أسواق الطاقة.. هل يختبر العالم أسعار 130 دولارا لبرميل النفط مجددا؟
في وقت هدأت أسعار النفط الخام قليلا عن مستويات مارس/آذار وأبريل/نيسان الماضيين، البالغة 138-120 دولارا للبرميل، إلا أن المخاوف من اختبار الأسعار المرتفعة مجددا، ما يزال قائما.
ومع اجتياح أزمة الطاقة لأوروبا قدمت أسواق النفط العالمية ارتياحا متواضعا، مع انخفاض أسعار النفط الخام بينما يتزايد قلق التجار بشأن الاقتصاد العالمي، لكن هذا الهدوء تشوبه مخاوف جوهرية.
في الوقت الحالي، يرحب زعماء العالم الذين يكافحون تضخما مرتفعا منذ عقود بالنفط الأرخص ثمناً؛ الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي هاجم شركات الطاقة الأمريكية متهما إياها بالتربح في وقت الحرب، عاد ليتغنى بتراجع سعر الجالون من 5 دولارات إلى 3.9 دولارات.
سيناريوهات مروعة
تجنبت أسواق النفط السيناريوهات المروعة التي كان محللو الطاقة يحذرون منها قبل ستة أشهر، عندما بدت صدمة على غرار السبعينيات لا مفر منها، حيث أدى ارتفاع الطلب بعد الوباء إلى احتمال حدوث اضطراب جديد في الإمدادات.
وقال جيه.بي مورجان في مذكرة بحثية قبل 6 شهور إن نفط برنت قد يصل إلى 300 دولار للبرميل إذا أدت العقوبات الغربية على روسيا إلى إغلاق كبير لقطاع النفط في البلاد.
لكن اليوم يتم تداوله عند 100 دولار للبرميل، بانخفاض أكثر من 28% منذ أعلى مستوى سجله هذا العام بالقرب من 140 دولارا، والذي سجله في الأيام التي أعقبت غزو روسيا لأوكرانيا في فبراير/شباط.
لكن لا ينبغي لأحد أن يكون متفائلاً للغاية بشأن السوق الأكثر ليونة، يمكن أن تنخفض أسعار النفط لأسباب وجيهة، مثل الاختراقات التكنولوجية التي تقلل الطلب أو تحرر المزيد من العرض، وكذلك لأسباب سيئة، مثل الركود.
ما سبب تراجع أسعار النفط؟
ينخفض سعر اليوم ليس بسبب وفرة العرض، ولكن لأن ارتفاع التضخم وارتفاع أسعار الفائدة يؤديان إلى زيادة المخاوف من الركود، خاصة في أوروبا، وبالتالي تراجع الطلب على مصادر الطاقة.
كما يلقي الطلب الفاتر على النفط في الصين، بثقله على السوق التي نمت للاعتماد على تعطش البلاد المستمر لمزيد من النفط الخام، لكن تحالف أوبك+ متيقظ لاحتمالية انهيار الطلب.
وفي روسيا، خدشت العقوبات الغربية بالكاد قطاع النفط، فبعد تراجع إنتاج النفط الروسي بعد الحرب على أوكرانيا، عاد الإنتاج لتجاوز مستويات فبراير/شباط الماضي، ليسجل 11 مليون برميل يوميا اعتبارا من سبتمبر/أيلول المقبل.
سبب غير صحي
مسألة أخرى ساهمت بخفض الأسعار، لكنه سبب غير صحي ولا مستدام، يتمثل في أمر الرئيس جو بايدن بضخ النفط من مخزون الطوارئ الفيدرالي في السوق.
وقد ساعد هذا في وضع حد للأسعار، لكن بقاء السوق تحت السيطرة بقرار الحكومة إطلاق كميات تاريخية من نفط الطوارئ ليس حالة طبيعية.
بعض هذه العوامل الهبوطية لها تاريخ انتهاء الصلاحية، ينتهي برنامج الإفراج عن النفط الأمريكي بحلول نوفمبر/تشرين الثاني، وسيتعين تجديد مخزون الطوارئ أي زيادة الطلب على الخام.
وفي ديسمبر/كانون الأول المقبل، من المقرر أن تحظر أوروبا والمملكة المتحدة التأمين على السفن التي تحمل الخام الروسي، وهي خطوة قد تقلل الصادرات الروسية بشكل حاد بطريقة لم تفعلها العقوبات حتى الآن.
المخاوف الاقتصادية ما تزال في الواقع تضرب الطلب؛ يمكن أن يؤدي الركود العميق إلى قلب جميع أساسيات أسواق السلع الأساسية، كما حدث في الثمانينيات، عندما أفسحت الندرة الطريق إلى ما يقرب من عقد من الوفرة.
فترات الركود وسعر النفط
لكن فترات الركود القصيرة تميل إلى خفض الطلب على النفط لفترة وجيزة فقط؛ فعندما تنتعش الاقتصادات، يرتد الاستهلاك كذلك.
في غضون ذلك، فإن الطاقة الإنتاجية الاحتياطية لأوبك -مصدر قوتها السوقية على مدى عقود- آخذة في التضاؤل؛ حتى إنتاج التكتل الآن أقل بكثير من حصصه، حيث يذهب إنتاج بعض الأعضاء إلى الانحدار.
المملكة العربية السعودية، منتج أوبك الأساسي، التي لديها طاقة إنتاجية احتياطية كبيرة لنشرها، تناقش بالفعل تخفيضات جديدة للإنتاج لدعم الأسعار، وهي فكرة ستثير قلق الدول المستهلكة.
الاستثمار في الإنتاج الجديد خارج أوبك لا يزال بطيئا، إذ تحجم وول ستريت عن تمويل المزيد من مشاريع الوقود الأحفوري التي قد تجعلها سياسة المناخ عفا عليها الزمن.
aXA6IDUyLjE0LjE2Ni4yMjQg جزيرة ام اند امز