أوروبا في الشتاء.. سيناريوهات مخيفة بطلها "الغاز"
تتواصل جهود دول الاتحاد الأوروبي للبحث عن طرق وحلول للتخفيف من وطأة تداعيات أزمة الطاقة، مع اقتراب فصل الشتاء.
أمن الإمدادات.. واستبعاد السقف السعري للغاز
من جانبها، كشفت المفوضية الأوروبية الثلاثاء 18 أكتوبر/تشرين الأول 2022، حزمة إجراءات جديدة تستهدف التعامل مع أزمة الطاقة، وتراهن على تعزيز التضامن بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
في الوقت نفسه أحجمت المفوضية عن وضع سقف لأسعار الغاز في الوقت الراهن في ظل الخلافات السياسية والمخاوف بشأن أمن الإمدادات في دول الاتحاد.
وأشارت وكالة بلومبرج للأنباء إلى أن المفوضية اقترحت اليوم إجراءات تستهدف تجنب زيادات حادة في أسعار مشتقات الطاقة والاستفادة من القدرة الشرائية المشتركة للاتحاد الأوروبي في المفاوضات مع موردي الغاز الطبيعي العالميين.
كما تسعى المفوضية وهي الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي إلى إطلاق مؤشر جديد لأسعار الغاز الطبيعي المسال ليعكس بصورة أفضل الوضع الحقيقي للطاقة في المنطقة بعد توقف إمدادات الغاز الروسي بنسبة كبيرة.
وقالت أورسولا فون دير لين رئيسة المفوضية الأوروبية "نعرف أننا نكون أقوى عندما نتصرف بطريقة جماعية... من المنطقي أنه بدلا من أن تزايد على بعضها، يتعين على شركات الطاقة (الأوروبية) الاستفادة من قدرتها الشرائية المشتركة".
وسيناقش قادة دول الاتحاد الأوروبي هذه الإجراءات خلال قمتهم المقررة يومي 20 و21 أكتوبر/تشرين الأول الحالي، حيث يحاولون تخفيف حدة آثار أزمة الطاقة الناجمة عن خفض أو وقف إمدادات الغاز الطبيعي الروسية التي كانت تشكل نحو نصف الإمدادات في السوق الأوروبية قبل بدء الحرب الروسية في أوكرانيا في أواخر فبراير/شباط الماضي.
ترشيد الطاقة في إسبانيا.. لشتاء مستقر
أما في إسبانيا، اجتمع وزير التعليم العالي والجامعات، جوان سوبيراتس، ووزيرة التحول البيئي والطاقة والتحدي الديموغرافي، تيريسا ريبيرا، برؤساء الجامعات لبحث وضع خطة ترشيد الطاقة خلال فصل الشتاء في الجامعات الإسبانية.
وقال سوبيراتس بمناسبة انعقاد منتدى أوروبا، إن بعض الجامعات في فالنسيا كانت قد طرحت إمكانية فصل التدفئة أثناء فصل الشتاء بسبب ارتفاع تكلفة الطاقة، نتيجة للحرب في أوكرانيا. وأكد الوزير أنه تحدث مع ريبيرا لعقد اجتماع مع رؤساء الجامعات "لوضع خطة عن سبل تمكن الجامعات من التكيف مع هذه العملية الطارئة".
وأشار الوزير إلى أن الحكومة الإسبانية اتخذت تدابير في هذا الشأن منها إبقاء أجهزة التدفئة عند درجة حرارة 19 مئوية أثناء فصل الشتاء، وغيرها من التدابير الأخرى لتقليل تكلفة الطاقة، ولكنه أكد أيضا على ضرورة وضع خطة خاصة بالنسبة للجامعات.
ويرى المجلس الأعلى للجامعات أنه يجب زيادة موازنة الجامعات بنسبة تصل إلى 60% مقارنة بما أعلن عنه في بداية العام الدراسي الحالي، بسبب ارتفاع أسعار الطاقة. وتتحمل حكومات أقاليم الحكم الذاتي تكاليف الطاقة في الجامعات الحكومية، ويرى المجلس الأعلى أنه يتعين على كل جامعة اتخاذ التدابير التي تراها مناسبة بصورة منفردة لتوفير الطاقة حسب ظروفها.
اقتصاد ألمانيا.. إلى حقبة الحياد المناخي
وفي القوة الاقتصادية الأوروبية الأكبر، أعرب المستشار الألماني أولاف شولتس عن اعتقاده بأن السنوات المقبلة حاسمة للتحول إلى اقتصاد محايد مناخيا في ألمانيا.
