سلام إثيوبيا وإريتريا.. مجهود إماراتي لحماية الدول العربية وأمن الخليج
قمة أبوظبي الثلاثية ودعم الإمارات للسلام الإثيوبي الإريتري يمثلان تعزيزا لعلاقات الدول العربية مع القرن الأفريقي.
منذ أقل من عام، كانت منطقة القرن الأفريقي مؤهلة لتكون الأخطر في العالم، والحاضنة لجماعات الإرهاب وكانت البوصلة تحركها من خلال محور ثلاثي الشر، قطر وإيران وتركيا، لتكون منطقة صراعات دائمة بأيدي أبناء المنطقة، وتهديد لأمن الخليج والدول العربية.
ولكن بالمصالح التنموية والاقتصادية المشتركة، أصبح القرن الأفريقي مؤهلا ليكون منطقة واعدة في التنمية والاستثمار، بما تم من اتفاق سلام تاريخي بين إثيوبيا وإريتريا، بمجهود إماراتي- سعودي أخذ شكله النهائي في قمة أبوظبي. هذا ما أوضحه خبراء الأمن والاستراتيجية في الشأن الأفريقي من أهمية ما جاءت به اتفاقية السلام بين إثيوبيا وإريتريا.
وأوضح خبراء استراتيجيون في الشؤون الأفريقية، أن نموذج الإمارات في إتمام السلام بين إثيوبيا وإريتريا، جسد مسيرة تمت بواقعية، واضعة في الاعتبار أهمية القرن الأفريقي في حماية مستقبلية للأمن القومي العربي والأفريقي.
وأشاروا إلى أن التنمية والاستثمارات هما المفتاح للقضاء على أي صراعات أو مسلسلات من الحروب؛ ما سيكون لهذا الاتفاق الذي يُعَد مثاليا في حل النزاعات على تعزيز منظومة الأمن الإقليمي، لافتين إلى أن هذا النموذج يمكن تطبيقه في تسوية الكثير من الصراعات حول العالم.
ويرى الأمين العام لمنظمة الوحدة الأفريقية السابق، السفير أحمد حجاج، أن قمة أبوظبي التي جمعت الرئيس الإريتري ورئيس الوزراء الإثيوبي، بعد إتمام اتفاق السلام برعاية إماراتية، توضح نموذجا مهما أقدمت عليه أبوظبي، وأداره الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، من الممكن اختصاره في أنه منذ أقل من عام، كانت منطقة القرن الأفريقي، مهددة بأن تكون أخطر منطقة في العالم، لما ينتظمها من توتر وصراعات، يمكن أن تدفعها لأن تكون منصة جديدة للجماعات الإرهابية، عبر خطة من ثلاثي قطر وتركيا وإيران.
بيد أنه وفي إطار الخطة التنموية التي عملت عليها الإمارات، لتعزيز منظومة الأمن الإقليمي، أصبحت المنطقة من المناطق المؤهلة، لتكون نشطة في التنمية الاقتصادية، بعد حل صراع تاريخي مسلح بين إثيوبيا وإريتريا، بات الآن قائما على تعاون اقتصادي واستثماري وسياسي، وتبادل لمصالح مشتركة، توجد فيه دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، تمثيلا لتحالف الرباعي العربي، لمواجهة الإرهاب الذي يضم مصر والبحرين أيضا.
وأوضح حجاج أن الإمارات قامت بدور كبير بالتقريب بين البلدين، إريتريا وإثيوبيا؛ ما دفع رئيس حكومة الأخيرة "أبي أحمد" بخطوة غير مسبوقة بالتنازل عن الأرض، التي قضت بها محكمة التحكيم لـ"إريتريا"، والتي رفضت الحكومات الإثيوبية السابقة تسليمها، لتتوج عملية السلام باتفاقات تسمح باستخدام إثيوبيا لموانئ إريترية.
وأشار إلى أن قمة أبوظبي المهمة ودعوة الإمارات لاجتماع على أراضيها بين رئيس أريتريا ورئيس الوزراء الإثيوبي، لن يفيد علاقات الإمارات في القرن الأفريقي فقط، ولكن علاقات الدول العربية مع القرن الأفريقي، سواء على مستوى الأمن القومي الخليجي، ومصالح وتنمية مصر والسودان وأيضا ليبيا، في ظل محاولات تركيا وقطر العبث بأمن المنطقة، ومساعيهما لضرب العلاقات الخليجية مع دول القرن الأفريقي.
