سياسة
مستقبل الأزمة الأوكرانية وهل تصمد أوروبا؟.. قراءة 7 خبراء للمشهد (خاص)
مع بداية الشهر التاسع من عمر الأزمة التي يعيشها العالم بلا استثناء منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا في 24 فبراير/شباط الماضي، تكثر التساؤلات والحاجة لقراءة بشأن المشهد الحالي وسيناريوهات القادم.
تدخل الأزمة الأوكرانية الروسية منعطفا خطيرا يهدد بتداعيات خطيرة على أوروبا خاصة والعالم أجمع، يستدعي التساؤل عن مستقبل الأزمة.
ويطرح أيضا تساؤلا مهما بشأن هل الوضع الاقتصادي الأوروبي والتلويح بالتصعيد النووي وأزمة الطاقة قد يبدل الموقف الغربي خصوصا في أوروبا نحو التخلي عن كييف أو إجبارها على قبول السلام الروسي.
"العين الإخبارية" في محاولة للإجابة على تلك التساؤلات وقراءة المشهد بشقيه السياسي والاقتصادي والسيناريوهات المحتملة استطلعت آراء سبعة من الخبراء والمحللين العرب والأجانب.
ومن التساؤلات التي يحاول التقرير الإجابة عليها أيضا هو: هل ما يحدث في المشهد السياسي البريطاني يمكن أن يؤثر على موقف لندن الأكثر تشددا تجاه روسيا، وما انعكاسات ذلك على مواقف الدول الأخرى في القارة خاصة فرنسا وألمانيا.
طارق فهمي: خيارات متعددة
يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة المصرية الدكتور طارق فهمي إن الأزمة ما زالت منفتحة على خيارات متعددة ولا يمكن التنبؤ بأي سيناريو سوف تمضي له.
ويضيف فهمي في حديثه لــ"العين الإخبارية" أننا في المرحلة الثانية من الأزمة بعد ضم روسيا أربع مناطق أوكرانية إلى تعيين قائد جديد لعملياتها في أوكرانيا وهو الذي نجح سابقا في الحرب بسوريا.
ويرى أن موسكو سوف ستكثف من عملياتها العسكرية خلال الفترة المقبلة وسيكون هناك تداعيات أخرى سواء على الأرض أو تداعيات الأزمة على الغرب والعالم.
فعن أوروبا والغرب، يشير فهمي إلى أنها سوف تنتقل من الدعم العسكري إلى توفير مخصصات وأسلحة، لافتا إلى أنه حتى الآن لم يصل بالفعل أسلحة ثقيلة من أوروبا إلى أوكرانيا، أما أمريكا فسوف تشهد توقف الدعم بعد التجديد الأخير لأعضاء الكونغرس.
ويعتقد أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية أن الموقف الفرنسي والألماني سوف يغير من الموقف تجاه التشدد اللندني، لافتا إلى وجود قلق كبير وانقسامات في الموقف الأوروبي خوفا من تمدد الحرب لمسارح مجاورة على رأسها هولندا.
وتابع أننا أمام سيناريوهين: الأول انصياع روسيا للمشهد الراهن والثاني إجبار أوكرانيا على ووقف إطلاق النار وإعادة تكرار ما حدث مع شبه جزيرة القرم.
وبشأن الموقف الأوروبي يكمل فهمي أن هذا الموقف منقسم وسط تردد فرنسا وألمانيا وسط بحث عن مصادر للطاقة البديلة.
وعلى الجانب الآخر يقول الخبير السياسي المصري أن روسيا سوف تضغط بشكل كبير خلال الفترة المقبلة مع دخول الصين كوسيط مشترك، معتبرا أن هذا التوجه يرجحه اشتداد العمليات العسكرية لتحسين شروط التفاوض وفرض الأمر الواقع.
عباس جمعة: ضغط شعبي أوروبي
وأوضح جمعة في حديثه لــ" العين الإخبارية" أنه الولايات المتحدة عازمة على مقاومة روسيا حتى النهاية رغم السعر المرتفع وذلك لاستمرار الهيمنة على العالم.
