توقعات "جنونية" لأسعار النفط.. 180 دولارا لخام برنت بنهاية العام
لأين تصل أسعار النفط؟.. توقعات حديثة لمسؤولين تشير إلى إمكانية وصول سعر خام "برنت" إلى 175 و180 دولارًا للبرميل بنهاية العام الحالي.
إذا كانت سوق المال في وول ستريت تضج حاليا بالحديث عن الركود الاقتصادي المحتمل في العام المقبل، فالقصة مختلفة في سوق الطاقة.
فأغلب التجار وصناع السياسة والمحللون يتوقعون نمو الطلب على الطاقة بقوة خلال العام المقبل، في حين لن تنمو الإمدادات بنفس الوتيرة.
وفي الجلسات المغلقة، يتحدث المسؤولون الغربيون بقلق عن احتمال وصول سعر خام برنت القياسي للنفط العالمي إلى 150 دولارا للبرميل خلال فترة قصيرة، مقابل نحو 120 دولارا للبرميل حاليا.
في حين يتحدث البعض عن وصول السعر إلى 175 و180 دولارا للبرميل بنهاية العام الحالي، نتيجة تعافي الطلب بعد انحسار جائحة فيروس كورونا المستجد، والعقوبات الأوروبية على روسيا.
ويقول المحلل الاقتصادي، خافيير بلاس، في تحليل نشرته وكالة بلومبرج للأنباء، إنه في حين تتصاعد المخاوف من ارتفاع أسعار النفط خلال الصيف الحالي، هناك عاصفة أخرى تتكون في الأفق، وهي أن صدمة أسعار النفط المرتفعة لن تنتهي بنهاية العام الحالي. فالأغلب استمرار الصدمة خلال العام المقبل.
وستعلن وكالة الطاقة الدولية يوم الأربعاء المقبل أول توقعاتها للعرض والطلب في سوق النفط العالمية في العام المقبل، إيذانا ببدء تركيز المستثمرين على العام التالي. وبالفعل بدأ التجار يتعاملون على عقود خام برنت تسليم العام المقبل، وهو ما أدى إلى ارتفاع سعر عقود تسليم ديسمبر/كانون الأول 2023 إلى 100 دولار للبرميل وهي إشارة واضحة إلى توقع استمرار نقص الإمدادات في السوق.
وفي حين ينتظر الجميع توقعات وكالة الطاقة الدولية، بدأت بالفعل شركات تجارة السلع والمواد الخام وشركات النفط والدول الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للبترو "أوبك" والدول الغربية المستهلكة للنفط تنشر توقعاتها للعام المقبل. وهناك اتفاق على أن الطلب العالمي سيزيد خلال العام المقبل بما بين مليون و2.5 مليون برميل يوميا.
ومن المحتمل أن يزيد الطلب خلال العام الحالي بنحو 1.8 مليون برميل يوميا بحسب وكالة الطاقة الدولية. والمعروف أن أي زيادة في الطلب بأكثر من مليون برميل يوميا تعتبر كبيرة.
وفي المقابل، لم يتحسن كثيرا جانب العرض أو الإمدادات. فالمتعاملون في السوق يتوقعون في أفضل الأحوال استمرار إنتاج روسيا عند مستواه الحالي البالغ حوالي 10 ملايين برميل يوميا، بانخفاض نسبته 10% تقريبا منذ غزوها أوكرانيا في أواخر شباط/فبراير الماضي.
وهناك محللون يتوقعون تراجع إنتاج روسيا خلال العام المقبل بما بين مليون ومليون ونصف برميل يوميا. في المقابل فإن الدول الأعضاء في تجمع أوبك بلس بدأت في العام الحالي زيادة إنتاجها وهو ما أدى إلى تلاشي فوائض الطاقة الإنتاجية لديها.
وقال محمد باركيندو الأمين العام لمنظمة أوبك في الأسبوع الماضي إنه باستثناء دولتين أو ثلاث، ليس لدى دول أوبك بلس فائضا في الطاقة الإنتاجية يتيح لها زيادة الإنتاج استجابة لنمو الطلب.
ويقول خافيير بلاس المحلل المتخصص في الاقتصاد الدولي إن النتيجة الأقوى احتمالا هو استمرار تراجع مخزونات النفط الخام في العالم للعام الثالث على التوالي، بعد تراجع مخزونات الخام والمكررات النفطية خلال الـ 18 شهرا الماضية.