فيما اضطلعت إريتريا بدور نشط ومؤثر لإحداث تنمية، والحفاظ على علاقات العرب بالقرن الأفريقي، لا سيما على مستوى الأمن القومي؛ ما ينعكس على أمن البحر الأحمر ومنطقة الخليج العربي، هذا ما تحدث عنه نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الأفريقية، السفير صلاح حليمة، مشيرا إلى أن عملية السلام بين إريتريا وإثيوبيا أمر معقد وصعب، وصراع كان يستغل من محور الإرهاب، حتى تظل هذه المنطقة بؤرة سوداء، وتجمعا بشريا دوليا لجماعات إرهابية، أو انطلاقة ضد مصالح دول الخليج ودول البحر الأحمر.
إلا أن الإمارات، بحسب حليمة، وجدت أن التنمية تحمل مصلحة للدول العربية على المستوى الاقتصادي، تتحول بعد ذلك لخلق ظهير لحماية الأمن القومي العربي، وعدم ترك المنطقة لإصابة الإرهاب، ومن ضمن العقبات الصراع بين إثيوبيا وإريتريا، ولكن القيادة في الإمارات عملت بهدوء مع البلدين، لإنهاء النزاع والصراع، وخرج السلام هناك حتى تكون المنطقة مؤهلة لاستثمارات وتجارة وتنمية اقتصادية.
وأشار إلى أن الإمارات عملت مع السعودية بالنيابة عن دول الرباعي المواجه للإرهاب على إتمام دور حيوي وقادت الأمر بذكاء، فالمصالح المشتركة هي اللغة المتبادلة والتنمية تقضي على أي أرض خصبة، لاحتضان الصراع أو الإرهاب، على عكس ما كانت تبذله قطر وتركيا، بالعمل على الوجود في قواعد بالقرن الأفريقي، لتكون حاضنة بشرية، وتمول أطرافا بالمال والسلاح لإبقاء الصراعات، والتحكم في منطقة القرن، وبالطبع عملت الإمارات على إتمام علاقة قائمة على التنمية، عبّرت في النهاية عن نجاحها بقمة "أبوظبي"، التي وثقت الدور الإماراتي.
الخبير في العلاقات الاستراتيجية الأفريقية، ورئيس مجلس أمناء المركز المصري للدراسات والأبحاث الاستراتيجية، اللواء هاني غنيم، قال إن اتفاقية السلام بين إريتريا وإثيوبيا تقول إن الإمارات أتمت مواجهة، وأنشأت حائط صد لأي محور يعمل على منع التنمية وتأصيل جماعات الإرهاب في القرن الأفريقي، ليوجد هناك محور يعمل على التنمية، وإيقاف محاولات جعل القرن الأفريقي تحت صراع مسلح ومواجهات عسكرية، في ظل استراتيجية التزمت بها "أبوظبي"، وهي تبادل المصالح المشتركة الاقتصادية، وبالتالي تتحول دول صراعات إلى بلدان استقرار، ونجد مصالحة وتعاونا مثلما نراه الآن بين إثيوبيا وإريتريا.
وأكد غنيم أن الإمارات ساعدت على الاستقرار والاستثمار في إثيوبيا، وتشجيعها على التطور الاقتصادي لأديس أبابا، لتحتل مرحلة متقدمة بين الدول الأكثر نموا في القارة الأفريقية، من خلال مشروعات واستثمارات، لافتا إلى أن "أبي أحمد" يسعى لإنهاء المشكلات مع دول الجوار، والإمارات ساعدته على إتمام ذلك، لا سيما أن المصالحة جاءت بعد صراع دام 31 سنة، عندما برز دور "أبوظبي" بإرساء تعاون بين البلدين، وهذا النجاح رسالة على المستوى الدولي والإقليمي، بالدور المهم للإمارات في استقرار المنطقة، وستكون له توابع في مناطق أخرى.
aXA6IDMuMTQuMTM1LjgyIA== جزيرة ام اند امز