تحقيقات ومداهمات وحل مؤسسات.. أوروبا تترجم مخاوفها من خطر الإخوان

ترجمت دول أوروبية مخاوفها من تأثير التمدد الإخواني على قيم الديمقراطية، عبر سلسلة إجراءات أكثر صرامة، بينها حل مؤسسات تتبع الجماعة.
وتشهد أوروبا في الآونة الأخيرة موجة غير مسبوقة من الإجراءات السياسية والقضائية تستهدف منظمات مرتبطة بتنظيم الإخوان المسلمين، فمن فرنسا إلى بلجيكا، تتسارع الخطوات الرسمية نحو تفكيك المؤسسات التي يُشتبه في تبنيها خطابًا أيديولوجيًا يندرج ضمن ما يعرف بـ"الإسلام السياسي"، وسط تحذيرات أمنية متصاعدة من خطر تغلغل هذه الكيانات في النسيج الاجتماعي والمؤسسات العامة.
وبحسب تقارير إعلامية وأمنية، فإن هذه الإجراءات لم تعد مجرد دعوات سياسية، بل تحولت إلى مسار عملي يشمل مداهمات، وتحقيقات قضائية، وحل مؤسسات تعليمية ودينية، ما يعكس تبني القارة العجوز، ولا سيما فرنسا وبلجيكا، نهجًا أكثر صرامة في التعامل مع الظاهرة الإخوانية.
وقال موقع "بروكسل دو في" الإخباري البلجيكي إن المجلس الأوروبي للدراسات الإسلامية، بعد الكشف عن صلاته بتنظيم الإخوان، بات تحت ضغط سياسي وقضائي.
وأضاف الموقع البلجيكي أنه "في 3 سبتمبر/أيلول الجاري، تم وضع مسؤولين من المجلس تحت الحجز الاحتياطي لمدة 24 ساعة ثم تحت الرقابة القضائية"، موضحًا أنه من المقرر أن يمثلوا أمام المحكمة الجنائية في مارس/آذار 2026.
وتابع: "تزامن هذا الإجراء القضائي مع إعلان حل المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية، وهو معهد لتكوين الأئمة مقره في فرنسا". هذا الحل جاء ضمن استراتيجية أوسع لتفكيك المؤسسات الإخوانية في أوروبا.
فرنسا
منذ عام 2021، بدأت أصوات سياسية في فرنسا وبلجيكا تدعو إلى حل منظمات تبث خطابًا سياسيًا متشددًا، ومنصات مرتبطة بما يعرف بـ"الإسلام السياسي".
ومع مرور الوقت، تحولت هذه الدعوات إلى إجراءات عملية، ففي مايو/أيار الماضي، نُفذت مداهمات في فرنسا استهدفت أعضاء من جمعيات إخوانية، أعقبها استدعاءات قضائية جديدة في يوليو/تموز المنصرم تزامنت مع النقاشات البرلمانية حول مشاريع قوانين تتعلق بـ"مكافحة التغلغل الإسلامي".
وفي سبتمبر/أيلول الجاري، أُوقف مسؤولون ووُضعوا تحت المراقبة القضائية بانتظار محاكمات.
ورأى مراقبون في هذه التطورات جزءًا من استراتيجية أوسع تهدف إلى إعادة تشكيل المشهد الديني الإسلامي في أوروبا عبر التضييق على المؤسسات القائمة بعد ثبوت انتمائها لتنظيم الإخوان.
بلجيكا
في بلجيكا، تبنت أجهزة الأمن خطابًا مشابهًا لنظيراتها الفرنسية، إذ صنفت تقارير رسمية بعض الجمعيات الإسلامية بوصفها "مجموعات ضغط ذات توجه إخواني"، معتبرة أن نشاطها يحمل خطرًا على المؤسسات العامة.
ويُنظَر إلى هذه اللغة باعتبارها مؤشرًا على انتقال النموذج الفرنسي في التعامل مع هذه القضايا إلى الساحة البلجيكية.
من جهتها، أشارت صحيفة "لوفيف" البلجيكية، إلى التقرير الصادر عن جهاز أمن الدولة البلجيكي (SGRS) في نهاية شهر أبريل/نيسان، الذي كشف أن "التجمع من أجل الإدماج ومناهضة الإسلاموفوبيا في بلجيكا (CIIB)" يُعتبر "مجموعة ضغط ذات توجه إخواني".
وبحسب ما أوردته صحيفة La Dernière Heure البلجيكية التي تمكنت من الاطلاع على الوثيقة، فإن التقرير يؤكد وجود صلة وثيقة بين هذا الكيان وجماعة الإخوان.
وأضافت أن هذا التقرير السري أعدته وحدة PFCECT، وهي الوحدة المشتركة لمكافحة التطرف والإرهاب التابعة لكل من جهاز الاستخبارات والأمن العام (SGRS) وجهاز أمن الدولة البلجيكي (VSSE).
وجاء في التقرير أن "التجمع من أجل الإدماج ومناهضة الإسلاموفوبيا في بلجيكا (CIIB)" مرتبط بجماعة الإخوان "بسبب خلفيات تاريخية، والدعم الذي يحصل عليه بين الحين والآخر، والسردية التي يروج لها".
وبحسب أجهزة الاستخبارات البلجيكية، فإن CIIB "ينشر خطابًا مستوحى من الإخوان، يقوم على ترسيخ فكرة وجود عداء متأصل لدى المجتمعات والدول الأوروبية تجاه الإسلام والمسلمين".