ومنذ بداية العام الحالي سعت الحكومات الغربية إلى التخفيف من حدة نقص الإمدادات بضخ كميات من الاحتياطيات الاستراتيجية للخام في السوق. وبدون اتخاذ خطوات إضافية سينتهي ضخ الاحتياطيات في كانون الثاني/يناير الماضي وهو ما يعني اختفاء إحدى أهم وسائل تحقيق التوازن في السوق.
في الوقت نفسه، يعاني العالم من نقص الطاقات الإنتاجية لقطاع التكرير وهو ما يعني استمرار ارتفاع أسعار الوقود، بوتيرة أعلى من الزيادة في أسعار النفط، مقابل ارتفاع هامش أرباح شركات التكرير إلى جانب شركات إنتاج النفط الخام.
أسئلة كثيرة
وهناك الكثير من الأسئلة التي تحيط بتوقعات سوق النفط خلال العام المقبل وأغلبها يتعلق بتحركات الحكومات. فكل تحرك يستطيع أن يقلص الطلب بما يتراوح بين 1 و1.5 مليون برميل يوميا، وسيؤدي ذلك إلى خفض كبير في سعر الخام.
والسؤال الأكثر أهمية يتعلق بمدة بقاء العقوبات على روسيا. وتتعلق الأسئلة الأخرى بسياسة صفر إصابات فيروس كورونا المستجد في الصين، والعقوبات الغربية على إيران وفنزويلا وأخيرا استخدام احتياطيات النفط الخام لدى الدول العربية.
ورغم أن الحديث عن صدمة أسعار النفط يدور غالبا حول ارتفاع هذه الأسعار، هناك أيضا نقطة مهمة تتعلق بفترة بقاء هذه الأسعار المرتفعة.
فأزمة أسعار النفط السابقة كانت قصيرة نسبيا، في أواخر 2007 وأوائل 2008، عندما وصل السعر إلى 120 دولارا للبرميل في مايو/أيار 2008 ثم وصل الذروة في يوليو/تموز 2008 عندما سجل 147.5 دولار للبرميل.
ولكن في أوائل سبتمبر/أيلول من العام نفسه تراجع السعر إلى 100 دولار للبرميل وفي ديسمبر/كانون الأول من نفس العام تراجع السعر إلى 40 دولارا للبرميل.
وجاء سيناريو ارتفاع الأسعار خلال 2021/2022 نسخة كربونية من ارتفاع الأسعار في 2007/2008. لكن لا توجد مؤشرات على أن الأسعار ستنخفض كما حدث قبل 14 عاما. فالمؤشرات تقول إن الأسعار لن تظل عند مستوياتها العالية الراهنة حتى نهاية العام الحالي وتستمر في العام المقبل، وإنما أيضا سترتفع إلى مستويات أعلى.
أخيرا، يقول خافير بلاس إن متوسط سعر خام برنت للعام الحالي يبلغ 103 دولارات في حين كان المتوسط عام 2008 حوالي 95.5 دولار للبرميل.
وقد ترتفع الأسعار بصورة أكبر خلال الأشهر الستة المقبلة. ليس هذا فحسب بل أنه لا يوجد ما يشير إلى نهاية قريبة لمسيرة الارتفاع.
أوبك تتوقع تباطؤ نمو الطلب
ونقلت وكالة رويترز عن مندوبون من أوبك ومصادر من قطاع النفط قولهم: إن نمو الطلب العالمي على النفط سيتباطأ في 2023 مع ارتفاع أسعار الخام والوقود الذي يدفع التضخم للصعود ويتسبب في تباطؤ الاقتصاد العالمي.
وانتعش استخدام الوقود بعد انخفاضه بسبب جائحة فيروس كورونا في 2020 وفي طريقه لتجاوز مستويات 2019 في العام الحالي حتى مع ارتفاع الأسعار لمستويات قياسية. لكن الأسعار المرتفعة قوضت توقعات النمو لعام 2022 وغذت التوقعات بتباطؤ النمو في 2023.
ومن المتوقع أن تصدر منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) أول توقعات للطلب في 2023 في يوليو/تموز. ويجري ترقب توقعاتها وكذلك توقعات وكالة الطاقة الدولية ومقرها باريس بحثا عن مؤشرات عن الاتجاه الذي ستتخذه سياسات أوبك.
aXA6IDE4LjExNi44MS4yNTUg جزيرة ام اند امز