أردوغان يغازل "يوروفايتر" من برلين.. رحلة السلاح والتجارة وغزة
زيارة على هامش التوتر في غزة، تحمل قدرا من الرسائل عن التصعيد في المنطقة، مثلما تهدف إلى تحقيق أهداف متعلقة بالسلاح والتجارة.
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي وصل إلى برلين في وقت سابق الجمعة، بدأ الزيارة بالتأكيد على ضرورة أن توقف إسرائيل "هجماتها" على الفلسطينيين في قطاع غزة وتوافق على وقف لإطلاق النار في حربها مع حماس.
وقالت الرئاسة التركية، في بيان، بعد لقاء بين الرئيس التركي ونظيره الألماني فرانك فالتر شتاينماير، إن "أردوغان شدد على ضرورة أن تتوقف هجمات إسرائيل على الأراضي الفلسطينية، وأن رد فعل العالم أجمع ضد انتهاكات حقوق الإنسان مهمّ"، مؤكدا أنه "يجب أن يتم تطبيق وقف لإطلاق النار فورا".
في المقابل، أكد الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير لنظيره التركي، حق إسرائيل في الوجود والدفاع عن نفسها، وذلك بعد تصريحات للرئيس التركي بشأن الحرب بين الدولة العبرية وحركة حماس.
وقالت متحدثة باسم الرئيس الألماني عبر منصة "إكس" (تويتر سابقا)، إنه "نظرا للتصريحات التركية الأخيرة بشأن النزاع في الشرق الأوسط، أوضح الرئيس فرانك فالتر شتانماير موقف ألمانيا"، مؤكدا من خلاله "حق إسرائيل في الوجود إضافة إلى حقها في الدفاع عن نفسها".
وتأتي زيارة أردوغان الأولى لألمانيا منذ عام 2020 قبل الانتخابات البلدية التي يأمل أن يفوز فيها بمدينتي أنقرة وإسطنبول. وقد يمثل الحصول على دعم المستشار الألماني أولاف شولتز، في تحسين الوصول إلى أسواق الاتحاد الأوروبي والإعفاء من التأشيرات، هدية كبيرة للناخبين الذين يعانون من ارتفاع معدلات التضخم والضغوط الاقتصادية.
40 مقاتلة
كذلك تحمل الزيارة هدفا تسليحيا، إذ تريد تركيا دعم ألمانيا لشراء 40 طائرة حربية من طراز يوروفايتر أوروبية الصنع.
لكن أحجم متحدث باسم شولتز عن التكهن بكيفية المضي قدما بشأن تلبية طلب أردوغان شراء 40 طائرة حربية من طراز يوروفايتر تايفون، وهي خطوة ستحتاج إلى دعم شولتز، لأن ألمانيا جزء من الكونسورتيوم الذي ينتجها.
جاء ذلك بعد أن وضع وزير الدفاع التركي يشار جولر بشكل مفاجئ، أمس، موضوعًا على جدول الأعمال لم يتحدث عنه أحد حتى ذلك الحين.
وقال جولر، خلال استجواب أمام لجنة الميزانية البرلمانية، إن تركيا تريد شراء 40 طائرة مقاتلة من طراز يوروفايتر وتحتاج إلى موافقة ألمانيا على ذلك، بعد أن أبدت إسبانيا وبريطانيا، اللتان تنتميان إلى كونسورتيوم يوروفايتر، موافقتهما.
وقال موظفون حكوميون في أنقرة لوكالة بلومبرغ للأنباء، إن أردوغان ربما يريد معالجة هذه القضية في محادثاته مع المستشار شولتز.
ومن خلال شراء طائرة يوروفايتر، تريد تركيا الاستمرار في سباق التسلح مع اليونان، بعد أن اشترت أثينا طائرات مقاتلة فرنسية من طراز رافال العام الماضي.
وفي هذا الإطار، يقول خبير الأسلحة التركي أوزغور إيكشي، "عندما تتحدث تركيا عن قوتها الجوية، فإن عينها تكون دائما على ما تمتلكه اليونان".
وتابع "يبدو أن طائرة يوروفايتر هي الخيار المعقول الوحيد للتعامل مع طائرة رافال".
خلاف في البرلمان
لكن تختلف الآراء في برلين حول كيفية رد الحكومة الألمانية على طلب تركيا. إذ تحدث نائب رئيس المجموعة البرلمانية للاتحاد المسيحي المعارض في البوندستاغ، يوهان واديفول، وهو المسؤول عن السياسة الخارجية والأمنية، لصالح مثل هذه الصفقة.
وقال النائب البرلماني لصحيفة فرانكفورتر ألغماينه الألمانية: "بما أن إسبانيا وبريطانيا قد وافقتا بالفعل على البيع، فلا ينبغي أن تكون ألمانيا هي العائق".
ومضى قائلا "إن رغبة تركيا في الحصول على مقاتلات يوروفايتر أصبحت بمثابة اختبار للحكومة الفيدرالية"، مضيفا "بما أن تركيا حليف لألمانيا في حلف شمال الأطلسي، فهي مثال رئيسي على استراتيجية الأمن القومي الألمانية الجديدة، والتي تتمثل في اتخاذ قرار بشأن صادرات الأسلحة على أساس الاعتبارات الجيوسياسية."
وتوقع وايدفول أن الرفض من شأنه أن "يضر بشدة" بالعلاقات مع تركيا.
في المقابل، قال رئيس المجموعة البرلمانية الألمانية التركية في البوندستاغ، ماكس لوكس (من حزب الخضر)، إن "في ضوء تصريحات الرئيس التركي المناهضة لإسرائيل و"منطق الدولة" الألماني فيما يتعلق بأمن إسرائيل، لا ينبغي أن تكون هناك مشاريع جديدة مع الجانب التركي، خاصة فيما يتعلق بقضايا الأسلحة".
وأشار لاكس أيضًا إلى ما وصفته بـ"إيماءات التهديد الغريبة" التي أطلقها أردوغان تجاه اليونان، مضيفا "طالما أنه لم يتوقف عن استخدامها بشكل كامل، فلن يُسمح ببيع أي طائرات يوروفايتر إلى البلاد".
مصالح ألمانيا
أما بالنسبة لشولتز، الذي يرأس ائتلافا ثلاثيا منقسما يتعامل مع حكم قضائي أدى إلى إحداث فجوة قدرها 60 مليار يورو في الميزانية وخلاف حول الاقتصاد وارتفاع معدل الهجرة، فإن دور أنقرة في وقف الهجرة إلى الاتحاد الأوروبي يجعلها شريكا لا غنى عنه.
وقال متحدث باسم الحكومة الألمانية قبل الاجتماع بين أردوغان وشولتز، مساء الجمعة، إن من المرجح طرح انضمام السويد لحلف شمال الأطلسي في المحادثات. وتخلى أردوغان عن اعتراضاته على الأمر، لكن البرلمان التركي لم يوافق بعد على عضوية السويد.
وفي مؤشر على أهمية الزيارة، لم يعلق شولتز بشكل مباشر على إدانة أردوغان القاطعة لإسرائيل التي وصفها بأنها "دولة إرهابية"، إذ قتلت آلاف الفلسطينيين في حربها على حركة حماس.