فريق إماراتي يطور أول بحث متخصص لعلاج مرضى السرطان العائدين لأوطانهم
مؤسسة خليفة الإنسانية تدعم هذا البروتوكول الطبي للعائدين الذين كانوا يتلقون العالج في مستشفيات خارج الإمارات
بتمويل من مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية، وبإشراف الدكتور الإماراتي حميد الشامسي استشاري أمراض الأورام والسرطان الأستاذ المشارك بجامعة الشارقة، ورئيس جمعية الإمارات للأورام، تم إنجاز بحث علمي يعود بالفائدة على مرضى السرطان العائدين إلى بلدانهم، ومنهم المرضى الإماراتيين والمقيمين في الإمارات الذين كانوا يتابعون علاجهم خارج البلاد.
ووجهت الدعوة إلى خبراء من اختصاصات فرعيّة مختلفة في مجالات الطب والجراحة والسرطان في الإمارات العربيّة المتحدة لتشكيل فريق عمل مهمتّه مواجهة التحديّات واقتراح توصيات للمرضى العائدين من الفترة العلاجيّة خلال جائحة فيروس كورونا الذي اجتاح دول العالم.
وأكد محمد حاجي الخوري مدير عام "مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية" بأن المؤسسة، ومنذ إشهارها عام 2007 كانت ولا تزال تعتبر الرعاية الصحية إحدى الركائز المهمة في استراتيجيتها، حيث مولت وأنشأت العديد من المشاريع الصحية كالمستشفيات والمستوصفات الطبية في العديد من البلدان حول العالم.
وأضاف الخوري: "مؤسسة خليفة الإنسانية تدعم هذا البروتوكول الطبي للعائدين الذين كانوا يتلقون العالج في مستشفيات خارج الإمارات من أجل صحة المواطنين والمقيمين ورفع كفاءة الخدمات الصحية وحماية المرضى العائدين لأوطانهم من المضاعفات الخطيرة التي يمكن تجنبها من خلال دعم المزيد من الأبحاث العلمية، مثل هذا البحث العلمي الذي أنجزه فريق طبي من مختلف التخصصات".
وأشاد الخوري بالدكتور حميد الشامسي وجهوده الكبيرة في مجال مكافحة أمراض السرطان، مضيفا: "نعتبره من الكوادر الطبية الإماراتية التي نفتخر بها حيث كان أول طبيب مواطن تخصص في امراض السرطان ضمن بعثة رئيس دولة الإمارات للأطباء المتميزين وحصل على 5 شهادات في مجال الطب الباطني وأمراض السرطان والأورام من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا، وكان له عيادة خاصة في أهم المراكز العالمية المتخصصة في مكافحة امراض السرطان في مركز أم دي اندرسون في جامعة تكساس بمدينة هيوستن الأمريكية".
من جهته قال الدكتور حميد الشامسي استشاري أمراض الأورام والسرطان، الأستاذ المشارك بجامعة الشارقة ورئيس جمعية الإمارات للأورام: "تسبّبت جائحة فيروس كورونا المستجدّ (كوفيد-19) بأزمة صحيّة عالميّة على المستويات كافة. فالعديد من مرضى السرطان من دول عديدة، بما فيها الإمارات العربيّة المتّحدة، يتابعون علاجهم خارج بلادهم ويستفيد الكثير منهم من رعاية حكوماتهم لهذا العلاج في الخارج".
وأضاف: "بسبب الجائحة، أوقف عدد كبير من المرضى علاجهم بشكل مفاجئ وعادوا إلى بلادهم دون استكمال علاج السرطان مما أدى لانقطاع في خطط علاجهم وهم يواجهون تحدّيات فريدة لاستكمال علاجهم في بلدانهم".
واستكمل الدكتور الشامسي: "تم إنجاز هذا البحث العلمي من خلال مناقشة التحدّيات والتوصيات العمليّة لمرضى السرطان الذين يعودون إلى بلادهم بعد أن كانوا يتلقّون العلاج في الخارج، ومتابعة حالتهم الطبية من خلال بروتوكول طبي محدد يحمي هؤلاء المرضى".
وثمنت الدكتورة موزة عبداللـه الشرهان، رئيس جمعية الإمارات الطبية الدور الإيجابي الذي تلعبه جمعية الإمارات للأورام في تطوير قطاع السرطان والأورام في دولة الإمارات العربية المتحدة عن طريق التعاون مع مؤسسات بحثية عالمية لنشر وتطبيق أحدث الأبحاث العلمية في دولة الإمارات.
وذكرت بأن هذا البحث العلمي مهم جدا لفئة كبيرة من المرضى الذين تأثرت خطط علاجهم في الخارج، علما بأن خطط علاج السرطان دقيقة وتتطلب استمرارية وعدم انقطاع للحصول على أفضل النتائج لمرضى السرطان.
وأشادت د. موزة عبداللـه الشرهان بالفريق العلمي الذي قام بإعداد هذه التوصيات بصورة سريعة وتم مشاركتها مع جميع أطباء السرطان المعالجين بدولة الإمارات قبل نشر هذه التوصيات بشكل رسمي للتأكد من أن جميع المعالجين مطلعين على هذه التوصيات بشكل فوري.
وقال الدكتور بوب وولف بروفيسور الأورام والسرطان من مستشفى أم دي أندرسون الدولي في هيوستن، والذي يقوم بعلاج مرضى عديدين من الخليج بشكل عام ومن الامارات بشكل خاص: "البحث سيساهم بتوعية جميع معالجي السرطان في العالم لاتخاذ الإجراءات الصحيحة لمتابعة علاج مرضى السرطان وطريقة نقل خطط العلاج لبلدانهم في أثناء هذا الوباء العالمي".
