إخوان تونس.. مساعٍ لـ"تفخيخ" الحياة السياسية قبل الانتخابات
دون كل أو ملل، لا يتوقف الإخوان في تونس عن تفخيخ المشهد السياسي؛ خصوصا في وجه الانتخابات الرئاسية المقررة العام المقبل، سعيا إلى محاولة تلافي كتابة شهادة وفاة للتنظيم.
الخطة فيما يبدو تقتضي البحث في كيفية العودة لمراكز النفوذ والسلطة خوفا من الانتخابات الرئاسية المزمع تنفيذها في أكتوبر/ تشرين الأول 2024،إثر انتهاء العهدة الرئاسية لقيس سعيد، التي انطلقت سنة 2019.
ولاقتراب موعد الانتخابات وخوفا من إعادة انتخاب الرئيس قيس سعيد لولاية أخرى -خاصة أن استطلاعات الرأي تشير إلى تصدره نوايا المصوتين- يحاول هذا التنظيم يائسا حرق الأخضر واليابس من أجل العودة للحكم لكن مؤامراتهم انكشفت ومخططاتهم الانقلابية بانت، يقول مراقبون.
وتشير المعلومات المتوفرة حول الخطة إلى أن "كل خيوط الدسائس والمؤامرات، يديرها معاذ الغنوشي نجل راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الإخوانية الذي يخطط من فوق ربوته في سويسرا، متحكما للمال المنهوب من تونس وللمال الفاسد ولنفوذه وسط تنظيم الإخوان المسلمين ،مرتكزا على شبكة علاقاته الواسعة بمساعدة صهره".
والغنوشي الابن حاليا في سويسرا، يقيم مع عائلة زوجته، وهي ابنة أحد كبار قيادات تنظيم الإخوان، علي غالب محمود همت، صاحب الجنسية السورية، المتحصن بجنسيته البريطانية.
إشاعة تأجيل الانتخابات
ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية، انطلقت صفحات مأجورة على مواقع التواصل الاجتماعي لبث شائعات وأخبار مغلوطة تشكك في إجراء هذا الاستحقاق الانتخابي، وتزعم بأن قيس سعيد لن يجري هذه الانتخابات في موعدها وبأنه يسعى لتركيز نظام استبدادي.
في غضون ذلك دعا الرئيس التونسي قيس سعيد أعضاء الهيئة العليا للانتخابات إلى ضرورة التصدي للمال الفاسد في الفترات الانتخابية المقبلة، مضيفا: "يتحدثون عن إفلاس البلاد وفي الانتخابات يظهرون المليارات"، في إشارة لإخوان تونس .
وأردف: "هنالك من يستعدون للانتخابات بطرق ملتوية ويغيرون العباءة وقتما شاؤوا"، محذرا من "يحاولون التحايل على إرادة الشعب عن طريق توزيع الأموال".
وسبق أن أعلن متحدث الهيئة العليا المستقلة للانتخابات محمد التليلي المنصري، خلال مؤتمر صحفي، أنه من المتوقع "إجراء انتخابات مجالس الأقاليم والجهات (الغرفة الثانية لمجلس النواب) منتصف ديسمبر/كانون الأول المقبل"، على أن تجرى الانتخابات الرئاسية "خريف 2024"، إثر انتهاء ولاية سعيد الرئاسية.
ويطالب التونسيون سعيد بالمضي قدما في عملية الإصلاح السياسي والاقتصادي وعدم الالتفات إلى الانتقادات الداخلية والخارجية.
مخططات شيطانية
وللإشارة فإنه منذ إزاحة الإخوان عن الحكم، أحبطت السلطات التونسية مخططين إخوانيين للانقلاب على حكم قيس سعيد؛ الأول يديره راشد الغنوشي وعائلته وقيادات بارزة بالنهضة لإزاحة رئيس الجمهورية، وتعويضه بخيام التركي؛ مرشح الإخوان، كي يكون رئيس حكومة سنة 2019 وقد تمت الإطاحة بهذا المخطط في 14 فبراير/شباط الماضي.
أما المخطط الثاني، فأداره معاذ الغنوشي بمعية شخصيات نافذة داخل قصر قرطاج وبمساعدة مخابرات أجنبية، وتعويض قيس سعيد برئيس الحكومة الأسبق يوسف الشاهد. وقد تمت الإطاحة بهذا المخطط في مايو/أيار الماضي.
والثلاثاء الماضي، أصدر القضاء التونسي مذكرات اعتقال دولية في حق 12 شخصا متورطين في قضية تآمر على أمن الدولة للإطاحة بنظام الحكم، من بينهم نجل الغنوشي ورئيس الحكومة الأسبق يوسف الشاهد، ومديرة الديوان الرئاسي السابقة نادية عكاشة، وغيرهم من الشخصيات التي حكمت المشهد السياسي طيلة العشر سنوات الماضية.
وقضية التآمر على أمن الدولة، كانت بمساعدة نادية عكاشة التي كانت الذراع اليمنى للرئيس التونسي قيس سعيد منذ توليه الحكم سنة 2019 بتخطيط من نجل الغنوشي معاذ وبتمكين من وليد البلطي الذي كان الصديق المقرب لعكاشة.
