أوروبا والشتاء "المخيف".. مخزونات الغاز خارج السيطرة
حتى الآن تواصل أوروبا جهود تعزيز احتياطيات الغاز الطبيعي لفصل الشتاء، لكن الحقيقة المزعجة هي فشل الحكومات في السيطرة على الإمدادات.
10 % فقط من المخزونات تخضع للسيطرة
بحسب تقرير نشرته وكالة بلومبرج للأنباء في 20 أكتوبر/تشرين الأول 2022، فإن حوالي 10% فقط من الغاز الموجود في منشآت التخزين من إيطاليا إلى هولندا يخضع للسيطرة المباشرة للمسؤولين الحكوميين من خلال الاحتياطيات الاستراتيجية الوطنية.
الباقي في أيدي الشركات التجارية الدولية، ومرافق الطاقة والمجموعات الصناعية، والشركات حرة في البيع لمن يدفع أعلى سعر، حتى لو كان في بلد آخر. وهذا يعني أن حدوث موجة باردة في ألمانيا يمكن أن تؤدي إلى اندفاع الغاز في جيرانها وتوتر تضامن أوروبا في هذه العملية.
ويُفترض أن تعمل شبكة الغاز في المنطقة من خلال السماح بتدفق الإمدادات بين الأسواق. ما دام توجد كميات كافية من الوقود في المنظومة، فيتعين تحقيق التوازن في التوزيع، لكنها لم تعمل في ظل حدوث مثل الأزمة الحالية.
من جانبه، قال غراهام فريدمان، المحلل في شركة "وود ماكنزي" للاستشارات العالمية، "لم تُختبر الجوانب العملية للمنظومة من قبل فعلياً، وسيعتمد الكثير من الأمور على قسوة شتاء العام الجاري".
إذا كان الطقس باردا فربما تهبط المخزونات لأقل من 10% مع حلول نهاية مارس المقبل، بحسب فريدمان، وربما يسفر ذلك عن اندلاع صراع متجدد على الإمدادات قبل شتاء العام المقبل.
الشتاء المخيف
في حين إن أوروبا تفتقر إلى بيانات شفافة حول من يملك الغاز المخزن، فإن الجزء الأكبر مملوك من قبل المرافق، بما في ذلك الشركات المملوكة للدولة، التي ستحتاج إلى سحب الوقود لتزويد المنازل والمصنعين.
وتوجد كميات أصغر لدى شركات تجارية على غرار "جلينكور" و"فيتول جروب"، التي ينصب شغلها الشاغل على تعظيم قيمة محافظ أصولها الاستثمارية.
أما ألون ديفيز، كبير المديرين لشؤون الطاقة والغاز الأوروبي في شركة "ستاندرد أند بورز جلوبال"، فقد قال "ربما يمثّل الإبقاء على الغاز الطبيعي المخزن جزءاً من استراتيجية أكبر مدعومة بالأصول بالنسبة لشركات التجارة الخاصة". وأضاف أن المضاربين المحض يقدّمون السيولة عموماً عوضاً عن تغييب الموارد الكبيرة في مخازن الوقود.
فيما سيطرت المخاوف إزاء إمدادات الشتاء على المنطقة لعدة شهور، مما حفز بذل جهود أكبر لتخزين الغاز، حيث إن الاحتياطيات ممتلئة تقريباً في الوقت الحالي وهي أعلى من متوسط الأعوام الخمسة.
لكن لتفادي مخاطر شح الإمدادات يمكن للحكومات أن تسعى لإعلان حالة الطوارئ. في مثل هذا الموقف تقول وكالة الشبكة الفيدرالية الألمانية -مثلها مثل السلطات الوطنية الأخرى- إنها ستحظى بصلاحية إصدار أمر حول ما إذا كان الغاز سيستمر في المخزن أو سيتم اخراجه، ربما تترك حملة الإجرءات الصارمة الجيران وحدهم في مواجهة انقطاع التيار الكهربي.
تعوّل ألمانيا على الآخرين نظراً لأن مخزونها لا يكفي سوى 25% من حجم الطلب السنوي، تمرّ بولندا أيضاً بوضع غير مستقر. تملك خامس دولة في الاتحاد الأوروبي من حيث تعداد السكان الذي يبلغ 38 مليون نسمة، سعة تخزينية أقل من سلوفاكيا، البالغ تعداد سكانها 5.5 مليون نسمة فقط.
رغم أنها تحظى بأكبر سعة تخزين في أوروبا، فقد استغلت ألمانيا على مر التاريخ الاحتياطيات لدى النمسا لمساعدة أكبر اقتصاد في أوروبا على تشغيل المصانع وتدفئة المنازل، وتحرق ما يقرب من نصف الغاز لأغراض التدفئة.
تفضّل النمسا العمل كمورّد في فصل الشتاء، حيث تقدّم ما يفوق ثلثي سعتها التخزينية في المعتاد لدول أخرى. وتحظى جمهورية التشيك والمجر أيضاً بسعة تخزينية أكبر من حجم الاحتياجات للاستخدام المحلي.
ويقع حوالي نصف سعة تخزين الغاز في الاتحاد الأوروبي في ثلاث دول؛ حيث تأتي ألمانيا في المقدمة بمخزونات تعادل 225.8 تيرا واط/ساعة، ثم حلت بالمرتبة الثانية إيطاليا بحوالي 192.2 تيرا واط/ساعة، وثالثا جاءت هولندا بنحو 131.9 تيرا واط/ساعة، وفي المركز الرابع جاءت فرنسا بمخزون ممن الغاز الطبيعي يعادل 128.6 تيرا واط/ساعة، والنمسا خامسا بنحو 92.7 تيرا واط/ساعة، ثم المجر بحوالي 68.1 تيرا واط/ساعة، وسلوفاكيا بنحو 40.2 تيرا واط/ساعة، والتشيك بنحو 35.3 تيرا واط/ساعة، وبولندا بحوالي 34 تيرا واط/ساعة، وعاشرا جاءت المملكة المتحدة بمخزونات غاز طبيعي تعادل 11 تيرا واط/ساعة.
وكان توليد الكهرباء من الغاز الطبيعي في أوروبا قد بلغ 799.3 تيراواط/ساعة في 2021، بزيادة 4.7% على أساس سنوي، وفق أرقام شركة النفط البريطانية بي بي.
aXA6IDE4LjE4OC4yMjMuMTIwIA== جزيرة ام اند امز