أردوغان بعد انتخابات إسطنبول.. سيناريوهات السقوط
نتائج الانتخابات مهما كانت تقود المعارضة لحصد مزايا معنوية هائلة تمنحها تأشيرة تشكيل جبهة حاسمة ضد أردوغان.
سيناريوهات متعددة في أعقاب إعادة الانتخابات البلدية في إسطنبول تقود جميعها نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى نهايته.
- أردوغان يخشى الكابوس.. الأتراك يريدون أكرم أوغلو رئيسا
- صحف فرنسية: أردوغان "يتوارى" خشية هزيمة يلدريم
السيناريوهات ترسمها نتائج الصناديق، لكن أكثر ما يقض مضجع أردوغان هو أنه سواء فاز مرشحه علي يلدريم أو مرشح المعارضة أكرم إمام أوغلو، فإن المعارضة ستحصد في الحالتين مزايا معنوية هائلة تمنحها تأشيرة تشكيل جبهة حاسمة ضده.
فوز إمام أوغلو
مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية قالت إن خيبة أردوغان لن يصنعها الاقتراع المقرر إعادته هذا الأحد، وإنما تكبدها منذ انتخابات مارس/آذار الماضي، والتي أظهرت أن المعارضة في حال توحدها فستكون قادرة على بناء جبهة حاسمة ضده.
وأوضحت المجلة أنه حال ف,ز مرشح حزب الشعب الجمهوري المعارض أكرم إمام أوغلو بانتخابات الإعادة، حتى بهامش واحد أو 2%، فإن هذا الانتصار سيمنح الكتلة المعارضة لأردوغان مزايا معنوية هائلة، وسيحفزها على تحقيق أصعب المكاسب، ما يبشر بأوقات عصيبة أمام "ديكتاتور أنقرة"، كما وصفته المجلة.
لكن الأسوأ بالنسبة إلى أردوغان يظل ذلك السيناريو المرعب الذي قد يفرضه فوز مرشح المعارضة، وهو احتمال إجراء الانتخابات المبكرة.
ففي حال فاز إمام أوغلو، فإن المعارضة سيكون لها الحق في التشكيك في شرعية أردوغان وحزبه "العدالة والتنمية"، وهذا ما يدركه معسكر الرئيس التركي، ويخشاه برعب متفجر من بين سطور تصريحات قياداته.
طرح أكده من حيث لا يدري إبراهيم قالن، المتحدث باسم أردوغان، في تصريحات إعلامية قال فيها: "لن تكون هناك انتخابات حتى 2023"، أي العام الذي تنتهي فيه الفترة الحالية لأردوغان.
متابعون رأوا في تصريحات قالن شعورا بعدم الثقة يهز النظام التركي بعمق، لأنه في حال كان واثقا من قواعده الشعبية وتأييد الناخبين له، فإن لا شيء يمنعه من الدعوة لإجراء انتخابات عامة مبكرة إذا خسر في اقتراع، الأحد، وفق المجلة الأمريكية.
فوز يلدريم
فوز مرشح "العدالة والتنمية" لن يخلص أردوغان من الاحتمالات القاتمة التي تنتظره، بل بالعكس، قد يؤجج هذا الانتصار الغضب الشعبي، وقد تتأكد اتهامات التزوير، لكن الأسوأ هو أن تبدأ الكتلة المناهضة لأردوغان بانتفاضة طويلة الأمد، تتجسد عبر مظاهرات في الشوارع، في سيناريو شبيه بما حدث مؤخرا في فنزويلا.
المعارضة قد تصعد لأكثر من ذلك، وقد تعلن التمرد، رغم أن مثل هذه التحركات قد تقمعها سيطرة أردوغان الكاملة على الشرطة والجيش والمخابرات، خصوصا بعد حملته التي أعقبت مسرحية الانقلاب في 2016.
ومع أن احتمال إخماد أي مظاهرات يظل واردا للسبب المذكور، إلا أن ذلك لا يمنع خروج الوضع عن سيطرة أردوغان، وإن بشكل ظرفي، تماما مثلما حدث في 2013، خلال احتجاجات منتزة جيزي، والتي استمرت لأكثر من شهرين ونصف الشهر، وشملت جميع أرجاء البلاد، وأسفرت عن مقتل 22 واعتقال الآلاف.
الغضب الشعبي
ويعد الغضب الشعبي هو السلاح الوحيد القادر على زعزعة نظام أردوغان وفق محللين، لأن الغضب هو ما يجعل شقا من المواطنين يخرجون عن معسكر المؤيدين، ما يخلق انقساما حادا يدفع نحو اضطرابات اجتماعية من الصعب احتواؤها من قبل أجهزة الدولة.
ورغم إحكام أردوغان سيطرته على مفاصل المؤسسات الحيوية في البلاد، فإن المجتمع التركي منقسم كما لم يحدث من قبل، ولذلك فإن فوز حزب العدالة والتنمية في إسطنبول قد يؤدي إلى اضطرابات اجتماعية لن تقدر الدولة على مواجهتها.
فالانفجار الشعبي، سواء فاز مرشح أردوغان أو خسر، من شأنه أن يمهد الطريق لتحول نموذجي هائل في السياسة التركية، وقد يعطي شارة قدوم نظام بديل يحل محل حزب العدالة والتنمية الذي يحكم منذ 2002.
عملية لن تكون يسيرة بالتأكيد، بل مؤلمة أيضا، نظرا للمهام الشاقة التي سيتكبدها أي ساكن جديد لقصر الرئاسة في أنقرة، حيث تنتظره عملية إعادة هيكلة لبنية السلطة القديمة.
فرحيل أردوغان عن السلطة ستتبعه، بديهة، إجراءات انتقامية سيلجأ إليها كل من اضطهدهم ونكل بهم، خصوصا من أعضاء حركة الداعية فتح الله غولن وحزب الشعوب الديمقراطي، وسيتفجر مخزون الحقد الذي زرعه طوال سبعة عشر عاما.