قمة إماراتية مصرية أردنية بالقاهرة.. رسائل ودلالات
قمة إماراتية مصرية أردنية بالقاهرة، يتصدر أجندتها تعزيز العلاقات ومواجهة التصعيد الإسرائيلي في المسجد الأقصى واستعادة التهدئة الشاملة.
وعقدت في وقت لاحق من اليوم الأحد، قمة ثلاثية تجمع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وعاهل الأردن الملك عبدالله الثاني.
واستقبل الرئيس السيسي بمطار القاهرة، الأحد، كلًا من العاهل الأردني ولي عهد أبوظبي، بحسب ما صرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية المصرية السفير بسام راضي.
وقالت وكالة الأنباء الأردنية "بترا"، إن الملك عبدالله الثاني سيعقد خلال الزيارة، لقاء مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في دولة الإمارات العربية المتحدة.
ويتصدر أجندة القمة إضافة إلى تعزيز العلاقات الثنائية، الأوضاع في الأراضي الفلسطينية بعد تصاعد التوترات في القدس جراء الاقتحامات الإسرائيلية للأقصى، إضافة لتوتر الأوضاع في قطاع غزة.
ويجمع الدول الثلاث تصدر القضية الفلسطينية أجندة سياساتهم الخارجية، وسط توافق في وجهات النظر بينهم بأن السلام الشامل والدائم والعادل هو السبيل الوحيد لحل تلك الأزمة.
وتكتسب تلك القمة أهميتها ليس فقط من حجم وثقل وأهمية الدول الثلاث فقط، بل أيضا لكونها تعد أول قمة من نوعها تعقد على هذا المستوى بعد التوترات الأخيرة في الأراضي الفلسطينية.
مباحثات متواصلة
أيضا تأتي تلك القمة بعد أسبوع من مباحثات هاتفية جمعت بين العاهل الأردني وكلا من الرئيس المصري وولي عهد أبوظبي كلا على حدة.
وفي 18 أبريل/ نيسان الجاري، تلقى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، اتصالاً هاتفياً من الملك عبدالله الثاني تناول العلاقات الأخوية وسبل دعمها وتوسيع آفاقها في مختلف المجالات بما يعود بالخير والنماء على البلدين وشعبيهما الشقيقين، إضافة إلى المستجدات في المنطقة وعددٍ من القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك.
وفي اليوم نفسه، تلقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اتصالاً هاتفياً من الملك الأردني تناول عددا من موضوعات التعاون المشترك وسبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين وآخر مستجدات القضايا الإقليمية والدولية.
أيضا تعقد القمة بعد 3 أيام من الاجتماع الطارئ للجنة الوزارية العربية لمواجهة السياسات الإسرائيلية غير القانونية في القدس والذي استضافه الأردن وشاركت فيه الدول الثلاث.
كذلك تعد تلك القمة هي الثانية من نوعها التي تجمع قادة الدول الثلاث خلال شهر، بعد القمة التي جمعتهم في مدينة العقبة الأردنية 25 مارس/ آذار الماضي، وحضرها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وعاهل الأردن الملك عبد الله الثاني والرئيس السيسي والدكتور مصطفى الكاظمي رئيس وزراء العراق.
أيضا تعد تلك القمة هي الرابعة التي تجمع الرئيس المصري وولي عهد أبو ظبي خلال الفترة نفسها بعد القمتين التي جمعتهما في مدينة شرم الشيخ المصرية يومي 21 و22 مارس/ آذار الماضي.
وبحث الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والرئيس المصري خلال قمة جمعتهما في 21 مارس/ آذار مختلف جوانب العلاقات الثنائية وسبل الارتقاء بها ودفعها إلى الأمام لمصلحة البلدين وشعبيهما.
وتطرقت المباحثات إلى الأوضاع في المنطقة العربية وأهمية تعزيز التضامن العربي في مواجهة التحديات المشتركة، في ظل التطورات والتحولات المتسارعة في المنطقة والعالم.
وفي اليوم التالي، عقدت قمة جمعت ولي عهد أبو ظبي والرئيس السيسي ونفتالي بينيت رئيس وزراء إسرائيل بحثت التعاون والتنسيق والتشاور بما يلبي طموحات التنمية والاستقرار في المنطقة.
كما تعد قمة اليوم الأحد هي الثالثة التي تجمع ولي عهد أبو ظبي وعاهل الأردن خلال شهرين، بعد القمة التي جمعتهم خلال زيارة العاهل الأردني لأبو ظبي في 25 فبراير/ شباط الماضي، وتم خلالها بحث العلاقات الأخوية بين البلدين ومسارات التعاون والعمل المشترك في مختلف الجوانب التي تخدم مصالحهما المتبادلة، إضافة إلى مجمل التطورات والقضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك.
