهجرة و6 نقاط في التعامل مع دور القائد العام للقوات المسلحة، لكن هاريس تقدمت بـ9 نقاط فيما يتعلق بحماية الديمقراطية و21 نقطة فيما يتعلق بالإجهاض.
ولم يكن للمناظرة تأثير كبير في الناخبين، إذ قال 82% إنها لم تؤثر في اختيارهم للرئاسة، فيما قال 14% إنها جعلتهم يعيدون النظر، لكن لم يغيروا آراءهم.
في المقابل، قال 4% إنها غيّرت آراءهم بشأن من سيصوتون له، وكان مؤيدو ترامب أكثر ميلا من مؤيدي هاريس لإعادة النظر في مواقفهم بنسبة 23% إلى 12%.
وغالبًا ما يستغرق الأمر أيامًا أو ربما أسابيع حتى تستقر الانطباعات الدائمة عن المناظرة الرئاسية داخل الناخبين، ولا يرتبط الفوز في المناظرات بالفوز في الانتخابات، فقد حُكِم على ترامب في 2016 والرئيس جورج دبليو بوش في 2004 بأنهما خسرا المناظرات لكنهما فازا في النهاية بالبيت الأبيض وفقا لـ"سي إن إن".
وبينما كانت سعادة الديمقراطيين كبيرة بسبب أداء هاريس إلا أنه يظل من السابق لأوانه معرفة ما إذا كان هذا الأداء القوي ستتم ترجمته إلى زخم جديد.
الوقوع في "الفخ"
وخلال المناظرة، خاطبت هاريس المشاهدين مباشرة في المنزل، ووعدت بتخفيف أعباء الأمريكيين العاملين الذين يعانون من ارتفاع أسعار البقالة والإسكان، كما استفزت ترامب بشأن أحجام حشوده ووصفته بالضعيف.
لكن المثير للدهشة أن الرئيس السابق وقع في الفخ في كل مرة، حيث دخل في نوبات غضب غذّت ادعاءات منافسته بأنه غير لائق لولاية جديدة، ومع ذلك دافع ترامب عن أدائه وقال للصحفيين بعد المناظرة "كانت هذه أفضل مناظرة لي".
الأمر الأكثر أهمية هو أن هاريس صدقت على قرار الديمقراطيين بالتخلي عن بايدن مرشحا لهم، إذ فككت شخصية ترامب وسياساته وإرثه، وهو ما عجز بايدن عن فعله في مناظرته الكارثية مع ترامب في يونيو/حزيران الماضي التي كانت سببا في إنهاء حملة إعادة انتخابه.
وعندما انزعج ترامب، لم ترد هاريس بالمثل بل ضحكت ووضعت ذقنها على يدها عدة مرات، وبدا الأمر مفتعلا أحيانا، لكن هذه الإيماءة يمكن أن تصبح رمزًا مبدعًا للمناقشة على وسائل التواصل الاجتماعي.
وخلال المناظرة، نجحت نائبة الرئيس في استخدام العيوب الملحوظة في شخصية ترامب لإعطائه المساحة لتقويض أدائه بنفسه. ومع ذلك لم يكن أداء هاريس مثاليا تماما إلا أن طريقتها في المراوغة كانت أكثر فاعلية، فعجز ترامب عن استجوابها بشكل فعال.
وأكد أداء ترامب الذي عجز عن التركيز على هجوم متسق ضد هاريس مخاوف العديد من الجمهوريين المحبطين في فشله حتى الآن في التعامل بشكل فعال مع خصمه الجديد.
ومن المفارقات أن ترامب عاني في المناظرة من نفس العجز الذي عانى منه بايدن في مناظرتهما في يونيو/حزيران فلم يتمكن من تثبيت خصمه، ولم يتمكن من التعبير عن مخطط قوي للمستقبل، كما طرح تشبيهات لن يفهمها إلا المشاهدون العاديون لوسائل الإعلام المحافظة.
تحليل لغة الجسد
ووفق "سي إن إن"، فإن إحدى الطرق للحكم على المناظرة هي خفض صوت التلفاز ومشاهدة لغة الجسد للمرشحين، وهو ما يكشف كيف كان ترامب يحترق ويشد عضلاته حول فمه حيث بدا وجهه مثل الرعد، في حين وجهت هاريس لكماتها بابتسامة ونظرت مباشرة في عيون المشاهدين في المنزل.
كان أكبر فشل لترامب هو فشله في استكشاف أعظم نقاط ضعف هاريس التي غالبًا ما تكون قوية في المواقف المكتوبة، ولكنها تكافح عندما يتم إلقاؤها في موقف دفاعي مفاجئ.
وكانت أقوى لحظات الرئيس السابق في نهاية المناظرة عندما انتقد هاريس وبايدن بسبب حرب أوكرانيا وأثار شبح التصعيد النووي من جانب روسيا وقدم نفسه باعتباره الشيء الوحيد بين الولايات المتحدة والحرب العالمية الثالثة.
وحتى في أثناء اشتباكاته مع هاريس بشأن أوكرانيا، بدا أن ترامب يتوق إلى حملة انتخابية مع بايدن لتكون أكثر متعة بالنسبة له، وهو ما دفع هاريس لتقول "أنت لا تترشح ضد جو بايدن، أنت تترشح ضدي"، وهو التصريح الذي قد يساعد في تفسير ارتباك ترامب، وربما يحدد الانتخابات بأكملها، على الشبكة الأمريكية.
aXA6IDQ0LjIwMC45NC4xNTAg جزيرة ام اند امز