أردوغان و"إس 400" الروسية.. خطوة للوراء قبل لقاء بايدن
في خطوة جاءت من نظام أردوغان لإرضاء واشنطن رغم أنها تمس موسكو، أعلنت أنقرة اعتزامها إعادة خبراء منظومة "إس-400" الروس إلى بلادهم.
قرار تركيا بإعادة خبراء عسكريين من روسيا ساعدوها في تشغيل منظومة صواريخ الدفاع الجوي إس-400 الروسية، جاء في بادرة رضوخ من نظام أردوغان تجاه البيت الأبيض، الذي لا يزال على خلاف مع أنقرة بشأن هذا النظام الدفاعي.
وجاء الإعلان التركي على لسان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، أمس الإثنين خلال زيارته لليونان، الأمر الذى اعتبره مراقبون أنه "خطوة للوراء قبل اللقاء المرتقب بين أردوغان وبايدن".
خطوة للخلف بعد مكابرة وعناد تركي، نقلتها صحفية "أحوال" التركية المعارضة، عن جاويش أوغلو، حين قال إن "الخبراء الروس لن يبقوا في تركيا وأن إس-400 سيكون تحت السيطرة التركية الكاملة".
وأضاف :"ستكون صواريخ إس-400 تحت سيطرتنا بنسبة 100 %.. لقد أرسلنا العديد من الفنيين للتدريب.
وقال جاويش أوغلو في أثينا "الخبراء العسكريون الروس لن يبقوا في تركيا".
لقاء بايدن وأردوغان
وتشهد العلاقة بين واشنطن وأنقرة توترات بعد شراء الأخيرة منظومة إس-400 الدفاعية الروسية، والتي ترى فيها الإدارة الأمريكية تهديدا لمقاتلات إف-35، ما دفع الإدارة الأمريكية إلى إخراج أنقرة من برنامج هذه المقاتلات.
ومؤخرا هاجم وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، اقتناء أنقرة صواريخ دفاعية روسية.
وقال إن "حصول تركيا على منظومة صواريخ إس-400 الروسية يخالف التزامات عضويتها بحلف شمال الأطلسي".
وفي هذه الأثناء يمثل القرار التركي الجديد من إدارة أردوغان، إشارة مهمة إلى أن تركيا مهتمة بتقديم بعض التنازلات أمام ضغوط واشنطن بشأن منظومة الدفاع الروسية التي شكلت خلافا رئيسيا بين البلدين منذ عامين.
كما أن تلك الخطوة تأتي قبل أقل من أسبوعين من الاجتماع المباشر بين الرئيس الأمريكي جو بايدن ونظيره التركي رجب طيب أردوغان في العاصمة الأمريكية.
ومن المقرر أن يلتقي في 14 يونيو/ حزيران الجاري، رئيس الولايات المتحدة جو بايدن ورئيس تركيا في أول اجتماع مباشر لهما على هامش قمة "الناتو" المقرر عقدها في ذات الموعد.
لكن ورغم ما يمكن وصفه بأن قرار أنقرة يعد مغازلة صريحة وتنازلات من تركيا أمام واشنطن قبل هذا اللقاء المرتقب، عاد وزير الخارجية التركي، زاعما أن:" تركيا لن تتخلى عن إس-400 بعد عملية الاستحواذ التي كلفت أنقرة ما يقرب من ملياري دولار في عام 2017".
وأضاف :"لا يمكن قبول الطلبات من دولة أخرى لعدم استخدامها".
ومع ذلك، فإن التنازل التركي لا ينهي الخلاف حول إس-400 تمامًا، بموجب شروط اتفاق سابقة بين تركيا وروسيا.
وتستعد تركيا للحصول على أربع كتائب من بطاريات إس-400، لكن واشنطن دفعت تركيا إلى إنهاء جميع عمليات تسليم النظام في المستقبل.
مأزق أردوغان
تسبب استحواذ تركيا على إس-400 الروسية في يوليو/ تموز 2019 في حدوث تمزق خطير في العلاقات مع حليفها الأمريكي، كما أدخل نظام أردوغان في مأزق ونفق مظلم من العقوبات الأمريكية والأوروبية.
وردت واشنطن بإخراج سلاح الجو التركي من برنامج المقاتلة الضاربة المشتركة إف-35 وأنهت مشاركة الشركات التركية في الإنتاج الصناعي لأجزاء الطائرة.
