هذا ما سيفعله كليجدار أوغلو في حال فاز بالانتخابات التركية
هيمن على السياسة التركية، وفاز في 5 انتخابات برلمانية و2 رئاسية و3 استفتاءات، وواجه انقلابا عسكريا.. فهل سيصمد أردوغان في اختبار الأحد؟
قد يكون من السابق لأوانه معرفة الفائز في الانتخابات الرئاسية التركية التي ستنطلق يوم الـ14 من مايو/أيار الجاري، فأسبوع واحد يساوي سنة في السياسة التركية، والصورة تتبلور قبل ساعات فقط من السباق.
لكن الثابت هو أنه لا توجد نتيجة مستحيلة بالنظر إلى الديناميكية الأخيرة بين أحزاب المعارضة، والرهانات عالية السقف لدى معسكرات السياسة العازمة على القتال بالأسنان والأظافر.
فعلى الرغم من نكسات الأزمة الاقتصادية والصدمة الهائلة لزلزال فبراير/شباط الماضي، يشعر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنه لا يزال لديه الوقت.
وهو ما يجادل فيه العديد من المراقبين الدوليين والمعلقين الأتراك بأن الانتخابات صفقة منتهية، وأنه من المستحيل أن يخسر الرئيس أردوغان الانتخابات الرئاسية أو الأغلبية في البرلمان.
قناعةٌ تترسخ لدى طرف ثالث يجادل أيضا بأن أردوغان بصفته سياسيا متمرسا لم يكن ليطلب انتخابات مبكرة إذا لم يكن متأكدا من فوزه.
لكن مربط الفرس لدى الكثيرين ليس هنا، بل في ماذا سيحصل لو فازت المعارضة؟
يقول مراقبون إن قبضة أردوغان قد تتراجع على ثاني أكبر دولة في أوروبا من حيث عدد السكان، إذ تشير بعض استطلاعات الرأي إلى أن المعارضة الموحدة يمكن أن تنتزع السيطرة على البرلمان من حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه الرئيس وحلفاؤه.
ويرون أن خسارة أردوغان لن تكون مجرد نهاية حقبة، بل سيؤدي ذلك إلى حدوث اضطرابات هائلة في تركيا، مع أصداء عالية في المنطقة وحول العالم.
فتركيا في المرتبة 11 من حيث الاقتصاد في العالم، كما أنها عضو محوري ومربك في الناتو، وكلاهما قريب من الخطوط الأمامية للحرب في أوكرانيا، بل إنها تقف بين أوروبا والشرق الأوسط.
وهو ما توقعته مجلة "ناشيونال انترست" الأمريكية، التي تنبأت بـ"أيام مضطربة" خلال محاولة الانتقال إلى ما بعد أردوغان، "نظرا لما يتسم به النظام السياسي التركي من انقسام واستقطاب حاد، والحاجة إلى خارطة طريق مصاغة بمهارة شديدة من أجل الانتقال السياسي".
وتوقعت المجلة أن تواجه الحكومة الجديدة 3 مشاكل فورية: الاقتصاد، ووضع مؤسسات الدولة، والحكم في ظل الفوضى على جميع مستويات المجتمع والسياسة.
ومن أجل خمس سنوات أخرى في المنصب، يحتاج أردوغان الذي قاد البلاد لمدة ٢٠ عاما، إلى الحصول على 50 في المائة على الأقل بالإضافة إلى صوت واحد ليتم انتخابه في الجولة الأولى.
وإذا لم يحصل أي مرشح على أغلبية بسيطة، فسيخوض أكبر متنافسيْن الجولة الثانية بعد أسبوعين.
ويسعى منافسان آخران لإنهاء فترة أردوغان الطويلة، لكن معظم المراقبين يتفقون على أن السباق سيختزل في مواجهة أردوغان ضد كمال كليجدار أوغلو، المرشح المدعوم من ستة أحزاب معارضة.
هذا ما سيفعله كليجدار أوغلو لو فاز بالانتخابات
وكان كليجدار أوغلو تعهد في حال فوزه بالعودة إلى السياسات الاقتصادية التقليدية ونظام الحكم البرلماني، واستقلال القضاء، وعلاقات أكثر سلاسة إلى حد ما مع الغرب.
