أوروبا تطارد ذئاب داعش المنفردة بحزمة قوانين
أوروبا تواجه منذ ظهور تنظيم داعش الإرهابي في عام 2014، تهديدا كبيرا، بعد انضمام أعداد كبيرة من المقاتلين الأجانب إلى صفوف داعش.
تواجه أوروبا منذ ظهور تنظيم داعش الإرهابي في عام 2014، تهديداً كبيراً من قبل أفراد التنظيم والمنتمين فكرياً له، خاصة بعد انضمام أعداد كبيرة من المقاتلين الأجانب إلى صفوف داعش، لترتفع وتيرة العمليات الإرهابية التي استهدفت أوروبا خلال العامين الماضيين بشكل حتم على أعضاء الاتحاد والبرلمان الأوروبي، اتخاذ إجراءات ومواقف واضحة نحو المقاتلين الدواعش "الذئاب المنفردة" التي نفذت عدة هجمات إرهابية خلال الأشهر الماضية.
قوانين جديدة.. تكتل أوروبي موحد
وخلص اجتماع البرلمان الأوروبي، الخميس الماضي، إلى قواعد وقوانين جديدة بشأن مواجهة التهديدات الإرهابية المتزايدة من قبل المقاتلين الأجانب، الذين انضموا في العامين الماضيين إلى تنظيم داعش بسوريا والعراق، وباحثي العودة إلى أوروبا من جديد.
وبعد موافقة 498 نائباً بالبرلمان الأوروبي، ورفض 114 آخر، وامتناع 29 نائباً عن التصويت بشأن قوانين جديدة لمواجهة خطر الذئاب المنفردة بأوروبا، أعلن البرلمان الموافقة على تكثيف الرقابة مباشرة على الحدود الخارجية بين الدول الأوروبية، والتركيز على حماية الأمن الداخلي لجميع دول الاتحاد، والالتزام بتنفيذ حزمة القوانين بشكل صارم تجاه المقاتلين الأجانب والعمليات الإرهابية بداخل دول البرلمان والاتحاد.
وضمن هذه القوانين، وضع قواعد واضحة في التعامل مع "الذئاب المنفردة" المقاتلين الأجانب في حالة عودتهم لبلادهم، ما يمكنهم من السيطرة على المقاتلين الجدد والتهديدات الناشئة، وتجريم جميع الأعمال التحضيرية للعمليات الإرهابية، مع تجريم السفر إلى الخارج والانضمام لتنظيمات إرهابية، وسن قوانين تعاقب على التحضير لهجمات أو المساعدة في التنفيذ والتخطيط لها، بالإضافة لتجريم التمويل والتدريب لهؤلاء العناصر، ومعاقبة الممولين والمسؤولين عن التدريب.
ووجه أيضاً البرلمان نظر النواب إلى ضرورة إصدار أحكام في صالح أسر الضحايا، لضمان وصول المساعدات الفورية عقب وقوع أي هجوم إرهابي، مع ضمان توفير الدعم والمساعدة المادية والطبية، وتسهيل التعرف على ذويهم من الضحايا، مع توفير الدعم النفسي والمشورة في الجانب القانوني.
ويعد ملف مكافحة الإرهاب ومواجهة الذئاب المنفردة، ملفاً رئيسياً أمام أعضاء البرلمان الأوروبي، حيث صوت أعضاء البرلمان الأوروبي في يوليو/ تموز 2016، على مشروع قانون يجرم التحضير لهجمات إرهابية في جميع دول الاتحاد.
أعداد المقاتلين الأجانب بصفوف داعش
وعقب ظهور داعش في العراق وسوريا، انضمت أعداد ومجموعات كبيرة من الأجانب إلى التنظيم، خاصة أن التنظيم الإرهابي استخدم لغة خطاب جاذبة للشباب في أوروبا، موجهاً خطاباته عبر مواقع التواصل الاجتماعي من "تليجرام"، "يوتيوب"، و"تويتر"، و"فيس بوك" الوسيلة الأسرع والأكثر استخداماً بين الشباب بشكل عام والأوروبيين بشكل خاص.
وقدرت إحصائية سابقة من قبل خبراء أجانب، أعداد المقاتلين الأجانب داخل صفوف داعش، ففي نهاية عام 2015، تحدثت الأبحاث والدراسات عن وجود 30 ألف مقاتل أجنبي داخل التنظيم، وفي الوقت نفسه رفض عدد من الخبراء تحديد أعداد المقاتلين الدواعش القادمين من أوروبا، مدللاً على ذلك بأن حجم التنظيم نفسه ليس بالكبير، إنما الترويج الإعلامي واستخدامه لوسائل التواصل الاجتماعي كطريقة للدعاية والتهويل من تعداد وقوة وخطورة داعش، هي التي رسخت هذه النظرية في أذهن البعض، فضلاً عن وجود مقاتلين عرب وشمال إفريقيا، ودول الاتحاد السوفيتي.