عقد تلك القمم المتتالية بين قادة الدول الثلاث خلال تلك الفترات القصيرة يكشف الحرص المشترك على تعزيز العلاقات الثنائية ودعم القضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية ودعم الأمن والاستقرار في المنطقة.
دعم القضية الفلسطينية
وتعقد تلك القمة في توقيت هام، على خلفية التوترات التي تشهدها الأراضي الفلسطينية.
ومنذ أيام، يسود توتر في القدس وساحات "الأقصى"، جراء اقتحامات إسرائيلية للمسجد، تزامنت مع عيد الفصح اليهودي الذي انتهى الخميس، بعد أن استمر أسبوعا.
كما أعلنت إسرائيل إغلاق معبرها الوحيد مع قطاع غزة، اعتبارا من الأحد، ردا على إطلاق ناشطين فلسطينيين ثلاثة صواريخ على أراضيها.
وتقوم الدول الثلاث بجهود حثيثة لمواجهة التصعيد واستعادة الهدوء ودعم القضية الفلسطينية
واستضاف الأردن، الخميس، اجتماعا عربيا طارئا لبحث الأوضاع في المسجد الأقصى المبارك، في ظل التوتر الذي يشهده منذ أيام.
وتضم اللجنة الوزارية، الأردن (رئيسا)، ودولة الإمارات العربية المتحدة، والسعودية، وفلسطين، ومصر، وقطر، والمغرب، والجزائر، وتونس، إلى جانب الأمين العام لجامعة الدول العربية.
وأدانت اللجنة الوزارية العربية الموقف الإسرائيلي في القدس، محذرة من أنه ينذر بإشعال دوامة من العنف تهدد الأمن في المنطقة والعالم.
وأكدت اللجنة رفضها جميع الممارسات الإسرائيلية اللاشرعية المستهدفة تغيير الوضع القانوني والتاريخي القائم في المسجد الأقصى المبارك/الحرم القدسي الشريف، وأي محاولة لفرض تقسيمه زمانيا ومكانيا، وإدانة هذه الممارسات خرقا سافرا للقانون الدولي، ولمسؤوليات إسرائيل القانونية بصفتها القوة القائمة بالاحتلال.
وطالبت اللجنة إلى ضرورة احترام إسرائيل الوضع التاريخي والقانوني القائم في الحرم القدسي الشريف، والعودة إلى ما كان عليه قبل عام (2000)، وبما يضمن احترام حقيقة أن المسجد الأقصى والحرم القدسي، بمساحته البالغة مائة وأربعة وأربعين دونما، هو مكان عبادة خالص للمسلمين، وتكون الزيارة لغير المسلمين له بتنظيم من إدارة الأوقاف الإسلامية، التابعة لوزارة الأوقاف والمقدسات الإسلامية الأردنية، بصفتها الجهة القانونية صاحبة الاختصاص الحصري بإدارة جميع شؤون الحرم وتنظيم الدخول إليه.
ودعت اللجنة المجتمع الدولي، خصوصا مجلس الأمن، إلى التحرك الفوري والفاعل لوقف الممارسات الإسرائيلية غير القانونية والاستفزازية في القدس والحرم الشريف، حماية للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وللحؤول دون تفاقم موجة العنف، وحفاظا على الأمن والسلم.
ووجهت دعوتها خصيصا إلى مجلس الأمن لتحمل مسؤولياته في حفظ السلم والأمن الدوليين، وتطبيق قراراته ذات الصلة بمدينة القدس الشرقية، بما فيها القرارات 252 (1968) و267 (1969).
وأشارت اللجنة إلى استمرار تنسيق الجهود بين جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، بهدف حماية مدينة القدس المحتلة ومقدساتها، والحفاظ على هويتها العربية الإسلامية والمسيحية.
وشددت على دور الوصاية الهاشمية التاريخية، التي يتولاها الملك الأردني عبدالله الثاني بن الحسين في حماية الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية بالقدس، والوضع التاريخي والقانوني القائم فيها، وضرورة إزالة جميع القيود والمعيقات التي تقيد عمل دائرة الأوقاف في إدارة شؤون المسجد الأقصى والحرم القدسي الشريف والحفاظ على مرافقه.
وفي وقت سابق قالت مصادر فلسطينية لـ"العين الإخبارية"، إن مصر تجري اتصالات حثيثة مع الفلسطينيين والإسرائيليين لمنع التصعيد في غزة.
وأشارت المصادر، التي فضلت عدم الكشف عن اسمها، إلى أن: "مصر كانت على اتصال مع الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية والفصائل في غزة خلال الأسابيع الماضية، لكن وتيرة الاتصالات زادت في الساعات الأخيرة".
