عرش الطاقة في أوروبا ينتظر الهيدروجين الأخضر.. هل تتغير قواعد اللعبة؟
سلطت أزمة الطاقة في أوروبا، التي تفاقمت بسبب الحرب الروسية في أوكرانيا الضوء على الهيدروجين الأخضر، والذي يمكن أن يغير قواعد اللعبة في القارة العجوز.
أصبح من الواضح كيف تسببت الحرب في شرق أوروبا، في ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي، تاركة الملايين من الأوروبيين يعانون من ارتفاع فواتير الطاقة وزيادة الضغط على الحكومات للمساعدة ودعم مصادر الطاقة البديلة.
تسبب الارتفاع الحاد في أسعار الغاز في ظهور الهيدروجين الأخضر، بسعر معقول أكثر مما كان عليه في السابق، مما أدى إلى زيادة الاستثمار والاهتمام بقطاع يمكن أن يساعد القارة على خفض انبعاثات الكربون.
لكن لا يزال هناك الكثير الذي يتعين على أوروبا القيام به لبناء اقتصاد هيدروجين أخضر تنافسي.
ما هو الهيدروجين؟
الهيدروجين، هو غاز قابل للاحتراق بدرجة عالية يمكنه تخزين الطاقة وتوصيلها، وهو أبسط العناصر وأكثرها وفرة على الأرض، ولكنه لا يوجد عادة في شكله الحر ويجب استخراجه من المركبات التي تحتوي عليه، مثل الماء والفحم، الغاز الطبيعي.
لطالما استخدم الهيدروجين كوقود للصواريخ، في تكرير النفط، لإنتاج الأمونيا للأسمدة وصنع الفولاذ والكيماويات.
كيف يتم إنتاج الهيدروجين؟
يعتمد إنتاج الهيدروجين عادة على الغاز الطبيعي أو الفحم، في العمليات التي تنبعث منها كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون. يشار إلى هذا النوع من الهيدروجين الأحفوري عادة بالهيدروجين "الرمادي".
يقدر خبراء الصناعة أن ما يقرب من 95% من إنتاج الهيدروجين يستخدم حاليا الوقود الأحفوري، ويولد كمية من ثاني أكسيد الكربون مثل انبعاثات المملكة المتحدة وإندونيسيا مجتمعين.
نوع آخر من الهيدروجين هو الهيدروجين "الأزرق" ، والذي لا يزال يعتمد على الوقود الأحفوري ولكنه يستخدم تقنية احتجاز الكربون وتخزينه لإزالة هذه الانبعاثات من الهواء.
يمكن أن تجعل هذه الطريقة من السهل نسبيا تعديل البنية التحتية للوقود الأحفوري باستخدام تقنية إزالة الكربون.
كيف نحصل على الهيدروجين الأخضر؟
على النقيض من ذلك، يتم إنتاج الهيدروجين "الأخضر" عن طريق تقسيم الماء إلى مكونين، هما الماء والأكسجين باستخدام الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة، مثل الرياح والطاقة الشمسية.
يقول الخبراء إن هذا النوع من الهيدروجين "النظيف" يمكن أن يحل محل الوقود الأحفوري في القطاعات التي تكافح لخفض انبعاثات الكربون لأنها لا تستطيع التحول بسهولة إلى الكهرباء، مثل صناعة الصلب.
هل يساعد الهيدروجين في الحد من الاحترار العالمي؟
إذا كان العالم جادا في الوصول إلى حياد الكربون بحلول عام 2050، فإن استخدام الهيدروجين عبر مجموعة الدول الصناعية السبع قد يقفز من 4 إلى 7 مرات بحلول منتصف القرن مقارنة بعام 2020، وفقًا لتقرير جديد صادر عن الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (إيرينا).
ما هي الخطوات التي اتخذتها أوروبا نحو الهيدروجين؟
تبنت المفوضية الأوروبية استراتيجية الاتحاد الأوروبي بشأن الهيدروجين في يوليو/تموز 2020، وتقول التقديرات إن حصة الهيدروجين في مزيج الطاقة في الاتحاد الأوروبي قد تصل إلى 13-20% في عام 2050.
