الإمارات وعٌمان.. أخوة تتوثق وعلاقات تترسخ

تحل، الخميس، ذكرى العيد الوطني لسلطنة عمان الـ51، في وقت تتوثق فيها الأخوة التاريخية والشراكة الاستراتيجية بين البلدين وتزداد قوة.
وتحتفل عمان بعيدها الوطني يوم 18 نوفمبر/تشرين الثاني، الذي يوافق يوم مولد سلطان عمان الراحل قابوس بن سعيد، لما شهدته البلاد في عهده من نهضة وتطور في مجالات شتى، فيما بدأ الاحتفال به قبل 51 عاما مع تولي السلطان قابوس الحكم عام 1970.
وكان قابوس أعلن عقب توليه الحكم بدء انطلاق مسيرة نهضة السلطنة العمانيّة، وعلى إثرها بدأت مرحلة بناء الدّولة الحديثة.
وبعد توليه مقاليد الحكم 11 يناير 2020، وجه السلطان هيثم بن طارق باستمرار يوم 18 نوفمبر يومًا وطنيًّا للنهضة تحتفل به السلطنة كل عام، في لفتة طيبة تعبِّر عن أصدق مواقف الوفاء والصدق وأنبل المشاعر تجاه السلطان الراحل.
وكما شهدت العلاقات الثنائية بين دولة الإمارات وسلطنة عمان تطورا ملحوظا في جميع المجالات في عهد السلطان الراحل قابوس بن سعيد، استمر الزخم في علاقات الأخوة والتعاون بين البلدين، وتزايدت وتيرته مع تولي السلطان هيثم بن طارق آل سعيد مقاليد الحكم، قبل عامين.
احتفاء إماراتي
يجسد احتفاء الإمارات، قيادة وشعبا، بالعيد الوطني العماني عمق العلاقات الأخوية التاريخية بين البلدين والمصير المشترك الذي يجمعهما.
وتشارك دولة الإمارات سلطنة عمان احتفالاتها بعيدها الوطني الـ51، في تأكيد على متانة العلاقات الأخوية الراسخة بين البلدين التي شهدت خلال العقود الماضية نموا سريعا في ظل القيادة الحكيمة للشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات، وسلطان عمان هيثم بن طارق، لتصل إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
ويأتي الاحتفال تحت شعار "عمان منا، ونحن منهم"، حيث تشهد الإمارات مجموعة من الفعاليات والعروض المميزة احتفاءً بالذكرى الـ51 للنهضة المباركة لسلطنة عمان.
وتتضمن الفعاليات إضاءة عدد من أبرز معالم الدولة العمرانية بالعلم العماني، واستقبال الزوار العمانيين القادمين إلى الإمارات عبر المعابر الحدودية والمطارات بالورود والهدايا التذكارية، وتخصيص ختم خاص لجوازات سفرهم من وحي المناسبة، إلى جانب تنظيم فعاليات خاصة للاحتفال بالمناسبة في إكسبو 2020 دبي والقرية العالمية ومراكز التسوق التجارية.
وتتحول المناسبات الوطنية في البلدين إلى احتفالية مشتركة تجسد أواصر الأخوة والمحبة والمصير المشترك الذي يجمع بين البلدين، والعلاقات الأخوية والروابط التاريخية التي تتوثق وتزداد تلاحما وقوة عاما تلو الآخر.
وتحل ذكرى العيد الوطني للسلطنة هذا العام، في وقت يتزايد فيه التعاون الثنائي بين البلدين على مختلف الأصعدة.
فقبل أيام أجرى الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي مباحثات لتعزيز التعاون مع بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي وزير خارجية سلطنة عمان، في أحدث سلسلة زيارات ومباحثات متبادلة بين الجانبين لدعم العلاقات وتنسيق الجهود وزيادة التعاون بينهما.
علاقات المودة والأخوة والمحبة ظهرت جلية أيضا في فرحة السلطنة بإنجازات الإمارات، والتعبير عن الفخر بها.
وكانت سلطنة عمان من أوائل الدول التي هنأت دولة الإمارات بمناسبة فوزها باستضافة مؤتمر المناخ "COP 28" قبل أيام، كما سبق أن هنأتها في يونيو/حزيران الماضي بفوزها بعضوية مجلس الأمن، وقبلها بإطلاق "مسبار الأمل"، في تهانٍ تعبر عن قوة العلاقة ومقدار الأخوة والمحبة التي تجمع البلدين.
رسائل القادة
أيضا ظهرت تلك العلاقات القوية جلية أيضا في الاتصال الهاتفي الذي أجراه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية 5 أكتوبر الماضي مع السلطان هيثم بن طارق بن تيمور آل سعيد معبرا عن تضامن بلاده مع السلطنة عقب الحالة المدارية "شاهين" التي شهدتها البلاد آنذاك.
وعبر الشيخ محمد بن زايد آل نهيان خلال الاتصال عن تضامن دولة الإمارات مع سلطنة عمان، حكومة وشعبا ووقوفها إلى جانبها في مواجهة تداعيات هذه الحالة.
