خبراء صينيون: السياسة تعقد مهمة البحث عن أصل كورونا
يعد البحث عن مصدر تفشي فيروس كورونا المستجد الذي يجتاح العالم، مهمة بالغة الصعوبة والتعقيد بالنظر لكونها عرضة لكثير من الشكوك.
لكن خبراء يرون أن هناك أمرا مؤكدا وهو أنه يجب أن يكون البحث مدعومًا بالأدلة العلمية، وليس التكهنات المدفوعة سياسيا، بحسب صحيفة "تشاينا ديلي" الصينية.
وقالت سو جينغ جينغ، الأستاذ بكلية العلوم الإنسانية الصحية بجامعة بكين، إنه : "ما أن يتفشى مرض معد، فإن أحد الأسئلة الأولى التي يطرحها العلماء والناس هي: من أين أتى؟"
وأضافت سو: "إن تعقب أصل الفيروس، وفهم كيفية انتقاله بين البشر وانتشاره، سيمكن خبراء الصحة العامة والطب من التعامل بشكل أفضل مع المرض ومنع حالات تفشي بالمستقبل".
ومع ذلك، أكدت سو أن تعقب مصدر الفيروس يتطلب الكثير من التحقيقات الميدانية، والاختبارات المعملية، و"قدر كبير من الحظ".
وعلى سبيل المثال، أوضحت أن العلماء استغرقوا نحو عقدين من الزمان للتوصل إلى استنتاج أولي بشأن من يكون المريض صفر (أول حالة مصابة بوباء) نقص المناعة/الإيدز، لكن لا يزال السؤال شائكا حتى يومنا هذا.
وبالمثل، لا يزال العلماء في حيرة من أمرهم بشأن منشأ فيروس الإيبولا، الذي ظهر أول مرة في السبعينيات، وكذلك فيروس الإنفلونزا الذي أصاب البشرية على مدار أكثر من قرن، بحسب سو.
ومن جانبه، قال تشاو قوبينج، العالم المتخصص بالأحياء الجزيئية والأكاديمية بالأكاديمية الصينية للعلوم، إن البحث عن مصدر فيروس يجب أن يستند إلى أدلة واضحة ودامغة، لكن تطرح عملية الجمع والتحليل عدة تحديات.
وأضاف أن أحد أنواع الأدلة يأتي من مجال علم الأمراض، والطب السريري، وعلم الأوبئة، وهو ما يعكس مواقف حقيقية، لكن قد يكون غير دقيق بسبب التدخل البشري.
أما النوع الآخر من الأدلة سيستلزم نتائج التسلسل الجيني أو اختبارات الأجسام المضادة، بحسب تشاو، مشيرًا إلى أنها أكثر تحديدًا لكن من الصعب "إثبات صلاتها" بالأدلة الأخرى.
وأوضح خلال حوار مع "ساينس أند تكنولوجي ديلي"، أن "مهمة تعقب الأصل تحتوي على عدة عوامل لا يمكن السيطرة عليها. وقد تضيع بعض المعلومات الرئيسية للأبد، وهو ما يعني أنه سيكون من المستحيل بالنسبة لنا بناء سلسلة كاملة من الأدلة."
وتابع: "أحيانا، قد لا نتمكن من الوصول إلى حقيقة الأمر حتى بعد فترات طويلة من البحث، ويمكننا فقط عمل استنتاجات بناء على المعلومات المتاحة."
وبالنسبة لـ"سارس – كوف-2"؛ الفيروس المسبب لمرض "كوفيد-19"، كانت هناك عقبات هائلة أمام العلماء الذين يحاولون التوصل لمصدره.
وقال ليو بيبيه، عالم الفيروسات بالمركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها، في إحاطة سابقة، إن المريض صفر في حالة مرض "كوفيد-19"، بالإضافة إلى الأمراض الأخرى، ربما كان بلا أعراض، وبالتالي لم يترك وراءه أي سجل طبي.
وطلب من الباحثين العالميين البحث بشكل استباقي عن الحالات المبكرة حول العالم.
وفيما يتعلق بالتسلسل الجيني، يتمثل الإنجاز المعترف به على نطاق واسع في اكتشاف "RaTG13"، وهو فيروس كورونا الموجود بخفافيش حدوة الحصان والتي يتطابق تركيبها الوراثي بنسبة 96% مع تركيب "سارس-كوف-2".
لكن وفقا لتقرير بعثة تتبع مصدر المرض، التي نظمتها منظمة الصحة العالمية، وتكونت من خبراء صينيين وخبراء من المنظمة، فإن فيروس كورونا الموجود بالخفافيش وآكل النمل الحرشفي ليست متشابهة بشكل كافي لتعتبر مصدر الفيروس.
وحذر الخبراء من أن إضفاء الطابع السياسي على مصدر الفيروس سيضيف مزيد من الصعوبات على مهمة شاقة بالفعل.
وأكدت الأستاذ بكلية العلوم الإنسانية الصحية بجامعة بكين، أن التوصل لأصل فيروس يجب أن يستند على العلم والمنطق والتفكير العقلاني، مشددة على ضرورة أن يكون العلماء هم من يقودون العمل وليس الساسة أو الوكالات الاستخباراتية.