تونس تنتفض لإنقاذ شواطئها من "غزو البلاستيك"
في تونس تنشط منظمات صديقة للبيئة لتوعية التونسيين بضرورة الحفاظ على نظافة المحيط، وجعله أولوية خلال النشاط اليومي طيلة فصل الصيف
يسعى متطوعون لجمع قوارير مستعملة من البلاستيك وعلب الجعة الفارغة المنتشرة على امتداد شاطئ خير الدين في ضاحية العاصمة تونس الشمالية، بهدف مساعدة السلطات التي تواجه صعوبة في التعامل مع انتشار النفايات على الشواطئ.
المشهد نفسه لا يزال قائما بعد عام على انتخاب المجالس البلدية الأولى منذ ثورة 2011، التي كان من المنتظر أن تضع على قائمة اهتماماتها معالجة مشكلة النفايات والتلوث، الذي أثر على صورة البلاد خلال السنوات الأخيرة خصوصا.
نسبة إعادة تدوير البلاستيك لا تتجاوز 4%، ويلقى 80 ألف طن من هذه المادة في الطبيعة سنويا، وفقا لأرقام الصندوق العالمي للطبيعة.
ونتيجة لذلك، يلقي نحو 6.8 كيلوجرام من البلاستيك يوميا في كل كيلومتر من شواطئ تونس (2290 كيلومترا).
وتنشط في تونس منظمات صديقة للبيئة لتوعية التونسيين بضرورة الحفاظ على نظافة المحيط، وجعله أولوية خلال النشاط اليومي طيلة فصل الصيف.
ويجتهد المتطوعون خلال عطلة نهاية الأسبوع لجمع النفايات وتنظيف الشواطئ، بهدف إقناع المصطافين وتحفيزهم على العناية بالشواطئ.
على امتداد شاطئ منطقة خير الدين في ضاحية حلق الوادي في العاصمة تونس، يشرع متطوعون من منظمة "تونس كلين آب" بجمع القمامة، ويستهلون نشاطهم بجمع النفايات من غطاء سرير إلى حفاضات مستعملة ملقاة على الرمال.
ويقول حسام حمدي، مرتديا قفازين في يديه وهو يتنقل بصعوبة وسط هيكل قديم لقارب تكدست داخله عبوات وأجزاء بلاستيكية "انظروا ماذا وجدت، شريط كاسيت! هذا أمر غير معقول، لقد توقف تصنيع هذا الشيء".
إرهاب بيئي
ويخوض حمدي، المهندس الثلاثيني، تجربة النضال البيئي منذ 2013، ويرأس منظمة "كلين آب"، وانطلق مع مجموعة من المتطوعين في تنظيم حملات تنظيف للشواطئ والغابات، كما يدير حاليا منظمة تعنى بجمع نفايات البلاستيك والورق بهدف إعادة تدويرها.
ويعرف حمدي بمنظمة "كليب-آب": "هم مواطنون، عايشوا تونس النظيفة منذ سنوات، ويريدون أن تعود كذلك للأجيال المقبلة"، في إشارة إلى أن سنوات ما قبل ثورة 2011 شهدت تنظيما في عمليات رفع القمامة.
تراجعت في تونس كميات البلاستيك التي يعاد تدويرها بالثلث بين عامي 2010 و2017، حسب ما أظهرت أرقام الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات.
يحمل نحو 15 متطوعا أكياسا من البلاستيك، ويتنقلون بهدوء وسط المصطافين على شاطئ خير الدين، ويكابدون ويعملون تحت أشعة شمس الصيف الحارقة.
وبعد ساعتين من التنقل وسط الصخور والرمال تمكنوا من جمع قرابة 150 كيلوجراما من النفايات، ثلثها من الزجاج.
ويقول حمدي بفخر "نحن نقلص الأضرار، نتحدث ونتناقش ونتبادل الأفكار بهدف تحسيس الناس".
ويقدر الصندوق العالمي للطبيعة خسائر السياحة التونسية بسبب النفايات بـ16.6 مليون يورو سنويا، فيما توكل مهمة تنظيم رفع القمامة والنفايات في تونس إلى المجالس البلدية التي انتخبت في مايو/أيار 2018.
مشكلة تتعلق بالعقلية
ويوضح حسام حمدي "السلطات تريد الإعانة لكن لا تملك الوسائل، لا يمتلكون جرارات ولا أكياسا، هناك مشكلة حوكمة"، متابعا "موضوع البيئة ليس أولوية لدى الحكومة لأنها تعتبره ترفا".
ويرى محمد بن جدو، المدير العام للوكالة الوطنية للتصرف في النفايات، أن "المشكلة تكمن أساسا في الميزانية".
ويوضح أن "المجالس البلدية تعتبر العمود الفقري للتنمية، لكن دون إمكانيات ووسائل"، مؤكدا أن الوكالة قدمت دعما ماليا يراوح بين 5 آلاف دينار و20 ألف دينار (بين 1500 و6000 يورو) للبلديات لإعانتها على تنظيف الشواطئ.
ويضيف المسؤول "هناك نقص في الحملات التحسيسية للمواطنين".
بينما ترى هالة -المختصة في القانون البيئي، التي تمضي يوم الأحد في جمع النفايات والقمامة تطوعا- أن هناك "مشكلة تتعلق بالعقلية"، إلى جانب "النقص في التنسيق بين الإدارات المسؤولة وضعف في التهيئة".
لكن حمدي يبدو متفائلا خصوصا لجهة وعي المواطنين بهذه المشكلة، ويختم قوله "عندما انطلقنا كنا نحو 15 متطوعا، والآن أصبحنا مئات وسنكون آلافا حتى تصبح تونس خضراء".
aXA6IDE4LjIxOC43My4yMzMg جزيرة ام اند امز