وفي أعقاب اجتماع لـ "تحالف من أجل التحول" مع ممثلين لروابط اقتصادية ونقابات في ديوان المستشارية، قال السياسي الاشتراكي الثلاثاء 18أكتوبر/تشرين الأول الجاري إن الفترة حتى 2030 حاسمة.
وأشار شولتس إلى وجود الحاجة إلى عدة أمور من بينها زيادة القدرات الإنتاجية في قطاع الطاقات المتجددة والاقتصاد المستدام في ألمانيا وتوفير سلاسل توريد آمنة بالإضافة إلى تسريع وتيرة الإجراءات المتعلقة بالتخطيط والتصاريح.
وقال شولتس إن التركيز لن يكون منصبا على الإدارة الفعالة للأزمة بل على تشكيل التحالفات على المدى البعيد، وتابع :" نحن نعتزم تأمين الرخاء المستدام للمستقبل من خلال التشارك بين السياسة والاقتصاد والنقابات والعلوم والمجتمع المدني في التحالف".
وتسعى ألمانيا إلى الوصول إلى الحياد المناخي بحلول 2045 حيث من المنتظر أن تحقق عندئذ توازنا بين انبعاثات غازات الاحتباس الحراري والقضاء عليها، وسيتعين عندئذ إعادة هيكلة العمليات الإنتاجية لتحقيق هذا الهدف.
من جانبها، أكدت رئيسة الرابطة الاتحادية لشركات الطاقة والمياه، ماري-لويزه فولف عدم حدوث تغيير على الهدف الخاص بتحقيق الحياد المناخي بحلول 2045.
وقال كاي نيبرت رئيس اتحاد حلقة حماية الطبيعة الألماني (الذي يضم منظمات حماية البيئة والطبيعة والحيوان في ألمانيا):" ما نحتاجه الآن هو تحول زمني في توسيع نطاق مصادر الطاقة المتجددة" مشددا على ضرورة توفير حملة استثمارات في هذا المجال.
المفاعلات النووية.. حل ألماني نحو شتاء دافء
فيما جاء في خطاب موجه إلى وزير الاقتصاد روبرت هابيك ووزيرة البيئة شتيفي ليمكه (كلاهما من حزب الخضر) ووزير المالية كريستيان ليندنر (رئيس الحزب الديمقراطي الحر) أنه "سيتم وضع الأساس القانوني لإتاحة تشغيل المفاعلات إيزار2 ونيكارسفستهايم 2 وكذلك امسلاند إلى ما بعد 31 كانون الأول/ديسمبر المقبل حتى الخامس عشر من نيسان/أبريل المقبل على أقصى تقدير".
وكانت ألمانيا شهدت على مدار أيام خلافا ولاسيما بين حزب الخضر والحزب الديمقراطي الحر حول ما إذا كان ينبغي تمديد عمل المفاعلات الثلاثة ولأي مدة.
وكان الخضر قرروا في مؤتمرهم الاتحادي الذي انعقد اليومين الماضيين دعم تمديد عمل مفاعلي ايزار2 ونيكارفستهايم 2 حتى منتصف نيسان/أبريل المقبل.
كان الحزب الديمقراطي الحر يريد الإبقاء أيضا على المفاعل امسلاند متصلا بالشبكة وتمديد عمل المفاعلات الثلاثة جميعها حتى عام 2024 وإعادة تفعيل مفاعلات خرجت بالفعل في حال دعت الضرورة.
وواصل شولتس في الخطاب قائلا إن من المنتظر "بالتوازي مع هذا القرار" طرح قانون طموح لزيادة كفاءة الطاقة، وطالب بـ " التنفيذ التشريعي" للاتفاق السياسي بين وزارة الاقتصاد الاتحادية ووزارة اقتصاد ولاية شمال الراين ويستفاليا من ناحية وبين شركة "آر دبليو إي" للطاقة من ناحية أخرى بشأن التخلي عن استخراج الفحم في حوض التعدين الواقع على نهر الراين.
وينص الاتفاق على بنود من بينها تمديد عمل محطتي طاقة تعمل بالفحم البني حتى 2024 مع تبكير التخلي عن استخراج الفحم في حوض التعدين بمقدار ثمانية أعوام ليصبح في عام 2030.
من جانبه، رحب وزير المالية ليندنر بقرار شولتس قائلا:" من المصلحة الحيوية لبلادنا ولاقتصادنا أن نبقي على كل هذه القدرات لإنتاج الطاقة في هذا الشتاء، لقد أجلى المستشار الأمور الآن".
وياتي القرار بتشغيل المفاعلات النووية الثلاثة لتفادي أزمة طاقة حادة بعد وقف روسيا توريد الغاز إلى ألمانيا، ودول أخرى .