أردوغان في السعودية.. تطمينات وطي لصفحة الماضي
في خضم أزمات إقليمية ودولية تتصاعد، يزور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان السعودية لبحث العلاقات والتنسيق حيال القضايا الإقليمية والدولية.
وذكرت دائرة الاتصال بالرئاسة التركية في بيان، الخميس، أن أردوغان الذي وصل بالفعل إلى جدة مساء اليوم سيجري خلال زيارته التي تستغرق يومين مباحثات لتعزيز العلاقات الثنائية من جميع جوانبها ومناقشة فرص تطوير التعاون.
وتعد الزيارة هي الأولى لأردوغان للمملكة منذ 2017، بعد فترة فتور بين البلدين استمر عدة سنوات.
وفي قراءته للزيارة ودلالة توقيتها، قال الدكتور طه عودة أوغلو الباحث التركي في العلاقات الدولية والاستراتيجية في حديث لـ"العين الإخبارية" إن: زيارة الرئيس أردوغان تأتي في سياق الجهود التركية؛ لفتح صفحة جديدة في علاقاتها مع القوى الإقليمية المؤثرة والمجاورة لها وبالأخص مع دول الخليج العربي".
أغلو أكد أن "الزيارة تمثل إشارة واضحة على القناعة التركية بأن السعودية تعد من أبرز دول الخليج التي تسعى أنقرة لتطبيع العلاقات معها؛ لمكانتها الفريدة في العالم الإسلامي، إضافة إلى أن خسارتها لا تعني فقط خسارة "الرياض" بل كذلك خسارة دول إقليمية أخرى.
وأردف: "حاول الجانبان خلال السنوات الماضية الابقاء على مساحة للتواصل بينهما رغم التوتر في العلاقات، عبر اعتماد دبلوماسية المصالح، ومحاولة تحقيق توازن في ظل الوضع الإقليمي الراهن والذي تبحث جهات مثل إيران على أي فتيل أزمة يمكن أن تزيد في إشعاله.
ولتركيا حسابات عديدة في التقارب مع المملكة، قال أوغلو: أنقرة لديها حساباتها الخاصة من وراء سعيها لإعادة التطبيع مع السعودية لعلمها أن العلاقات الجيدة مع الدول الخليجية لا يمكن أن تبقى ثابتة ومستقرة بدون موافقة ومصادقة المملكة التي تعتبر قوة كبيرة وديناميكية لا يستهان بها في المنطقة، بالتالي فإن التحالف معها له معنى وهدف استراتيجي في ظل المتغيرات في المنطقة والعالم.
ولمح المحلل السياسي التركي، أن قضية الصحفي السعودي الراحل جمال خاشقجي أحدثت شرخا واسعا وعميقا بل قطيعة دبلوماسية لم يسبق لها مثيل بين البلدين.
وأردف: التحول التركي في قضية خاشقجي بجانب استمرار تحرك أنقرة في تبني مسار جديد لترميم العلاقات مع السعودية يمكن أن يعجل من معالجة الأزمة الراهنة، ويعيد الأمور إلى وضعها الطبيعي في الأسابيع المقبلة لا سيما مع انفتاح تركيا على مبدأ تجاوز الخلافات والبناء على نقاط الاتفاق وفتح صفحة جديدة مع كل دول المنطقة.
وضمن جهود عدة قامت بها تركيا خلال الفترة الماضية، لإعادة العلاقات مع المملكة إلى سابق عهدها، قامت أنقرة بطي صفحة خاشقجي نهائيا، حيث قضت محكمة تركية في 7 أبريل/نيسان الجاري، بوقف محاكمة السعوديين المشتبه بهم في قضية مقتله، وإحالتها إلى السعودية.
ولزيارة أردوغان أهمية كبيرة، حيث يؤكد المحلل السياسي السعودي، مبارك آل عاتي، في حديث لـ"العين الإخبارية" أن "الزيارة سوف تسهم في تقريب وجهات النظر، وتعجل بحل القضايا الخلافية".
وأشار إلى أن هناك نية عازمة من أنقرة على تطمين المملكة حول العديد من القضايا التي لا تزال عالقة بين البلدين، والتي تريد السعودية من الجانب التركي تأكيدات الالتزام بها من بينها؛ احترام القرار السيادي بين البلدين، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.
طي الخلافات
من جهته، قال الدكتور علي العنزي المحلل السياسي، وأستاذ الإعلام بجامعة الملك سعود، إن الزيارة ستسهم في طي صفحة الخلاف بين البلدين بعد فترة طويلة من التوتر.
ويوضح العنزي، أن زيارة الرئيس التركي للسعودية ولقاءاته المرتقبة بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، هامة جدا، خاصة أنها تأتي بعد توتر في العلاقات بين البلدين كانت أنقرة وراءه بسبب تدخلها في الشؤون الداخلية لعدد من الدول العربية.
وأعرب العنزي عن أمنيته استمرار أنقرة كعامل مساعد لاستقرار منطقة الشرق الأوسط، والعمل على خفض منسوب التوتر بالمنطقة .
ويوضح العنزي أهمية التعاون بين البلدين وانعكاسه على أمن واستقرار المنطقة وصالح شعوبهما، "المملكة دولة محورية في المنطقة، وراعية الحرمين الشريفين ولها ثقلها السياسي والاقتصادي في المشهد الدولي، إضافة إلى ثقلها في العالمين العربي والإسلامي، وتركيا دولة أيضا لها وزنها وثقلها في المنطقة".
وأضاف الخبير في العلاقات الدولية: "الأمل يحدو الجميع أن تكون الزيارة مثمرة على كافة المستويات، وتسهم في تعزيز العلاقات بين دول المنطقة، وحماية الأمن القومي العربي.
وحول أجندة اللقاء، يضيف العنزي: سيتم مناقشة كافة القضايا السياسية والاقتصادية والأمنية بين البلدين، على مستوى الإقليم والعالم، حيث يشهد العالم تطورات سياسية وعسكرية غير مسبوقة سواء في فلسطين المحتلة أو في أوكرانيا أو في التدخلات الإيرانية في المنطقة.
ويرتقب أن يتم خلال تلك الزيارة وضع أسس وقواعد لبدء مرحلة جديدة تعيد الشراكة والعلاقات الواعدة بين البلدين إلى سابق عهدها، بما يصب في صالح دعم أمن واستقرار المنطقة وتحقيق ازدهار وتنمية البلدين.
aXA6IDMuMTQ1LjU5Ljg5IA== جزيرة ام اند امز