أسواق أوروبا تجتذب السندات السعودية من أمريكا بدعم "جاستا"
الأسواق الأوروبية مرشحة بقوة كوجهة بديلة لإصدار السعودية سندات دولارية جديدة بعيدا عن السوق الأمريكية ضمن التداعيات الأولية لقانون جاستا.
توقع مصرفيون أن تكون القرارات الاستثمارية الجديدة للسعودية في سوق الدين الأمريكية هي الأكثر تأثراً برفض مجلس الشيوخ والنواب الأمريكيين بأغلبية ساحقة استخدام الرئيس الأمريكي باراك أوباما حق الفيتو ضد قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب "جاستا".
ويتيح قانون جاستا للمحاكم الأمريكية للنظر في قضايا تتعلق بمطالبات ضد أي دولة ترتبط بعمل إرهابي، وهو ما يفسح الطريق أمام ذوي ضحايا أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 المطالبة بتعويضات من السعودية، بدعوى أن 15 عنصراً من منفذي الهجوم التابعين لتنظيم القاعدة كانوا سعوديين.
إلا أنه بحسب لجنة التحقيقات الأمريكية المستقلة التي حققت في الهجمات فإنه لا يوجد دليل على الإطلاق يثبت ضلوع الحكومة السعودية أو أي من مسؤوليها في تمويل الإرهاب.
من جانبه، قال محمود مصطفى الخبير المصرفي، إن السعودية توسعت في إصدار السندات بالدولار في السوق الأمريكية بغرض سد الفجوة التمويلية الدولارية بعد انخفاض سعر الدولار قبل أكثر من عامين، وفي ظل ردود الأفعال المبدئية من المملكة على القرار الأمريكي، فمن المتوقع أن تلجأ السعودية إلى بورصات أوروبية لبيع سنداتها بالعملات الأجنبية.
وتستعد المملكة لإصدار سندات سيادية دولية جديدة بقيمة 10مليارات دولار بهدف المساهمة في سد الفجوة التمويلية بين المصروفات والإيرادات بالعملات الأجنبية.
وأوضح الخبير المصرفي أن إصدار المحاكم الأمريكية أي أحكام تدين السعودية في أحداث 11 سبتمبر/ أيلول وتنفيذها سيستغرق عدة سنوات، وهو ما يعني أن ردود الأفعال الاقتصادية ستكون تصعيدية وليست دفعةً واحدة.
وأضاف أن السعودية تصنف ضمن أكثر 10 مستثمرين في الديون الأمريكية، لافتاً إلى أنه لن يكون هناك خطوة سريعة في عرض هذه السندات للبيع لأنها ستكبد المملكة خسائر في ظل ارتفاع قوة العرض، فضلاً عن أنها تؤمن عائدات مستقرة بالعملة الصعبة في الوقت الحالي الذي انخفضت فيها عائدات البترول.
وتمتلك المملكة سندات خزانة أميركية بقيمة 95.5 مليار دولار وفق أحدث بيانات أمريكية رسمية، هذا بخلاف حسابات وأصول أمريكية لا تتوافر بشأنها معلومات كافية معلنة.
ولكن اللافت للنظر أن استثمارات السعودية في السندات الأمريكية تراجعت، إذ كانت تبلغ 116.8 مليار دولار حتى مايو/أيار الماضي ولجأت السعودية لتسييل جزء منها لسد الفجوة التمويلية بالعملة الصعبة.
وقد نقلت قناة العربية تصريحات عن سلمان الدوسري رئيس تحرير صحيفة الشرق الأوسط في لندن بأن قانون "جاستا" يرهن تنفيذ أي حكم قضائي بموافقة السلطات التنفيذية، ما يعني أنه قد تكون ورقة ضغط في المستقبل.
كما أكد الدوسري أن القانون لا يمنح الحق للمحاكم التأديبية في تجميد الأصول المملوكة لمستثمرين أو جهات سيادية على الأراضي الأمريكية.
وهو الأمر الذي يعلق عليه الخبير المصرفي بأن الضرر الأكبر هو في الاستثمارات المستقبلية للدول العربية أو الناشئة بشكل عام في السوق الأمريكية، إذ يؤدي القانون إلى تآكل الثقة في قدرة التشريعات الأمريكية على حماية استثمارات الأجانب.
ويتفق ذلك مع رؤية وزير الخارجية السعودي عادل الجبير الذي أكد في مايو/أيار الماضي قبل إقرار القانون نهائياً، أن القانون المقترح قد يتسبب في تآكل ثقة المستثمرين وأن الرياض لا تهدد بسحب أموالها.
وقد نقلت صحيفة فاينانشيال تايمز عن مسؤولين مصرفيين بأن التداعيات الأولية للقانون قد تتمثل في سحب أي شخص أو مؤسسة ذات صلة بالحكومة السعودية أو العائلة المالكة أمواله من البنوك التي تتخذ الولايات المتحدة مقراً لها.
وأكد مصرفيون أنه إذا أمرت محكمة أمريكية بمصادرة أموال كتعويضات لضحايا هجمات 11 سبتمبر/أيلول، فإن التخارج سينطبق على جميع الشركات المسجلة في الولايات المتحدة.
ورأى مصطفى محمود الخبير المصرفي أنه من المرشح أن تتأثر العمليات التجارية المتبادلة ولكن لست بصورة كبيرة، حيث يمكن أن تلجأ المملكة إلى أسواق أخرى لتوفير بدائل عن بعض المنتجات الأمريكية التي بلغت قيمتها خلال العام 2015 نحو 23.9 مليار دولار مقابل صادرات سعودية للولايات المتحدة بقيمة 21.5 مليار دولار.
من جهة أخرى، قد يؤثر تطبيق قانون جاستا على ملامح خطة المملكة للانفتاح الاقتصادي فيما يتعلق بتمتع الشركات الأمريكية بمزايا أكبر في الاستثمارات المستقبلية بالمملكة، وذلك في ظل توجهها لإتاحة حرية أكبر للأجانب في الاستثمار بقطاعات متنوعة مثل تجميع السيارات والصناعات المعدنية.
وقد نقل الموقع الإلكتروني لصحيفة "الشرق" السعودية عن سعود الصويلح مدير مجلس الأعمال السعودي الأمريكي أن إجمالي الاستثمارات الأمريكية في المملكة تقدر بحوالي 30 مليار ريال من خلال وجود ما يقارب 350 شركة تستثمر في عدة مدن بالسعودية.
وقد تمتد التداعيات سلباً مستقبلاً على دور الشركات الأمريكية في الاستثمارات الكبيرة المتوقعة بقطاع الطاقة، إذ رصد تقرير للأوبك أن الشرق الأوسط من المتوقع أن يشهد بقيادة السعودية استثمار 900 مليار دولار في قطاع الطاقة بزيادة 19% عن الاستثمارات الحالية.
ويدعم هذه التكهنات صحيفة الفاينانيشال تايمز، التي أكدت أن أي قرار قضائية أمريكية ضد السعودية قد يؤدي إلى إعاقة الاستثمارات الأمريكية في السعودية، كما أنه قد يؤدي إلى بيع أصول تقدر قيمتها بمليارات الدولارات.