خسائر أردوغان بليبيا وسوريا تفضح إرهابه أمام الأتراك
الهزائم المتتالية دفعت أردوغان ليس فقط للاعتراف بسقوط ضحايا من قواته في سوريا، ولكن بوجود سوريين وقوات تركية في ليبيا.
مع توالي الضربات والخسائر التي تتعرض لها القوات التركية والمرتزقة الموالين لها في سوريا وليبيا، لم يجد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مفراً أمام الأتراك، إلا بالاعتراف والإقرار بإرسال مرتزقة سوريين وفصائل إرهابية إلى هذين البلدين.
- أردوغان يرفض الانسحاب من إدلب ويسعى لتوسيع احتلاله شمال سوريا
- السراج وأردوغان.. لقاء بإسطنبول لعرقلة مساعي السلام في ليبيا
فتزايد الخسائر التركية التي كان أحدثها، السبت، مقتل جندي بهجوم لقوات الجيش السوري في إدلب، الذي يأتي بعد يومين من مقتل اثنين وإصابة 5 آخرين في هجوم لسلاح الجو الروسي في المحافظة الواقعة شمالي البلاد، ويرفع عدد القتلى هناك لـ16 قتيل خلال فبراير/شباط الجاري، دفع أردوغان إلى الإقرار بها مع تصاعد الضغوط الداخلية.
وتزامنت تلك الهزائم مع سقوط جنود أتراك ومرتزقة أردوغان في ليبيا بمحاور القتال المختلفة، خلال مواجهات مع الجيش الوطني، بحسب العميد خالد الحجوب مدير إدارة التوجيه المعنوي بالجيش الوطني الليبي.
كما أن الخسائر المتتالية، التي لم تقتصر على الخارج بل شملت الداخل أيضاً، أجبرت أردوغان ليس فقط على الاعتراف بسقوط ضحايا من قواته، بل بوجود سوريين ومرتزقةموالين له في ليبيا بصفوف حكومة فايز السراج.
أيضاً إقرار الرئيس التركي بتلك الهزائم فضحت مساعيه أمام الأتراك بنشر الإرهاب والفتنة وتأجيج الصراعات في هذين البلدين، بعد أن أنكر سابقاً وبشكل قاطع هذه الممارسات.
وحاول الرئيس التركي تبرير ذلك بمزاعم وصلت إلى درجة الهذيان، حين قال، في تصريحات، اليوم السبت، إنه: "إذا لم يتدخل في سوريا وليبيا والبحر المتوسط والمنطقة، فإن الثمن سيكون باهظاً مستقبلاً".
إلا أن مراقبين يشيرون إلى أن أردوغان سيدفع ثمن مغامراته والتدخل في شؤون الدول الأخرى باهظاً، وهو ما ظهر جلياً في انخفاض شعبيته، والانتقادات التي يواجها في الداخل، والانشقاقات التي تضرب حزبه (العدالة والتنمية)؛ اعتراضاً على سياساتها الخارجية التي جعلت أنقرة في عزلة.
وأكد أردوغان، في تصريحات صحفية، الجمعة، أن القوات التركية الموجودة في ليبيا تعمل على تدريب القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني، وهناك أشخاص من الجيش الوطني السوري.
وأضاف: "وقّعنا اتفاقية حول التدريب الأمني والعسكري بدعوة الحكومة الليبية، وذهبنا إلى ليبيا بهذه الطريقة".
ويأتي الاعتراف التركي بعد ساعات من لقاء رئيس حكومة الوفاق الليبية فايز السراج، الخميس، وأردوغان في إسطنبول، وذلك بعد انسحاب الأول من محادثات جنيف للسلام التي تعقد برعاية أممية.
دعم الإرهابيين
وبحسب وسائل إعلام تركية، فإن أردوغان استقبل السراج في إسطنبول، وعقد معه اجتماعاً مغلقاً، وهو اللقاء الذي حذر مراقبون من تداعياته على عملية السلام المتعثرة في ليبيا.
وتعليقاً على لقاء السراج وأردوغان في إسطنبول، اعتبرها الباحث السياسي الليبي عبدالله الخفيفي، زيارة "مشبوهة"، وتهدف لأخذ التعليمات من الحاكم الفعلي لطرابلس، أردوغان.
وقال الخفيفي في تصريحات سابقة لـ"العين الإخبارية"، إن "السراج ذهب إلى تركيا لطلب المزيد من الدعم، خاصة أن الهدنة منهارة، والجيش الليبي سيرد في أي وقت على خروقات إطلاق النار، وسيواصل تقدمه باتجاه طرابلس".