وذكرت الدكتورة مارتن ماكمانس رئيسة قسم الأنسجة في مستشفى مدينة برجيل الطبية بأن هذا البحث هو أول بحث متخصص في مجال علاج مرضى السرطان العائدين من الخارج لمتابعة علاجهم في دولة الإمارات، معربة عن سعادتها بالمشاركة بهذا العمل الفريد من نوعه، مثنية في الوقت نفسه على فريق العمل بقيادة الدكتور حميد الشامسي، الذي أنجز هذه التوصيات التي تتطلب أشهر من العمل في غضون أقل من 3 أسابيع.
وذكر الدكتور طالب المنصوري، الأستاذ المساعد في قسم الأشعة في كلية الطب والعلوم الصحية بجامعة الإمارات العربية المتحدة، بأن هذه الأبحاث العلمية مهمة جدا لتطوير القطاع الصحي بدولة الإمارات اتعزيز ثقة المرضى في نظامنا الصحي، الذي أثبت قدرته على التعامل مع أشد التحديات الصحية المتمثلة في جائحة كورونا.
وذكر الدكتور إبراهيم أبو غايدة، استشاري العلاج الإشعاعي للأورام في مستشفى مدينة برجيل الطبية، والمشارك في هذا البحث بأن التعاون بين المتخصصين في علاج الأورام في القطاع الحكومي والقطاع الخاص هو دليل على قوة القطاع الصحي وتقديمه أفضل علاج لمرضى السرطان بدولة الإمارات وبأعلى مستويات عالمية.
وذكرت الدكتورة شبيحة رانا استشارية سرطان الدم، بأن الفريق البحثي الطبي مكون من أطباء لهم تاريخ علمي كبير وبخبرات من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا، مما يعكس حرص حكومة دولة الإمارات على استقطاب أفضل الخبرات العالمية لتعزيز القطاع الطبي.
ولخّص فريق العمل المكوّن من خبراء في مجالات الأورام الطبيّة وأمراض الدم والأورام الجراحيّة وعلاج الأورام بالإشعاع وعلم الأنسجة وعلم الأشعّة والرعاية التلطيفيّة التحدّيات الحاليّة، وتم اقتراح طرق عملية لمواجهة التحدّيات المحددة بغية تحسين رعاية مرضى السرطان العائدين إلى ديارهم.
وتوصل الفريق إلى أن نقص الوثائق الطبيّة وعينات الأنسجة المرضيّة وصور الأشعّة يشكّل أحد أبرز القيود التي تُعيق استمراريّة رعاية مرضى السرطان العائدين، وأن الاختلاف في المقاربات وفي التوصيات العلاجيّة بين أطبّاء الأورام المعالجين الموجودين في الخارج وأطبّاء الأورام في الإمارات العربيّة المتحدة فيما يتعلّق بأفضل الطرق لعلاج هذه الحالات.
وأشار الفريق إلى أن هذه الاختلافات يجب أن تتم معالجتها عبر التواصل المبكر مع المرضى وبإشراك الأطبّاء المعالجين السابقين في تخطيط العلاج استنادًا إلى الموارد والخبرات المتاحة في دولة الإمارات.
ومن الجدير ذكره أنّ انقطاع جداول العلاج الإشعاعي الذي قد يزيد من فشل العلاج شكّل تحدّيًا كبيرًا، وفي هذه الظروف يجب النظر في احتساب تعويض جرعة العلاج الإشعاعي.
وأشارت الدراسة الى إنّ "للتسليم السريريّ الدقيق أهميّة كبيرة، وبالتالي ثمّة حاجة ضروريّة إلى الهيئات التنظيميّة لتفادي ما يمكن اعتباره إجراء غير أخلاقيّ تجاه مرضى السرطان العائدين مع عدم وجود تسليم فعّال وأمن، ومن هنا فإن التواصل الواضح والشفاف له أهميّة قصوى لكسب ثقة المرضى وعائلاتهم.
وفي هذا الإطار سيكون من الضروري إجراء دراسات مستقبليّة لمعالجة الخطوات الهادفة إلى إبقاء مرضى السرطان في الإمارات بدلاً من طلب علاجهم في الخارج.
وناقش الخبراء في هذه الدراسة بعض التحدّيات والتوصيات العمليّة لمرضى السرطان العائدين إلى الإمارات العربيّة المتحدة للعلاج في الخارج، وأشاروا إلى أن هذه المشكلة مؤقّتة، غير أنّه من الأهميّة التوصّل إلى إجماع حول المقاربة الفضلى لرعاية هذه الفئة من المرضى وتوفير التوجيه اللازم لها في ظلّ ما يتعرضون له من تحديات خلال هذه الأيام العصيبة.
ومن هنا يكتسب التواصل الواضح والشفاف أهميّة قصوى لكسب ثقة المرضى العائدين وعائلاتهم، فمن شأن هذه الثقة أن تضمن قدرة للمرضى وعائلاتهم على بناء علاقة جيّدة مع الفريق الطبّي المعالج المشرف على الحالات المرضية.
وخلص الفريق الطبي المشرف على البحث أنه من الضروري في هذا الإطار إجراء دراسات مستقبليّة لمعالجة الخطوات الهادفة إلى إبقاء مرضى السرطان في الإمارات لتلقّي العلاج بدلاً من طلبه في الخارج.