أوروبا تختنق عطشا.. نصف القارة يواجه أقسى موجات الجفاف
تعيش القارة الأوروبية واحدة من أقسى موجات الجفاف في تاريخها الحديث، وسط تحذيرات متصاعدة من انهيار منظومات الزراعة والطاقة والمياه في عدد من دولها.
كشف المرصد الأوروبي للجفاف (EDO) عن تأثر نحو 52% من أراضي أوروبا وحوض البحر المتوسط بأوضاع جفاف حادة خلال يوليو 2025، وهي أعلى نسبة تُسجل منذ بدء رصد الظاهرة عام 2012، متجاوزة متوسط السنوات الماضية بنحو 21%.
ويعتمد المرصد على المؤشر المركب للجفاف (CDI) الذي يقيس الظاهرة وفق ثلاثة معايير رئيسية: كمية الأمطار، ورطوبة التربة، وحالة الغطاء النباتي. وأظهرت النتائج أن أوروبا الشرقية ودول البلقان هي الأكثر تضررًا، إذ وصلت الأراضي المصنفة ضمن "الإنذار الحاد" إلى نسب قياسية، بينما تقترب النسبة في كوسوفو وحدها من 100%، بحسب ما نقلته صحيفة لابانجورديا الإسبانية.
تداعيات هذه الكارثة البيئية لا تتوقف عند حدود الجغرافيا، إذ أسفرت موجات الحر المتكررة وقلة الأمطار عن تراجع خطير في إنتاج المحاصيل الزراعية، وانخفاض القدرة الإنتاجية للطاقة الكهرومائية، إلى جانب ارتفاع غير مسبوق في معدلات حرائق الغابات، ما جعل الأمنين الغذائي والمائي مهددين في معظم أنحاء القارة.

المفوضية الأوروبية أعربت عن قلقها من تسارع وتيرة الظواهر المناخية المتطرفة بفعل تغير المناخ، داعيةً الدول الأعضاء إلى تعزيز التنسيق المشترك واستراتيجيات إدارة الموارد المائية بشكل عاجل. كما حذرت تقارير بيئية من أن استمرار موجات الحر حتى الخريف سيؤدي إلى تفاقم الأزمة، خاصة في مناطق جنوب وشرق أوروبا التي تعاني أصلًا من هشاشة البنية التحتية المائية.
ويرى خبراء المناخ أن أوروبا تدخل الآن مرحلة التكيف القسري مع الجفاف، وأن الحل لن يكون إلا عبر إعادة هيكلة شاملة لسياسات الزراعة والري، والاعتماد على التكنولوجيا المائية الحديثة، مع الاستثمار في بدائل مستدامة للطاقة والمياه لضمان بقاء التوازن البيئي والاقتصادي مستقبلاً.