وقبل طردها، خطط الجيش التركي للحصول على 120 طائرة من طراز إف-35.
وتخشى الولايات المتحدة من أن يكون الفنيون الروس قادرين على استخدام إس-400 لجمع المعلومات الاستخبارية عن الطائرة إف-35 من خلال العمل بجانبها داخل دولة عضو في الناتو.
وفي ديسمبر/ كانون الأول 2020، فرضت إدارة ترامب المنتهية ولايتها عقوبات على مسؤولي صناعة الدفاع التركية ووكالة المشتريات الرئيسية بعد الاختبار التشغيلي الأول لمنظومة إس-400 في أكتوبر/ تشرين الأول 2020.
وقبل هذا الاختبار، كان هناك اتفاق ضمني بين واشنطن وأنقرة حيث توجد العقوبات سيتم تجنبها إذا بقيت إس-400 في التخزين.
استبعاد من الناتو
باستكمال أنقرة الصفقة مع موسكو ، تفتح تركيا على نفسها من حيث لا تدري باب خطر استراتيجي قد يكلفها كثيرا، أبرزه الاستبعاد مع حلف شمال الأطلسي (الناتو)، خاصة أن واشنطن سبق وأن حذرت من أن الصفقة ستجعل أنقرة تخسر جميع مزايا التكامل مع الحلف، ما سيضعها تحت رحمة غريمتها التاريخية موسكو.
وفي حال فعلت واشنطن تهديداتها، فإن أنقرة التي تعتمد بشكل كامل في تسليح جيشها على المنظومات العسكرية الخاصة بالناتو، ستجد نفسها محرومة من التكامل مع منظومات الحلف، وهذا ما سيعرضها لمخاطر جمة.
ويعني ما سبق أن أنقرة ستفقد ميزات التنسيق العسكري التي وفرها لها الحلف، كما ستفقد القدرة على تنسيق مختلف منظوماتها التسليحية، والقدرة على تحديثها فيما بعد، والأسوأ بالنسبة لها، أنها ستُحرم من أحد أهم مصادر قوتها التي تعتمد عليها لحماية سياساتها، خصوصا في منطقة شرق المتوسط.
ولطالما عبر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي" الناتو" ينس ستولتنبرج، عن قلقه إزاء حصول تركيا على صواريخ إس -400 الروسية.
عبر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ، عن قلقه إزاء حصول تركيا على صواريخ إس -400 الروسية، وتصاعد التوتر في منطقة شرق الموسط.
ومؤخرا قال ستولتنبرج،إنه: "نحتاج إلى تعزيز تحالفاتنا مع الدول الشريكة للحلف كطريقة مستدامة لتعزيز الاستقرار ومكافحة الإرهاب".
وفي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وجه حلف الناتو، رسالة شديدة اللهجة لتركيا بعد استخدم نظام الدفاع الصاروخي الروسي "إس-400" خلال تدريبات للمرة الأولى، محذرا من تلك الخطوة.
وقال الحلف الأطلسي إن: "هذا النظام يمكن أن يمثل خطورة على طائرات الحلفاء وأن يؤثر على العلاقات بين شركاء الحلف".
والعام الماضي أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)، أنها تعطي تركيا مهلة للعدول عن شراء منظومة الصواريخ الروسية من نوع إس-400.
ونظام "إس-400"، هو نظام دفاع جوي متحرك يمكنه التصدي للطائرات والمقذوفات والأشياء الأخرى في الجو، ويمكن حمل وحداته، التي تتكون في العادة من عدة صواريخ ورادار ومركز قيادة بواسطة شاحنات، ويمكن النظام أن يعمل بصواريخ قصيرة ومتوسطة وبعيدة المدى.
ويدافع أردوغان وحكومته بقوة عن الصفقة مع روسيا زاعما أنها مسألة "سيادة وطنية".
وكان رد فعل أنقرة سيئًا كما كان متوقعًا بعد إصدار العقوبات العام الماضي، لكنها تمسكت باحتمال التوصل إلى حل وسط مع إدارة بايدن من شأنه رفع العقوبات مع الإبقاء على نظام إس-400 الروسي وهو أمل ضعيف أمام غضبة أمريكية وأوروبية من أنقرة.