«ضربة القرن» في البورصة.. البنوك الأوروبية تسجل أفضل أداء منذ 1997

في وقت تتأرجح فيه الأسواق العالمية بين التباطؤ والتضخم، يشهد القطاع المصرفي الأوروبي نهضة مالية غير مسبوقة، دفعت بمؤشراته إلى مستويات لم تُسجل منذ أكثر من ربع قرن.
فما الذي يحدث في بورصة أوروبا؟ وهل هي طفرة مؤقتة أم تحوّل بنيوي في أداء المصارف الكبرى؟
أداء مذهل لم يسجل منذ القرن الماضي
ومنذ بداية العام وحتى نهاية يونيو/حزيران، ارتفع مؤشر STOXX 600 Banks، الذي يقيس أداء كبرى البنوك الأوروبية، بنسبة 29%، وهي أعلى نسبة نمو نصف سنوي منذ عام 1997. هذا الإنجاز يجعل القطاع المصرفي الأكثر ربحية في أوروبا خلال عام 2025، متفوقًا على كل القطاعات الصناعية والتكنولوجية الأخرى، بحسب صحفية "ليزيكو" الفرنسية.
بحسب خبراء الأسواق، فإن هذه الطفرة تشكل ما يمكن وصفه بـ"ضربة القرن"، لا سيما أن هذا الارتفاع جاء رغم التقلبات الجيوسياسية والتجارية، مثل الحرب التجارية المستمرة بين الولايات المتحدة وشركائها، والتي كان يُتوقع أن تُحدث اضطرابًا في الأسواق الأوروبية.
تجاوز "يوم التحرير المالي" دون خسائر
ووفقاً للصحيفة الفرنسية، فإنه حتى الصدمات الاقتصادية الناجمة عن الحرب التجارية التي أشعلها دونالد ترامب لم تُبطئ هذا الازدهار: فقد استطاعت البنوك الأوروبية استيعاب صدمة "يوم التحرير" في أبريل وتعويضها خلال أيام قليلة، ما يعكس مرونة النظام المصرفي وقدرته على التكيف مع الأزمات.
ما وراء هذا الصعود؟
وأشارت الصحيفة الاقتصادية الفرنسية إلى أن تحليل أداء المصارف الأوروبية يكشف عن عدة عوامل تقف وراء هذا النمو الاستثنائي: ارتفاع أسعار الفائدة في منطقة اليورو، ما عزز هوامش الربح من القروض، واستقرار القطاع العقاري نسبيًا، ما قلل من المخاطر المرتبطة بالرهون العقارية، وتحول البنوك إلى نماذج استثمار رقمية أكثر كفاءة، ما زاد من ربحيتها التشغيلية.
كذلك زيادة الثقة من المستثمرين الدوليين، في وقت تتراجع فيه أسهم البنوك الأمريكية بسبب السياسات النقدية المتشددة للاحتياطي الفيدرالي.
هل تستمر الطفرة؟
يقول محللون في بنك "Société Générale" إن القطاع المصرفي الأوروبي دخل مرحلة إعادة هيكلة ناجحة، و"إذا استمرت الاتجاهات الحالية في أسعار الفائدة ونمو الودائع، فإن المؤشرات مرشحة لتحقيق مستويات تاريخية جديدة قبل نهاية العام".
«بريكس» تتوافق على إصلاح صندوق النقد: تعديل التصويت وإنهاء رئاسة أوروبا
في المقابل، تحذر مؤسسات بحثية مثل "Deutsche Bank Research" من الافراط في التفاؤل، مشيرة إلى أن "أداء الأسواق المالية مرهون بتطورات الاقتصاد الكلي، وأسعار الطاقة، والسياسات النقدية الأوروبية".
وسواء كانت "ضربة القرن" مجرد فقاعة أو بداية لمرحلة ذهبية جديدة في تاريخ البنوك الأوروبية، فإن ما يحدث الآن يستحق المتابعة الدقيقة. فبعد سنوات من الضغط التنظيمي وأسعار الفائدة السلبية، يبدو أن المصارف الأوروبية أخيرًا وجدت نافذتها للعودة إلى الصدارة في الأسواق العالمية.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTY4IA== جزيرة ام اند امز