ليذكر أحد المسؤولين بالتنظيم الغربي المتحالف ضد داعش، أن عدد المقاتلين بصفوف داعش لا يتجاوز 23 ألف مقاتل، لتتباين الأرقام مع بيانات المخابرات الأمريكية التي أشارت فيها إلى وصول أعداد المقاتلين بداخل داعش إلى 10 آلاف مقاتل قبل فرض سيطرتهم على مدينتي الموصل العراقية والرقة السورية، حيث التواجد الأكبر لداعش.
الذئاب المنفردة.. سلاح التنظيم الخاسر
ومنذ عامين استهدف داعش مدن وعواصم عديدة بالقارة الأوروبية على رأسهم باريس، وبروكسل، وميونيخ، وبرلين، وأنقرة، وإسطنبول، وخلال الشهور القليلة الماضية ظهرت سمات جديدة لطبيعة العمليات الإرهابية، ونوعية الأسلحة المستخدمة، فضلاً عن وجود سمات جديدة لمنفذي الهجمات نفسها، حيث خرجت مجموعات "الذئاب المنفردة".
وفي تعريف هذا المصطلح، فـ"الذئاب المنفردة"، هي مجموعة من الأشخاص الذين يتحركون بشكل فردي تمامًا دون وجود تخطيط مسبق مع تنظيم، أو إعداد لهجمات إرهابية منظمة، وفي الغالب لا تتجاوز أعدادهم في العملية الواحدة الـ5 أشخاص.
وتتركز العمليات الإرهابية التي ينفذها الذئاب المنفردة، مهاجمة قطار أو محال تجاري، أو صالة سينما أو مسرح بسلاح ناري، أو سلاح حاد، أو زرع قنبلة بداخل المكان، أو الاستعانة بأشخاص آخرين داخل المؤسسات الحكومية والأماكن الأكثر تاميناً وحراسة للمعاونة في تنفيذ العملية الإرهابية.
ولكن هناك سؤال يطرح نفسه، ما هو علاقة الذئاب المنفردة بالتنظيمات الإرهابية وعلى رأسهم داعش؟
يعد داعش والجماعات الإرهابية المنظمة بالنسبة لـهؤلاء الأشخاص، النموذج والمصدر الأول للتعرف على الأفكار المتطرفة، وطبيعة ونوعية العمليات الإرهابية التي تنفذ، وبعد وقوع الحوادث الإرهابية، يصبح هناك سيناريوهان، الأول أن تتبنى داعش الهجمات المنفردة، مثل إعلانه تبني هجمات أورلاندو بالولايات المتحدة الأمريكية، وهجوم قطار ميونيخ بألمانيا، والثاني أن يعلن منفذ العملية انضمامه وولائه لتنظيم داعش، ففي كلتا الحالتين تصبح هناك علاقة وثيقة بين الذئاب المنفردة وتنظيم داعش.
وفي الفترة الأخيرة، وبعد تلقي داعش ضربات متتالية على أرض الواقع، وبعد طردها من مدن تكريت، سنجار، الرمادين الفلوجة، القيارة، الشرقاط، والجزء الشرقي من الموصل بالعراق، وخسارة مدن كوباني، تل أبيض، منبج، جرابلس، دابق، الحدود السورية التركية، و26 قرية من الرقة في سوريا، وحصار بعض الدول الأوروبية للتنظيم عبر الفضاء الإلكتروني، لجأ التنظيم الخاسر إلى الذئاب المنفردة كسلاح لتعويض الخسائر البشرية في صفوف مقاتليه، ووسيلة لتنفيذ عمليات إرهابية كمحاولات بائسة لاستعادة صورتهم.
الذئاب المنفردة.. خطر يهدد أوروبا
وتشكل هذه المجموعات غير المنظمة، خطراً كبيراً يهدد أوروبا، وأرجعت عدة صحف أجنبية في تقرير سابقة، خطورة هؤلاء الأشخاص إلى افتقادهم التخطيط المسبق، ما يجعل الأمر صعباً توقعه ومتابعته من قبل الأجهزة الاستخبارية والأمنية في هذه الدول، بالإضافة إلى أن التحرك بشكل فردي داخل محال تجاري أو سوق أو قطار، لا يلفت أنظار الأمن.
والآن وفي ظل تراجع داعش بسوريا والعراق، واستمرار معركتي الموصل والرقة، المعاقل الرئيسية لهذا التنظيم، تدور التكهنات حول مصير الدواعش والمقاتلين الأجانب القادمين في الأصل من أوروبا، وتوقعت صحيفة "الجارديان" البريطانية في تقرير نشرته مباشرة عقب بدء معركة الموصل في 17 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أن مصيرهم ينحصر بين الفرار إلى المدن المجاورة لهم، أو العودة إلى أوطانهم الأولى، ما يشكل خطراً جديداً على أوروبا.
aXA6IDMuMjMuMTAxLjYwIA== جزيرة ام اند امز