وأضافت أن: "الرسالة المصرية إلى الأطراف واضحة، بأنه يجب التحلي بضبط النفس والتزام بالتهدئة وعدم السماح بانجرار الأمور نحو التصعيد الذي ستكون له انعكاسات خطيرة للغاية".
الإمارات والانتصار للأقصى
بدورها تبذل الإمارات جهودا متواصلة لدعم القضية الفلسطينية ومواجهة التصعيد الإسرائيلي الأخير.
وأكد الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي خلال اتصال هاتفي مع يائير لابيد وزير خارجية دولة إسرائيل ، الخميس، على أهمية تهدئة الأوضاع ووقف أية ممارسات تنتهك حرمة المسجد الأقصى المبارك.
وأشار إلى ضرورة احترام الدور التاريخي المهم الذي تقوم به المملكة الأردنية الهاشمية في رعاية المقدسات والأوقاف بموجب القانون الدولي.
وأوضح أن المنطقة بحاجة إلى الاستقرار والعمل المشترك من أجل المضي قدما في مسارات التنمية على الأصعدة كافة بما يحقق تطلعات الشعوب في التقدم والازدهار.
واستدعت ريم بنت إبراهيم الهاشمي وزيرة الدولة الإماراتية لشؤون التعاون الدولي، أمير حايك سفير دولة إسرائيل لدى البلاد، الثلاثاء، وأبلغته احتجاج الدولة واستنكارها الشديدين على الأحداث التي تشهدها القدس والمسجد الأقصى، من اعتداءات على المدنيين واقتحامات للأماكن المقدسة، والتي أسفرت عن إصابة عدد من المدنيين.
وأكدت ضرورة الوقف الفوري لهذه الممارسات وتوفير الحماية الكاملة للمصلين واحترام السلطات الإسرائيلية حق الفلسطينيين في ممارسة شعائرهم الدينية ووقف أية ممارسات تنتهك حرمة المسجد الأقصى، وأعربت عن قلقها من تصاعد حدة التوتر الذي يهدد الاستقرار والأمن في المنطقة.
وشددت على ضرورة خلق بيئة مناسبة تتيح العودة إلى مفاوضات جدية تفضي إلى تحقيق سلام عادل وشامل، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وفقاً لقرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية.
وجاء الاستدعاء بعد 4 أيام من إدانة دولة الإمارات بشدة اقتحام القوات الإسرائيلية المسجد الأقصى المبارك، والذي أسفر عن إصابة عدد من المدنيين.
وأكدت وزارة الخارجية والتعاون الدولي في بيان لها ضرورة ضبط النفس وتوفير الحماية للمصلين مشيرة إلى موقف الدولة الداعي إلى ضرورة احترام السلطات الإسرائيلية حق الفلسطينيين في ممارسة شعائرهم الدينية ووقف أي ممارسات تنتهك حرمة المسجد الأقصى.
وشددت على ضرورة دعم كافة الجهود الإقليمية والدولية المبذولة للدفع قدما بعملية السلام في الشرق الأوسط، وكذلك ضرورة وضع حد للممارسات الإسرائيلية غير الشرعية التي تهدد الوصول إلى حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود العام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
مواقف قوية تؤكد من خلالها دولة الإمارات مجددا دعمها الأبدي للقضية الفلسطينية، وأن توقيعها لمعاهدة سلام مع إسرائيل في 15 سبتمبر/أيلول 2020 لم ولن يكون على حساب القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف.
أيضا تؤكد دولة الإمارات من خلال تلك المواقف بأن السلام الشامل والدائم والعادل هو السبيل الوحيد لحل أزمات المنطقة، وإنه لن يستطيع أي من الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني حسم الصراع لصالحه مهما طال الوقت، وسيكون الخاسر دائما هم الأبرياء من النساء والأطفال والمدنيين الذين لا ذنب لهم.
يأتي ذلك استمرارا لسياسة دولة الإمارات، منذ تأسيسها، في وضع القضية الفلسطينية على رأس أولوياتها باعتبارها القضية المركزية للأمة العربية، في نهج أسس له المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وتسير على خطاه القيادة الرشيدة التي تكرس الجهود كافة لإحلال قيم العدالة والسلام.
كما يأتي ترجمة لرؤية دولة الإمارات ورسالتها التي عبرت عنها عمليا منذ توقيع اتفاقية السلام التاريخية وتحملت في سبيل إيمانها برؤيتها الكثير من حملات الإساءات والافتراءات، وهي أن نشر السلام ودعم القضية الفلسطينية مساران يتكاملان ولا يتقاطعان.