رغم أن أوروبا اتخذت بعض الخطوات في التحول نحو الهيدروجين كمصدر للطاقة، لكن الحرب في أوكرانيا ربما تكون قد سرعت هذا الجدول الزمني إلى حد ما.
منذ أن بدأت الحرب الروسية في أوكرانيا في فبراير/شباط، ارتفعت تكلفة أسعار الغاز الطبيعي بأكثر من 70% في الأسواق الدولية، مما تسبب في ارتفاع تكلفة الهيدروجين الرمادي والأزرق.
في حين أن هذه الأسعار قد تراجعت الآن بشكل طفيف، فإن الارتفاع الحاد في فترة ما بعد الحرب قد وضع فعليا متوسط تكلفة الهيدروجين الرمادي على قدم المساواة مع الهيدروجين الأخضر، عند حوالي 5 دولارات/ كجم، وفقًا لـKofi Mbuk، كبير محللي التكنولوجيا النظيفة في مركز الأبحاث Carbon Tracker.
وكتب في تقرير حديث حول هذا الموضوع أن الحرب الأوكرانية أثارت استثمارات جديدة في الهيدروجين الأخضر خلال أشهر قليلة فقط بلغت 73 مليار دولار.
هل هناك استثمارات أوروبية فعلية في الهيدروجين الأخضر؟
أطلق الاتحاد الأوروبي بنك هيدروجين أخضر بقيمة 3 مليارات يورو لدعم هذا القطاع، وفقا لموقع Euronews Next.
لكن الهيدروجين النظيف لا يزال سوقا متخصصا في هذه الأيام، لأن بعض العوامل المهمة لا تزال تمنعه من أن يصبح حلا جذابا ومستداما للطاقة البديلة.
لكي يرتفع مستوى الهيدروجين الأخضر، فإنه يحتاج إلى إمداد واسع وموثوق به من الطاقة المتجددة بأسعار معقولة مثل طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية أو طاقة المد والجزر.
تقوم شركة Siemens Energy بخطوات واسعة في تأمين الطاقة المتجددة وقد تلقت الضوء الأخضر للسيطرة الكاملة على شركة تصنيع توربينات الرياح Siemens Gamesa.
تعمل الشركتان حاليا على توربينات رياح بحرية تجارية تنتج الهيدروجين عن طريق التحليل الكهربائي.
ما هي المعوقات أمام مشروعات الهيدروجين الأخضر؟
سيمثل هذا المشروع طفرة في إنتاج الهيدروجين المتجدد إذا وجد مطوروه طريقة لتحلية المياه التي تذهب إلى المحلل الكهربائي لإنتاج الهيدروجين، بالإضافة إلى حلول تقلل من الحاجة إلى الصيانة البحرية.
لكن، من غير المرجح أن تنتج أوروبا ما يكفي من الهيدروجين الأخضر بمفردها للوصول إلى صافي انبعاثات صفرية.
ستحتاج القارة العجوز إلى استيراد جزء منه من الأماكن التي تتوفر بها ظروف الأرض والطقس اللازمة لإنتاج الطاقة المتجددة مثل أستراليا أو أجزاء من أفريقيا وأمريكا اللاتينية، ومنتجي الطاقة المعتادون الذين لديهم أيضا إمكانات عالية للطاقة الشمسية.
لاستيراد هذا الهيدروجين وإرساله، ستحتاج أوروبا إلى الاستثمار في البنية التحتية.
مع احتدام السباق العالمي على الهيدروجين، هناك خطرا مثلما رأينا مع الألواح الكهروضوئية في الصين، فإن معظم المحلل الكهربائي المستخدم في مشاريع الهيدروجين الأخضر ينتهي به المطاف خارج أوروبا.
aXA6IDMuMTIuNzMuMTQ5IA==
جزيرة ام اند امز