روبوتات الدردشة الذكية شريكة بالانبعاثات.. تكاليف بيئية خفية
وفقًا لمركز بيو Pew للأبحاث استخدم ما يقرب من ربع الأمريكيين ChatGPT منذ إصدار روبوت الدردشة في عام 2022.
هذا الاستخدام الضخم لروبوت الدردشة الذكي وما يعادله من أنظمة الذكاء الأخرى، تقول صحيفة "واشنطن بوست" إنها تتطلب تكلفة لتلبية الطلب.
وتستخدم روبوتات الدردشة قدرًا هائلاً من الطاقة للرد على أسئلة المستخدمين، ويتضح أنه لمجرد الحفاظ على خوادم الروبوت باردة بما يكفي للعمل في مراكز البيانات فإن لذلك تكلفة بيئية خفية كبيرة ويفرض ضريبة باهظة على البيئة للحفاظ على خوادم البيانات باردة.
وفي حين يكاد يكون من المستحيل تحديد حجم التكلفة بشكل دقيق، عملت صحيفة "واشنطن بوست" مع باحثين في جامعة كاليفورنيا، بمدينة ريفرسايد، لفهم مقدار المياه والطاقة التي يستهلكها أبرز روبوتات الدردشة الذكية الآن في العالم ChatGPT من OpenAI، باستخدام نموذج اللغة GPT-4 الذي تم إصداره في مارس/آذار 2023، لكتابة بريد إلكتروني متوسطه 100 كلمة.
ضريبة المياه لاستخدام الـAI
وكشف رسم بياني قامت به الصحيفة الأمريكية أن بريدا إلكترونيا مكونا من 100 كلمة وجه أمرا لنموذج GPT-4 يحتاج في مقابله نحو 519 مللي لتر من المياه لتبريد خوادم البيانات التي عملت على تلبية أمر كتابة البريد الإلكتروني، وهو ما يزيد في سعته بقليل على سعة زجاجة مياه كاملة.
امتدت الدراسة للوقوف على تكلفة المياه التي تحتاجها الخوادم للتبريد لكتابة نفس البريد الإلكتروني مرة في الأسبوع خلال عام كامل، ليتضح أن هذا يتكلف 27 لترا من المياه للتبريد، بما يعادل 1.43 من قارورات المياه الكبيرة.
الدراسة تعرفت أيضا على ما قد تحتاجه خوادم البيانات الخاصة بروبوت الذكاء الاصطناعي للتبريد إذا ما كان حجم الاستخدام يشمل كتابة بريد إلكتروني لكل واحد من أصل 10 موظفين في الولايات المتحدة لمدة عام كامل، وهذا يعادل 16 مليون شخص، لتجد أن هذا يتطلب ما يعادل 435,235,476 لترا من المياه للتبريد، وهو ما يعادل ما تستهلكه الوحدات السكنية بجزيرة "رود آيلاند" الأمريكية في 1.5 يوم.
حجم المياه يتوافق مع حرارة الاستخدام
وتتدفق كل الأوامر على ChatGPT عبر خادم يقوم بتشغيل آلاف العمليات الحسابية لتحديد أفضل الكلمات لاستخدامها في الاستجابة.
وعند إكمال هذه الحسابات تولد هذه الخوادم، الموجودة عادةً في مراكز البيانات، حرارة هائلة.
وغالبا ما تُستخدم أنظمة المياه لتبريد المعدات والحفاظ عليها في العمل.
وينقل الماء الحرارة المتولدة في مراكز البيانات إلى أبراج التبريد لمساعدتها على الهروب من المبنى، على غرار الطريقة التي يستخدم بها جسم الإنسان العرق للحفاظ على البرودة، وفقا لشاولي رين، الأستاذ المشارك في هذا البحث في جامعة كاليفورنيا في ريفرسايد.
وقال إنه حيث تكون الكهرباء أرخص، أو المياه نادرة نسبيًا، غالبًا ما تُستخدم الكهرباء لتبريد هذه المستودعات بوحدات كبيرة تبريد تشبه مكيفات الهواء.
وهذا يعني أن كمية المياه والكهرباء التي يتطلبها الاستعلام الفردي يمكن أن تعتمد على موقع مركز البيانات وتختلف على نطاق واسع.
ويقول المدافعون عن البيئة إنه حتى في ظل الظروف المثالية، غالباً ما تكون مراكز البيانات من بين أكثر مستهلكي المياه في المدن التي تقع فيها.
لكن مراكز البيانات المزودة بأنظمة تبريد كهربائية تثير المخاوف أيضا من خلال زيادة فواتير الكهرباء للسكان وفرض ضرائب على شبكة الكهرباء.
