غزة تحرك أوروبا ضد إسرائيل.. وخبراء لـ«العين الإخبارية»: نقطة تحول فارقة

تسارعت وتيرة الغضب الأوروبي تجاه الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، ما شكّل، في تقدير خبراء أوروبيين، نقطة تحول فارقة.
وكانت فرنسا والمملكة المتحدة وكندا قد أصدرت بيانًا مشتركًا يهدد باتخاذ "إجراءات ملموسة" ضد إسرائيل بسبب عملياتها العسكرية في غزة، وسرعان ما بدأت الإجراءات الأوروبية تترجم الغضب البادي في البيان عبر تعليق بريطاني لمحادثات التجارة، وعقوبات على مستوطنين، واستدعاءات دبلوماسية.
ووفق خبراء لـ«العين الإخبارية» فإن باريس، بقيادة إيمانويل ماكرون، لم تكتفِ هذه المرة بالإدانة اللفظية، بل وضعت على الطاولة تهديدات بـ"إجراءات ملموسة" قد تشمل مراجعة اتفاقات الشراكة مع إسرائيل، ما يفتح الباب أمام احتمال فرض عقوبات سياسية أو اقتصادية في حال استمرار ما وصفوه بـ"الأفعال الفاضحة" في غزة.
تحول أوروبي
وعلق الدكتور جان بيير لوران، الباحث في مركز الدراسات الدولية بباريس، قائلًا لـ«العين الإخبارية»، إن "البيان المشترك يعكس تحولًا في الموقف الأوروبي، حيث لم تعد الدول الكبرى تكتفي بالتعبير عن القلق، بل بدأت في التلويح باتخاذ إجراءات ملموسة ضد إسرائيل".
لوران أشار إلى أن هذا البيان قد يشمل فرض عقوبات على مسؤولين إسرائيليين بارزين، وهو ما قد يؤدي إلى توتر العلاقات بين تل أبيب وأوروبا.
وأضاف: "لقد شكّل هذا البيان نقطة تحول"، معتبرًا أن إدانة ثلاثة من أقوى شركاء إسرائيل الاستراتيجيين في آنٍ واحد، وتهديدهم بعقوبات محتملة، يعكس عمق الاستياء الأوروبي.
كما رأى أن الخطوات التالية قد تشمل فرض قيود على تصدير السلاح، ومراجعة الامتيازات الجمركية، وربما تعليق برامج التعاون الأمنية، إذا لم تطرأ تغييرات سريعة على أرض الواقع.
من جانبها، قالت الدكتورة ماري كلير دوبوا، أستاذة العلاقات الدولية في جامعة السوربون، لـ«العين الإخبارية»، إن "تصريحات القادة الأوروبيين تشير إلى أن هناك إدراكًا متزايدًا لضرورة اتخاذ موقف حازم تجاه الانتهاكات في غزة".
وأشارت إلى أنه إذا استمرت إسرائيل في سياساتها الحالية، فقد تواجه عزلة دولية متزايدة، خاصة إذا قررت دول الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات اقتصادية أو دبلوماسية.
كما رأت أن "تصاعد الخطاب الأوروبي من مجرد إدانة لفظية إلى توجيه تحذيرات علنية بفرض عقوبات هو مؤشر على أن الصبر الغربي قد نفد"، موضحة أنه في حال اختارت الحكومات الأوروبية الانسحاب من الاتفاقيات أو تقييد الشراكات، فإنها سترسل رسالة قوية إلى الإسرائيليين مفادها: ليس ثمة حصانة سياسية دائمة، مهما كان حجم التعاون الأمني أو الاقتصادي.
ويرى الخبراء أن هذا قد يؤدي إلى توتر العلاقات بين إسرائيل وأوروبا، وربما يدفع الاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات جديدة إذا استمرت العمليات العسكرية الإسرائيلية في القطاع.
وانضمت السويد إلى الترويكا الغربية، حيث قالت وزيرة الخارجية السويدية ماريا مالمر ستينرغارد، في بيان: "طالما أننا لا نرى تحسّنًا واضحًا في وضع المدنيين في غزة، فنحن بحاجة إلى تصعيد لهجتنا".
وأضافت: "لذلك، سنضغط الآن أيضًا من أجل أن يفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على وزراء إسرائيليين بعينهم".
وأوضحت أن العقوبات ستستهدف "وزراء يدفعون باتجاه سياسة استيطان غير قانونية ويعارضون بنشاط حل الدولتين في المستقبل"، مضيفة أن المسؤولين المستهدفين سيكونون موضوع نقاش داخل الاتحاد الأوروبي.
وفي بيان مشترك، أعرب قادة فرنسا والمملكة المتحدة وكندا عن إدانتهم الشديدة للأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة، واصفين أفعال إسرائيل بأنها قد تشكّل انتهاكًا للقانون الإنساني الدولي.
وانتقدوا إعلان الحكومة الإسرائيلية الأخير بالسماح بدخول كمية محدودة من المساعدات الغذائية إلى غزة، معتبرين ذلك غير كافٍ، وحثوا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على وقف العمليات العسكرية والسماح بوصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل.
جاء هذا البيان بعد دخول تسع شاحنات مساعدات إلى غزة عقب حصار دام عشرة أسابيع، والذي وصفته الأمم المتحدة بأنه غير كافٍ.
ويشير البيان المشترك والتهديدات باتخاذ "إجراءات ملموسة" إلى تصعيد في الموقف الأوروبي تجاه سياسات حكومة نتنياهو في غزة.
وذهبت بريطانيا أبعد قليلاً من حدود التلويح، حيث اتخذت إجراءات غير مسبوقة تجاه إسرائيل شملت تعليق محادثات التجارة، وعقوبات على مستوطنين، واستدعاء السفيرة، على خلفية التطورات الأخيرة والتصعيد العسكري في قطاع غزة.
وحملت القرارات البريطانية في طيّاتها رسائل سياسية واضحة، وإشارات إلى تصاعد الضغوط الغربية على الحكومة الإسرائيلية وتفتح مرحلة جديدة في العلاقات الثنائية.
وأمس الثلاثاء، قالت مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، إن الاتحاد الأوروبي سيطلق مراجعة لاتفاق الشراكة مع إسرائيل على ضوء المستجدات الأخيرة في قطاع غزة.
وردت عليها وزارة الخارجية الإسرائيلية في بيان نشره المتحدّث باسمها أورين مارمورشتاين على منصة إكس بقوله: "نحن نرفض تماما توجّه" مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس "الذي يعكس سوء فهم تامّا للواقع المعقّد الذي تواجهه إسرائيل (..) ويشجّع حماس على التمسّك بمواقفها".
وأعلن الجيش الإسرائيلي قبل أيام بدء عملية جديدة في غزة، وقال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إن إسرائيل ستسيطر على القطاع بأكمله.
ومنعت إسرائيل دخول الإمدادات الطبية والغذائية والوقود إلى غزة منذ بداية مارس/آذار، وسط تحذيرات أممية من مجاعة وشيكة.
ووفقًا لسلطات الصحة الفلسطينية، دمّرت الحرب البرية والجوية الإسرائيلية قطاع غزة وشرّدت جميع سكانه تقريبًا، البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، وأودت بحياة أكثر من 53 ألفًا.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMCA=
جزيرة ام اند امز