أما أوروبا فأشار المحلل الروسي إلى أن رغبتها في استمرار الصراع والتصعيد أقل وسط وجود ضغط شعبي في الشوارع للاحتجاج على سلطاتهم بسبب ارتفاع التضخم وفاتورة الطاقة وتراجع الصناعات.
وأردف: "الاقتصاد الألماني يتدهور بسرعة، وانخفض نشاط التصنيع إلى أدنى مستوى له في 29 شهرا، ويمكن قول الشيء نفسه عن فرنسا وبريطانيا، إلا أن الأخيرة ليست أزمة اقتصادية فقط بل سياسية أيضا، لافتا إلى أنه من غير المرجح أن يتمكن رئيس الوزراء الجديد من تغيير الوضع بجدية.
وأشار إلى أن أي تغير بسيط في الوضع بأوكرانيا بوقف الحرب سوف يلاقي ترحيبا كبيرا في أوروبا.
بندر الدوشي: نفق مظلم
الباحث في العلاقات الدولية السعودي والمقيم بالولايات المتحدة بندر الدوشي يرى أن الأزمة الروسية الأوكرانية أدخلت العالم نفقا مظلما، اقتصاديا وسياسيا وعسكريا بخلاف التأثيرات الأخرى على الأمن الغذائي والدولي.
وأضاف الدوشي في حديثه لــ" العين الإخبارية" أنه في وسط تمسك الأطراف المتحاربة برغباتها إلا أننا نشاهد وساطات وتدخلات خليجية مؤثرة لصالح حل الأزمة الدبلوماسية وعلى رأسها عرض الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات للوساطة خلال زيارته الأخيرة إلى روسيا، كذلك تدخل السعودية بقيادة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ونجاحه في إتمام صفقة تبادل الأسرى بين البلدين.
ويؤكد الباحث السعودي أن أوروبا غير قادرة على الخروج من العباءة الأمريكية وحلف الناتو واتخاذ موقف مختلف في الأزمة الأوكرانية، مشيرا إلى أن بريطانيا قد تغير موقفها من الأزمة ودعم أوكرانيا رغم حالة الارتباك السياسي التي تمر بها حاليا.
ويعتقد الدوشي أن الأزمة مرشحة للتصعيد خصوصا مع الاتهامات المتبادلة بين روسيا وأوكرانيًا، والحديث عن استخدام القنبلة القذرة والتهديدات النووية الأخرى في هذا المجال.
جميلة أبوشنب: رضوخ وكسر عظام
الكاتبة والباحثة السياسية الجزائرية في إذاعة مونت كارلو الدولية الفرنسية، جميلة أبوشنب، تقول إن الأزمة سوف تتعلق حتى انتهاء الولاية الأولى للرئيس الأمريكي جو بايدن.
أبوشنب تضيف في حديثها لــ" العين الإخبارية" أن الحرب دخلت مرحلة كسر العظام ولن تستخدم روسيا السلاح النووي، لافتة إلى أن أمريكا مصرة على أن يكون الاتحاد الأوروبي تابع لها لعشرات السنوات.
وتضيف: نرى أزمات سياسية واقتصادية وانعدام ثقة بين الشعب والقيادة الأوروبية بسبب الأزمات الطاقة والتضخم والأسعار بالإضافة إلى توتر العلاقات الفرنسية الألمانية بسبب خلافات حول الأجندة ووجود مخاوف من أداء الحكومة الإيطالية الجديدة وزلزال الحكومة في بريطانيا مما يبعث برسائل غير مطمئنة على مستقبل الاتحاد الأوروبي.
نايل الجوابرة: شتاء قارس
المحلل الاقتصادي الإماراتي، نايل الجوابرة، أكد أن الأزمة الآن ليست أوكرانيا إنما هو دخول فصل الشتاء وأسعار الطاقة والتضخم.
الجوابرة يضيف في حديثه لــ" العين الإخبارية" أن المظاهرات تنتشر في أنحاء القارة الأوروبية بسبب غلاء الطاقة وارتفاع التضخم والخوف من انقطاعات التدفئة خلال فصل الشتاء.
ويشير إلى أن الدول الأوروبية تنظر إلى هذا جدا بسبب ما تشكله من ضغوط على البنوك المركزية الأوروبية والعالمية بسبب أزمة الطاقة.