حجم استهلاك الكهرباء
وقدمت "واشنطن بوست" عبر الدراسة رسما بيانيا آخر استعرضت من خلاله ما هو حجم ما يستهلكه روبوت الدردشة الذكي GPT-4 من كهرباء للتبريد، لتلبية أمر بكتابة بريد إلكتروني واحد من 100 كلمة.
ويتطلب كتابة البريد الإلكتروني لمرة واحدة 0.14 كيلوواط/الساعة من الكهرباء للتبريد، وهو ما يعادل تشغيل 14 مصباح LED لمدة ساعة واحدة.
ولكتابة البريد الإلكتروني نفسه بمساعدة GPT-4 مرة واحدة أسبوعيا لمدة عام يتطلب 7.5 كيلوواط/ساعة من الكهرباء للتبريد، وهو ما يعادل الكهرباء التي يستهلكها 9.3 منزل من تيار مستمر لمدة ساعة واحدة في الولايات المتحدة.
ولكتابة البريد الإلكتروني نفسه مرة واحدة أسبوعيا لمدة عام، يحتاج 1 من كل 10 موظفين أمريكيين إلى 121,517 ميغاواط في الساعة (MWh) من الكهرباء للتبريد، وهو ما يعادل الكهرباء التي تستهلكها جميع الأسر في العاصمة واشنطن لمدة 20 يوما.
مراكز البيانات
وتقول "واشطن بوست" إن مراكز البيانات تتطلب أيضا كميات هائلة من الطاقة لدعم أنشطة أخرى، مثل الحوسبة السحابية، وقد زاد الذكاء الاصطناعي من هذا الحمل، كما قال رين.
وإذا كان مركز البيانات يقع في منطقة حارة -ويعتمد على تكييف الهواء للتبريد- فإنه يتطلب الكثير من الكهرباء للحفاظ على الخوادم في درجة حرارة منخفضة.
وإذا كانت مراكز البيانات التي تعتمد على تبريد المياه تقع في مناطق معرضة للجفاف، فإنها تخاطر باستنزاف مساحة مورد طبيعي ثمين.
وفي شمال فيرجينيا، موطن أعلى تركيز لمراكز البيانات في العالم، احتج مواطنون على بناء هذه المباني، قائلين إنها ليست فقط مستهلكة للطاقة ولا تجلب ما يكفي من الوظائف طويلة الأجل، ولكنها أيضا قبيحة المنظر وتقتل قيم المنازل.
وفي ويست دي موين، بولاية آيوا، بؤرة ناشئة لمراكز البيانات، أظهرت سجلات إدارة المياه أن المرافق التي تديرها شركات مثل مايكروسوفت استخدمت نحو 6% من إجمالي مياه المنطقة.
وبعد معركة قضائية طويلة، أجبرت صحيفة "أوريغونيان" شركة غوغل على الكشف عن مقدار ما تستخدمه مراكز البيانات الخاصة بها في ذا داليس، على بعد نحو 80 ميلاً شرق بورتلاند، وقد تبين أن هذا يمثل ما يقرب من ربع إجمالي المياه المتاحة في المدينة، كما كشفت الوثائق.
تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي يعزز الأزمة
وقبل أن تتمكن برامج الدردشة الآلية من تلبية الطلب، يتم استهلاك قدر هائل من الطاقة في تدريبها.
وتتطلب نماذج اللغة الكبيرة التي تسمح لبرامج الدردشة الآلية مثل ChatGPT بإنشاء استجابات واقعية جميعها خوادم لتحليل ملايين البيانات.
وقد يستغرق تدريب هذه النماذج الحاسوبية المتقدمة أشهرا، وفقا لخبراء الذكاء الاصطناعي وأوراق البحث، في وقت تسعى به شركات التكنولوجيا مثل Google وMeta وMicrosoft جاهدة لبناء مراكز البيانات لمزيد من التدريب.
وتقول دراسة "واشنطن بوست" إن مركز بيانات مايكروسوفت وحده استهلك ما يصل لـ700 ألف لتر من المياه في تدريب نموذج GPT-3، وهو ما يعادل حجم المياه المطلوب لإنتاج 100 رطل من لحوم الأبقار في مزارع الولايات المتحدة، ضمن عمليات إنبات التبن وتنظيف المزارع وسقي الأبقار.
في حين استهلك مركز بيانات شركة ميتا نحو 22 مليون لتر من المياه في عملية تدريب نموذجها للذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر LLaMA-3، وهو ما يعادل ما يحتاجه الأمر إلى زراعة 4,439 رطل من الأرز، وهو حجم ما يستهلكه نحو 164 أمريكيا من الأرز في عام كامل.
aXA6IDQ0LjIyMC4xODQuNjMg جزيرة ام اند امز