الألمانية أورسولا فون دير لاين.. سيدة أوروبا القوية

يعتبرها دونالد ترامب أقوى زعيمة في أوروبا، ويصفها آخرون بأنها سيدة القارة القوية، وما بين التوصيفين تبرز بوصفها شخصية وازنة عالميا.
إنها الألمانية أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، المرأة التي استطاعت أن تستمر بمنصبها رغم الانتقادات والتحديات.
وخلال قمة السبع في كندا، أرادت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أن تلتقي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وبحسب صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، فاجأت فريق أمنه حين أمسكت بذراعه وقادته إلى أريكة للدردشة حول أوكرانيا والصين والتجارة، في واحدة من اللحظات التي ساعدت على رأب الصدع عبر الأطلسي بحسب مساعديها.
وعلى مدار أشهر، بذلت فون دير لاين (66 عامًا)، وهي طبيبة ألمانية وأم لسبعة أطفال، جهودًا مضنية لإقناع ترامب بقيمة الاتحاد الأوروبي بالنسبة للولايات المتحدة.
وللوصول إلى ذلك، وضعت الاختلافات السياسية جانبا بحثًا عن المجاملة.
من «أقوى القادة»
قالت الصحيفة إن فون دير لاين استفادت من دروس مسيرة مهنية متعثرة في بعض الأحيان في صياغة نهجها الذي ركز على التعامل المباشر مع ترامب، واستخدام لغته الخاصة وتجنب المصطلحات المحددة التي لا يحبها مع تحديد أهدافها وخطوطها الحمراء دون الاعتماد على نقاط الحوار.
وقالت مارغريت فيستاجر، المفوضة السابقة بالاتحاد الأوروبي، إن فون دير لاين "يمكنها مقاومة إغراء خوض معركة إذا لم تخدم هذه المعركة غرضًا"، مضيفة أنها تتعامل مع ترامب بشكل جيد.
ويبدو أن هذا الجهد بدأ يؤتي ثماره، فبعد انتقادات متكررة لتكتل القارة العجوز، أشاد ترامب بزملائه الأوروبيين خلال اجتماع عُقد مؤخرًا في البيت الأبيض حول أوكرانيا، واصفًا فون دير لاين بأنها من أقوى الشخصيات في أوروبا، كما أشاد باتفاقية تجارية تفاوض عليها معها.
تحديات وانتقادات
ومع ذلك، تواجه استراتيجية فون دير لاين الآن تحديات جديدة من جانبي الأطلسي، فقد هدد ترامب أوروبا مؤخرًا بفرض تعريفات جمركية جديدة وقيود تجارية على لوائح التكنولوجيا الأوروبية.
في حين ندد بعض قادة الأعمال والسياسيين الأوروبيين باتفاقية التجارة، التي تم التوصل إليها في أواخر يوليو/تموز الماضي.
فمثلا انتقد تييري بريتون، المفوض الفرنسي السابق للاتحاد الأوروبي، الذي استقال العام الماضي بعد تحركات فون دير لاين لتغييره موقفها مع ترامب.
وكتب على منصة "إكس" يقول مؤخرا مقتبسًا من قول ونستون تشرشل "قيل لنا أن نقبل الإذلال لتجنب عدم الاستقرار.. الآن لدينا كلاهما".
وقالت سارة فاجنكنيشت، الزعيمة الشعبوية اليسارية الألمانية، إن اتفاقية التجارة "ليست صفقة بل كارثة" ودعت فون دير لاين إلى الاستقالة.
على طرفي نقيض
خلال مشوارها، صقلت زعيمة الاتحاد الأوروبي مهاراتها السياسية من خلال العمل مع المستشارة الألمانية السابقة أنغيلا ميركل التي تعلمت منها أن المرأة في السلطة يجب أن تكون الأكثر اجتهادًا واستعدادًا.
وتقف فون دير لاين وترامب على طرفي نقيض، فمثلا تعتمد رئيسة المفوضية الأوروبية خطابات قوية، لكنها ليست مرتجلة أبدا عكس المؤتمرات الصحفية الطويلة والمرتجلة أمام الكاميرات التي يعقدها الرئيس الأمريكي.
وفي أوروبا، تزداد أزمات فون دير لاين التي سعت إلى تعزيز نفوذ منصبها والاتحاد الأوروبي، مما خلق لها أعداءً في بروكسل وخارجها، فواجهت مؤخرًا تصويتًا على سحب الثقة منها في البرلمان الأوروبي.
كما اتهمها رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان وبعض السياسيين المشككين في الاتحاد الأوروبي باستغلال التكتل ضد المعارضين.
وبحكم حرصها ودقتها في التصريحات، قد تبدو فون دير لاين منعزلة ويقر مساعدوها بأنها قد تكون متطلبة، وتضغط لفهم القضايا الحرجة حتى لو كان ذلك يعني تجاوز البروتوكول لاستجواب المسؤولين من المستوى الأدنى.
وكان اختيار فون دير لاين لقيادة المفوضية الأوروبية مفاجئًا في 2019 حيث كانت وزيرة الدفاع الألمانية آنذاك في رحلة مع مسؤولين عسكريين عندما اتصل بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشكل غير متوقع، ليسألها عما إذا كانت ترغب في المنصب.
وفي ظل الانقسام حول المرشحين الآخرين، وافق القادة الأوروبيون، بسرعة على تعيينها كأول امرأة تشغل هذا المنصب لمدة خمس سنوات.
وعلى الفور أرست فون دير لاين قواعدها فأسست مسكنا بجوار مكتبها في بروكسل حتى تتمكن من العمل لساعات أطول، كما أنها لا تحتفل بأي نجاح إلا لمدة ساعتين ثم تعود إلى العمل.
إلى مسقط الرأس
أعادها المنصب إلى مسقط رأسها حيث كان والدها إرنست ألبريشت، موظفًا حكوميًا أوروبيًا رفيع المستوى في الخمسينيات قبل أن يعود لألمانيا ويصبح سياسيا محافظا قويا.
وعندما خشيت الشرطة أن يلحق المتطرفون اليساريون الأذى بابنته في السبعينيات، تم إرسالها للدراسة في كلية لندن للاقتصاد تحت اسم مستعار مشتق من اسم جدتها الأمريكية.
وعاشت فون دير لاين في الولايات المتحدة برفقة زوجها الطبيب والأستاذ الجامعي الذي كان يعمل في جامعة ستانفورد خلال التسعينيات.
وبعد عودتها إلى ألمانيا، انتقلت من الطب إلى السياسة، ويقول أصدقاؤها وزملاؤها إن مكانتها السياسية نمت بفضل ذكائها واجتهادها وعلاقاتها بمرشديها، بمن فيهم ميركل.
وبعد العلاقة الوثيقة التي جمعتها بالرئيس الأمريكي السابق جو بايدن وفريقه، بذلت فون دير لاين جهدا للتواصل مع ترامب الذي التقته للمرة الأولى منذ تنصيبه لولاية ثانية بالفاتيكان في أبريل/نيسان الماضي خلال جنازة البابا فرانسيس.
وحينها، خاض الطرفان محادثة قصيرة، لكنهما الآن يتحدثان أو يتبادلان الرسائل النصية بانتظام، وفق الصحيفة.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjgg جزيرة ام اند امز