وبين أن القلق الأوروبي من شدة الشتاء المقبل بعد انقطاع الطاقة الروسية عبر خطي "نورد ستريم 1 و"2 وترقب تركي خوفاً من وضع عقوبات على ناقلات موسكو من الطاقة في البحر الأسود في الخامس من ديسمبر المقبل.
وضاح الطه: عملية انتحار
المحلل الاقتصادي وضاح الطه، عضو المجلس الاستشاري لمعهد الأوراق المالية والاستثمار البريطاني في دبي، يؤكد أيضا التداعيات السلبية الكبيرة المنتظرة على أوروبا في الجانب الاقتصادي مع إطالة أمد الأزمة، مشيرا أنها ستكون تدعيات كبرى صعب تحملها وسوف تؤثر على سنوات مقبلة وليست في صالح أوروبا.
ويقول الطه في حديثه لــ" العين الإخبارية" إن عروق أوروبا التي تجعل قلبها ينبض هو الغاز الروسي وغلقها يعني عملية انتحار !!
واعتبر أن قادة الاتحاد الأوروبي أخطأوا خطأ جسيماً، واعتقدوا أن هناك إمكانية الإحلال بشأن الطاقة الروسية لكنه اتضح أنها مستحيلة، لافتا إلى أن الحليف الأمريكي يبيع الغاز للحلفاء الأوروبيين بأربعة أضعاف سعر الغاز الروسي!
وشدد على الأزمة حتمية وغير قابلة للتمادي فلو اجتمعوا جميعا لن يستطيعوا توفير بديل للغاز الروسي، لافتا إلى أن أوروبا سوف تدفع ثمنا باهظا لتسرعها.
وبين الطه أن الأزمة أصبحت في أوروبا اقتصادية اجتماعية وربما سوف تغير حكومات في أوروبا إن لم تسرع في حل تلك الإشكالات، لافتا إلى أن روسيا أصبحت أقوى مع وجود أسواق أخرى كالصين والهند في ظل وارتفاع الروبل، بالإضافة إلى وجود اتفاقات بالتعامل بالعملات المحلية.
وحول التشدد البريطاني، أكد أن الخبير الاقتصادي على أن الوضع الاقتصادي والسياسي وتسبب في استقالة رئيسة الحكومة البريطانية ليز تراس التي لم تجلس على مقعدها سوى 44 يوما، يؤكد أن لروسيا اليد العليا وقد تجبر أوكرانيا على الجلوس في مفاوضات مهينة.
ويكمل الطه بالقول إن الإرهاق بدأ على الجانب الأوروبي وسط حالة تراجع اقتصادي، وظهرت الأسواق التي تطالب بوقف المساعدات ومنع الأسلحة، لذلك السيناريو المتوقع للمستقبل هو التوصل إلى اتفاق تفاوضي قد تكون فيه كييف ضحية الغرب وكبش فداء.
ديمتري بيسكوف: الأسوأ لم يأت بعد
وفي السياق ذاته، أكد المحلل السياسي الروسي، ديمتري بيسكوف، على أن استمرار الصراع سوف يتجه إلى وضع أسوأ بالنسبة للمواطنين الأوروبيين.
ويضيف بيسكوف في حديثه لـ" العين الإخبارية" أنه رغم إعادة تعبئة مرافق تخزين الغاز الأوروبية بشكل كاف، لا تزال هناك حاجة لتقليل الاستهلاك، وانخفاض التدفئة، وخفض الإنتاج في الشركات الصناعية العملاقة، مؤكدا أن استمرار التدهور له أثر تراكمي سيصبح أكثر وضوحا خلال العام المقبل.
ويكمل أنه مع استمرار العواقب طويلة الأمد للعقوبات والمشاركة في أوكرانيا في أوروبا، وأزمات الغذاء والطاقة إلى جانب التضخم والمؤشرات المقلقة للقطاع المصرفي يمكن أن تنفجر الاضطراب الاجتماعي وتضع حدا للمقامرة من رأس المال وما يسمى بـ "القيم" التي تشنها أوروبا على الأراضي الأوكرانية، وهذا من شأنه أن يؤدي حتما إلى خفض الدعم لأوكرانيا.
aXA6IDMuMTQyLjEyNC4xMTkg جزيرة ام اند امز