وطالب الباحث الليبي المجتمع الدولي بأن يفي بتعهداته تجاه الخرق التركي المستمر لحظر التسليح المفروض على ليبيا، واستمرار إرسال المرتزقة والإرهابيين الأجانب إلى طرابلس.
وأكد محمد الترهوني المحلل السياسي والعسكري الليبي، أن زيارة السراج لأردوغان ستتضمن البحث عن طرق بديلة لتهريب السلاح بعد محاصرة الجيش الليبي للطرق التقليدية.
وأضاف لـ"العين الإخبارية" أن أردوغان مشغول بمعاركه في تركيا، ولكن ذلك لا يؤثر على إرساله للإرهابيين والمليشيات لطرابلس.
وأشار الترهوني إلى أن قرار السراج بتعليق المحادثات العسكرية والعودة للمشاركة فيها سريعاً جاء بأوامر تركية، نتيجة إدراك تركيا صعوبة المعركة في طرابلس، مع الدعم القبلي المتزايد للجيش الليبي، وسقوط كثير من المرتزقة السوريين، وفرار بعضهم إلى أوروبا.
وكان المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة أشار إلى أن عمليات توريد السلاح لا تزال مستمرة، بخلاف تدفق المرتزقة الأجانب، وتم تسجيل نحو 150 خرقاً منذ 12 يناير/كانون الثاني الماضي.
دفع الثمن
ومغامرات أردوغان الخارجية، يدفع ثمنها بشدة في داخل تركيا، حيث يعاني من نزيف دائم في الداعمين، حيث يفقد العدالة والتنمية (الحزب الحاكم)، كل يوم مؤسسيه وقاعدته الشعبية منذ فشله في الانتخابات البلدية، وجراء الاعتراض على سياساته الخارجية.
ويوم 9 فبراير/شباط الجاري، كشفت المحكمة العليا في تركيا في أحدث بيانات لها، عن انخفاض أعضاء العدالة والتنمية أكثر من 15 ألف عضو خلال 50 يوماً فقط.
جاء ذلك بحسب بيانات نشرها الادعاء العام للمحكمة العليا حول أعداد أعضاء الأحزاب السياسية بالبلاد.
وبحسب البيانات الجديدة تراجع عدد أعضاء حزب العدالة والتنمية من 10 ملايين و211 ألفاً و596 عضواً في 14 ديسمبر/كانون الأول الماضي، إلى 10 ملايين و195 ألفاً و904 أعضاء، ما يعني انخفاض أعدادهم بمقدار 15 ألفاً و692 عضواً خلال 50 يوماً.
ويوم 14 ديسمبر/كانون الأول الماضي، كانت المحكمة العليا قد ذكرت أن 114.116 عضواً استقالوا من العدالة والتنمية خلال 4 أشهر فقط؛ اعتراضاً على سياساته.
وجاء في بيان صادر عن المحكمة آنذاك أن 56 ألفاً و260 عضواً استقالوا من الحزب خلال الفترة من 1 يوليو/تموز إلى 6 سبتمبر 2019، فيما استقال 57 ألفاً و856 عضواً خلال الفترة من 6 سبتمبر/أيلول إلى 22 نوفمبر/تشرين الثاني الماضيين.
وهذه الأرقام تشير إلى أن الحزب الحاكم خسر 129 ألفاً و808 أعضاء من 1 يوليو 2019 حتى 9 فبراير/شباط 2020.
وذكرت العديد من وسائل الإعلام خلال الآونة الأخيرة أن هناك تسريبات من داخل الحزب تتحدث عن أن الرئيس رجب طيب أردوغان سيلجأ لاستخدام ورقة التعديلات الوزارية، لوقف تراجع شعبية حزبه التي تأثرت كثيراً بنتائج الانتخابات المحلية الأخيرة التي جرت 31 مارس/آذار الماضي، وصبت في مصلحة الأحزاب المعارضة.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ذكرت وسائل إعلام تركية أن العدالة والتنمية يعتزم تعديل القوانين المتعلقة بالحد الأدنى لتمثيل الأحزاب في البرلمان والمقدر بـ10%، وتخفيضها، في دلالة واضحة على إدراك الحزب انخفاض شعبيته بشكل كبير.
aXA6IDE4LjExOC4xNDkuNTUg جزيرة ام اند امز