وفي وثائق قضية التآمر على أمن الدولة الثانية ،توجد اعترافات صريحة من البلطي بوجود محاولة لاختراق للدولة التونسية بتعيين وزراء ومسؤولين تمهيدا لقلب المنظومة وإزاحة قيس سعيد.
وكانت العملية تتم بالتنسيق مع ضابط استخبارات فرنسي كان يتلقى التعليمات من مستشار بالديوان الرئاسي في فرنسا، حيث كانوا يلعبون حتى على الوضع الصحي للرئيس، وفق تلك الوثائق.
تواطؤ الإدارة
وقال القيادي بمسار 25 يوليو عبد الرزاق الخلولي، إنه توجد ملفات تثبت تواطؤ الإدارة التونسية، ما قبل 25 يوليو 2021، في مساعدة أشخاص صادرة في حقهم قرارات بمنع السفر وقيود أخرى, على مغادرة تونس على غرار قيادات إخوانية بارزة وشخصيات مورطة في الفساد، حسب قوله.
وثمّن الخلولي، صدور بطاقات اعتقال دولية في حق 12 شخصا، ومن الذين ثبت وجودهم خارج التراب التونسي.
وأفاد بأن الهدف من إصدار مذكرات اعتقال هي مصادرة أملاك هؤلاء وأموالهم وحساباتهم بتونس وبالخارج، على حدّ تعبيره.
وأوضح أن النهضة انتهت وهي في حالة حرجة وموت سريري، وذلك منذ إجراءات 25 يوليو 2021.
وأكد أن الحركة تشهد حالة من الانقسام داخل قياداتها، ويكمن ذلك في شق داعم لراشد الغنوشي يترأسه معاذ الغنوشي وصهره رفيق عبد السلام زوج سمية ابنة الغنوشي والشق الثاني يترأسه منذر الونيسي.
وأوضح أن شق معاذ ورفيق عبد السلام يتحكم في تمويل الحركة ولا يمول إلا من يتفق مع توجهه ببقاء الغنوشي على رأس الحركة ، أما شق الونيسي فتوجه لرجال الأعمال للبحث عن التمويل مقابل ترشيحهم للرئاسية والاشراف على حملة انتخابية لصالحهم.
من جهة أخرى، قال عبد المجيد العدواني الناشط والمحلل السياسي إن حركة النهضة حاليا أصبحت خارج المشهد السياسي التونسي وهي التي تسببت في مآسي العشرية سابقة التي يدفع ثمنها التونسيون.
وأكد في تصريحات لـ"العين الاخبارية" أن معاذ الغنوشي، يعد من أخطر رجالات التنظيم حيث يحاط بشبكة علاقات واسعة بمساعدة صهره والد زوجته وبإمدادات مالية كبيرة.
وأشار إلى أن معاذ الغنوشي يحاول بعلاقاته تشويه صورة تونس وإظهارها في صورة الدولة الاستبدادية التي تنكل بسياسييها خاصة وأنه يتم الترويح لأن قيادات الإخوان المتورطة في الإرهاب والدم والفساد المالي، تم سجنها لأفكارها السياسية .
وأوضح أن الانشقاقات التي عرفتها الحركة، إضافة إلى الإيقافات وقرار غلق مقارها ساهما في تفكيك هذا الحزب بالرغم من المخططات التي سعت لتنفيذها للعودة من جديد للحكم.
تطهير مفاصل الدولة
وسبق أن شدد الرئيس التونسي قيس سعيد على ضرورة إعداد مشروع أمر رئاسي يتعلق بتطهير الإدارة (الحكومة) من الذين تسللوا إليها بغير وجه حق منذ أكثر من عقد من الزمن، وتحولوا إلى عقبات تعوق سير عمل الدولة".
وإثر سقوط نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي في 2011، وبعد وصول الإخوان للسلطة ووضع أيديهم على جميع مفاصل الدولة، تم إصدار مرسوم عرف بـ"العفو التشريعي العام" في 19 فبراير/شباط من العام نفسه تم بمقتضاه انتداب نحو 7 آلاف موظف؛ أغلبهم من الإخوان وأنصارهم، بالمؤسسات الحكومية.
وبعد 2011، استثمر الإخوان، بمن فيهم من شارك في عملية إرهابية عام 2007، قانون "العفو التشريعي العام" ومبدأَي العودة إلى العمل أو الانتداب المباشر في الوظيفة الحكومية.
ومنح الإخوان أعضاء التنظيم وأنصاره تعويضات مالية كبيرة، واستحدثوا صندوقاً وحساباً خاصاً في الخزينة العامة، منتهكين بذلك الإجراءات القانونية، باسم "حساب جبر الضرر لضحايا الاستبداد المتمتعين بالعفو العام".
ومكنت أسر الإخوان في المؤسسات العامة، عبر تعيين فردين أو ثلاثة أو أكثر، إلى حدّ 11 فرداً من عائلة واحدة موالية لهم، بدلاً من توزيع هذه الوظائف على الأسر الفقيرة للمساهمة في تحسين أوضاعهم
aXA6IDMuMTMzLjEzMy4zOSA= جزيرة ام اند امز