من جانبه شكر السلطان هيثم بن طارق بن تيمور آل سعيد، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، على مبادرته الطيبة وما أبداه من مشاعر أخوية صادقة تجاه سلطنة عمان وشعبها.
ويحل العيد الوطني للسلطنة في وقت تشارك فيه عمان بإكسبو 2020 دبي التي تستضيفه الإمارات الذي يعد أول إكسبو دولي يقام في العالم العربي، وأكبر حدث ثقافي في العالم.
وقام الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بزيارة جناح سلطنة عمان، المقام في منطقة "التنقل" في مقر معرض إكسبو 2020 دبي، حيث أبدى إعجابه بتصميم الجناح الذي جاء مستوحى من أصالة التراث العماني العريق وارتباطه بمكونات البيئة العمانية ومن أهمها شجرة اللبان التي تم استلهام تصميم الجناح منها.
واطلع خلال الزيارة على المحتوى الذي يقدمه الجناح ويعكس في ملامحه إنجازات السلطنة الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والعلمية، وبما يجسد رؤية "عمان 2040".
وأثنى الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم على إبداع العرض الذي قدمت من خلاله سلطنة عمان الشقيقة سردا إبداعيا يروي قصة النهضة الشاملة التي تشهدها السلطنة بقيادة السلطان هيثم بن طارق بن تيمور آل سعيد، متمنيا كل التوفيق والسداد للسلطنة قيادة وشعبا للوصول إلى مستويات التميز في مختلف المجالات.
ويمثل تعميق العلاقات مع سلطنة عمان أولوية رئيسية لدى القيادة الإماراتية، وهو ما عبر عنه الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في تصريح سابق قال فيه: "عمان منا ونحن منهم، أخوتنا وأشقاؤنا وعضدنا، وعلاقات ممتدة نفخر بها وترسخها شعوبنا كل يوم".
بدوره جسد تصريح الشيخ محمد بن زايد آل نهيان خصوصية العلاقات الإماراتية العمانية وعمقها التاريخي، حيث قال "الإمارات وعمان أخوة متجذرة وعلاقات ممتدة لا تزيدها الأيام إلا رسوخا وقوة ومحبة".
مباحثات وزيارات
تعبيرا عن هذا التوجه، يواصل البلدان تعزيز العلاقات في مختلف المجالات عبر مباحثات متواصلة وزيارات متبادلة.
وقبل أيام، استقبل الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي يوم 13 نوفمبر الجاري بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي وزير خارجية سلطنة عمان.
جرى خلال اللقاء بحث العلاقات الأخوية والتاريخية الراسخة بين البلدين وسبل تعزيز أطر التعاون المشترك في المجالات كافة بما يحقق المصالح المشتركة للبلدين الشقيقين ويعود بالخير على شعبيهما.
وأكد الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان خلال اللقاء عمق العلاقات الأخوية بين دولة الإمارات وسلطنة عمان وقيادتهما والحرص على تعزيز وتنمية آفاق التعاون المشترك في المجالات كافة.
وعبر عن تمنياته لسلطنة عمان الشقيقة دوام التقدم والازدهار تحت قيادة السلطان هيثم بن طارق بن تيمور آل سعيد سلطان عمان.
لقاء يأتي بعدة عدة شهور من زيارة أجراها الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان إلى مسقط 14 فبراير/شباط الماضي وأجرى خلالها مباحثات مع البوسعيدي بشأن العلاقات الأخوية والتاريخية الراسخة بين دولة الإمارات وسلطنة عمان وسبل تعزيز مسارات التعاون المشترك بين البلدين الشقيقين في المجالات كافة.
على الصعيد الاقتصادي، ترأس الدكتور سلطان بن أحمد الجابر وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة وفدا إماراتيا في زيارة لسلطنة عمان ١٨ أكتوبر الماضي، بمشاركة عدد من الجهات الحكومية وشركات القطاع الخاص.
والتقى خلال الزيارة قيس بن محمد اليوسف، وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار في السلطنة، وعددا من المسؤولين في القطاعات ذات الصلة.
تأتي هذه الزيارة ضمن العلاقات الأخوية والاستراتيجية مع سلطنة عمان، واستكشاف فرص التعاون المشتركة بين البلدين ، وتوسيع آفاق الشراكة على جميع المستويات الحكومية والخاصة، خصوصا في قطاعات الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة والبنية التحتية للجودة وغيرها.
على صعيد التعاون العسكري، أجرى الفريق الركن حمد محمد ثاني الرميثي رئيس أركان القوات المسلحة الإماراتية زيارة إلى السلطنة في 16 أغسطس/آب الماضي، أجرى خلالها مباحثات لتعزيز التعاون العسكري وسبل تعزيزها بما يخدم أمن واستقرار المنطقة مع عدد من كبار المسؤولين من بينهم شهاب بن طارق بن تيمور آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع في سلطنة عمان.