كما تهدف خطة التحول للمعارضة إلى تهدئة التضخم الذي بلغ 85٪ العام الماضي، على الرغم من أنه من المتوقع أن يجلب اضطرابا في الأسواق المالية، وربما يكون الأحدث في سلسلة من الانهيارات في العملة.
تحد عرّجت عليه مجلة "ناشيونال انترست" الأمريكية، معتبرة أن "التحدي الأبرز الذي سيتوجب على كليجدار أوغلو مواجهته حال الفوز هو معالجة الوضع الاقتصادي السيئ الذي تفاقم بسبب الزلزال، ما يعني أنه سيتحتم على الحكومة طرح حزمة مالية سريعة لمعالجة معدل التضخم المرتفع وانخفاض قيمة الليرة، والتعامل مع خسارة الثقة بالاقتصاد التركي".
وفي إحدى تجمعاته الانتخابية، قال كليجدار أوغلو "أعرف أن الناس يكافحون من أجل تدبر أمورهم، أعرف تكلفة المعيشة ويأس الشباب، لقد حان وقت التغيير.. روح جديدة وفهم ضروري".
وخاطب أنصاره: "نحن قادمون لحماية حقوق الفقراء والمضطهدين والعمال".
ويقول منتقدون إن كليجدار أوغلو الذي عانى من هزائم متكررة في الانتخابات كرئيس لحزب الشعب الجمهوري، يفتقر إلى قدرة خصمه على حشد الجماهير ويفشل في تقديم رؤية واضحة لعصر ما بعد أردوغان.
لكن المحاسب القديم يتطلع إلى عملية حسابية أخرى من خلال البناء على انتصار المعارضة في عام 2019، عندما هزم حزب الشعب الجمهوري حزب العدالة والتنمية الحاكم بزعامة أردوغان في إسطنبول ومدن كبيرة أخرى في الانتخابات المحلية.
بيْد أن الفوز في الانتخابات وحده لا يكفي لاحتساء نشوة النصر، فكليجدار أوغلو -برأي متابعين- يواجه تحديات في الحفاظ على تحالف معارضة يضم قوميين وإسلاميين وعلمانيين وليبراليين متحدين.
فاختياره كمرشح في السباق الرئاسي جاء بعد نزاع استمر 72 ساعة، انسحبت منه لفترة وجيزة زعيمة ثاني أكبر حزب بالمعارضة ميرال أكشينار.
وشددت المعارضة على أن مسعى أردوغان لخفض أسعار الفائدة أطلق أزمة تضخمية دمرت ميزانيات الأسر، فيما تقول الحكومة إن السياسة عززت الصادرات والاستثمار كجزء من برنامج يشجع حيازات الليرة.
وتأتي الانتخابات في الوقت الذي تكافح فيه تركيا مع ارتفاع معدلات التضخم، والآثار المدمرة لزلزال فبراير/شباط.
على الصعيد الدولي، تحاول البلاد عقد صفقة تصدير الحبوب الأوكرانية للمساعدة في الحفاظ على الإمدادات الغذائية العالمية التي تأثرت بفعل العملية العسكرية الروسية.
شفاء الجروح القديمة
قبل دخوله عالم السياسة، عمل كليجدار أوغلو في وزارة المالية، ثم ترأس مؤسسة التأمين الاجتماعي التركية خلال فترة التسعينيات.
كان اقتصاديا سابقا، وأصبح نائبا في البرلمان عام 2002، عندما وصل حزب العدالة والتنمية بزعامة أردوغان إلى السلطة لأول مرة، ممثلا حزب الشعب الجمهوري من يسار الوسط، وهو حزب أنشأه مؤسس تركيا الحديثة مصطفى كمال أتاتورك، والذي كافح من أجل الوصول إلى ما وراء قواعده العلمانية نحو المحافظين.
ومع ذلك فقد تحدث في السنوات الأخيرة عن الرغبة في مداواة الجروح القديمة وخاصة مع الأكراد.
aXA6IDMuMTQyLjIwMC4yNDcg جزيرة ام اند امز