وأكد الفريق الرميثي خلال اللقاء أن العلاقات الإماراتية العمانية تزداد تطوراً ورسوخاً في ظل دعم ورعاية قيادتي البلدين.
تهانٍ ودلالات
ولم تفوت السلطنة مناسبة إلا وعبرت فيها عن المكانة التي تحتلها الإمارات لديها واعتزازها بإنجازاته، في تعبير صادق عن حجم المودة والمحبة بين البلدين.
وهنأت سلطنة عمان دولة الإمارات بمناسبة فوزها باستضافة مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "كوب 28" عام 2023.
قال وزير خارجية سلطنة عمان بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي: "خالص التهاني للأشقاء في دولة الإمارات العربية المتحدة الفوز باستضافة الدورة الـ28 لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "COP28" في 2023".
وأضاف البوسعيدي، في تغريدة نشرها الحساب الرسمي لوزارة الخارجية على تويتر، أن فوز الإمارات "مكسب جديد وإبراز عالمي مهم لمنطقتنا".
وتستضيف دولة الإمارات الدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر دول "COP 28" في عام 2023، والذي يعد أهم وأكبر مؤتمر دولي للعمل المناخي بمشاركة قادة وزعماء العالم.
وسبق أن هنأ سلطان عمان الإمارات بنجاح وصول "مسبار الأمل" إلى كوكب المريخ، واصفا إياه بالإنجاز العظيم لدولة الإمارات ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وللعرب عموما.
كما هنأت سلطنة عمان في يونيو/حزيران الماضي دولة الإمارات العربية المتحدة بانتخابها عضوا في مجلس الأمن الدولي للفترة "2022-2023".
وقالت وزارة الخارجية في سلطنة عمان: "تعبر سلطنة عمان عن مساندتها لدولة الإمارات في مهامها تجاه قضايا الأمن والسلم الدوليين وبما يخدم في الوقت نفسه مصالح دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والقضايا العربية والإسلامية".
علاقات تاريخية
تشارك دولة الإمارات سلطنة عمان الشقيقة احتفالاتها بعيدها الوطني، في مشهد يعكس العلاقات الأخوية الراسخة بين البلدين.
وتستمد العلاقات الإماراتية-العمانية قوتها من جذورها التاريخية المتأصلة، وحرص قيادتي البلدين على دفعها نحو مزيد من التطور والتقدم، واستثمار الفرص المتاحة في هذا الشأن، بما يلبي طموحات الشعبين.
وتجمع البلدين الشقيقين علاقات اجتماعية وثقافية تمتد جذورها إلى عمق التاريخ، وقد مرت خلال العقود الماضية بالعديد من المحطات البارزة التي أسهمت بصورة مباشرة في ترسيخها والمضي بها قدماً.
وتعود العلاقات الإماراتية-العمانية لعقود مضت، وشكلت الزيارة التاريخية للشيخ الراحل زايد بن سلطان آل نهيان -رحمه الله- إلى سلطنة عمان في عام 1991 منعطفاً مهماً في مسيرة التعاون بين البلدين، والتي تم على أثرها تشكيل لجنة عليا مشتركة بين البلدين، كان من أبرز إنجازاتها اتخاذ قرار بتنقل المواطنين بين البلدين باستخدام البطاقة الشخصية "الهوية" بدلاً من جوازات السفر، وتشكيل لجنة اقتصادية عليا أجرت العديد من الدراسات لإقامة مجموعة من المشاريع المشتركة.
كما تم التوقيع على العديد من الاتفاقيات الثقافية والتربوية بينهما، معززة بتبادل الزيارات في مختلف المجالات الثقافية والتربوية بغرض الاستفادة من الخبرات، وتطوير مجالات التعاون.
وازدادت العلاقات الثنائية الأخوية بين البلدين تماسكاً ورسوخاً في ظل القيادة الحكيمة للشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، وسلطان عمان هيثم بن طارق.
لغة الأرقام
وتترجم معدلات النمو المتزايدة لحجم التبادل التجاري والاستثماري المشترك، حالة التفاهم والترابط التي تجمع البلدين، إذ سجل حجم التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين خلال عام 2020 نحو 42،3 مليار درهم، فيما بلغت نسبة النمو في حجم التبادل التجاري غير النفطي خلال النصف الأول من عام 2021 نحو 24،1% مقارنة بنفس الفترة من عام 2020، حيث ارتفعت قيمة التبادل التجاري من 18،98 مليار درهم إلى 23،56 مليار درهم.
وسجل حجم الصادرات الإماراتية إلى سلطنة عمان نموا بنسبة 18،1% خلال النصف الأول من عام 2021 مقارنة بنفس الفترة من العام 2020، حيث ارتفعت قيمة الصادرات من 6،79 مليار درهم إلى 8،02 مليار درهم، وفي المقابل سجلت الاستثمارات العمانية المباشرة في الإمارات نموا بنسبة 46،8% مطلع عام 2020 مقارنة بمطلع عام 2019.