الدول الأوروبية وغيرها من دول الغرب تصنف بعض الجماعات كجماعات إرهابية ومتطرفة ليس لأنها مرتبطة بالإسلام بأي شكل من الاشكال
آفة ليست بالجديدة تتواصل الجهود لرفضها وتستمر معها معركة الوجود معركة لمواجهة تلك الآفة والقضاء عليها، لأنها تستهدف المجتمعات بكامل أطيافها وتستهدف الدول على اختلافها وتنوعها، آفة كالخلية السرطانية التي تنشط في الجسم وتسعى لهلاكه في مقابل بقائها فالمعركة، هي معركة وجود بغض النظر عن النتيجة الحتمية التي ستؤول إليها الأمور بتدمير وهلاك الجسم المضيف.
لا يخفى على أحد أن تلك الآفة هي التطرف الفكري الذي يمهد الطريق للإرهاب، فالإرهاب نتيجة لتطرف الفكر الذي قد يكون نابعا من دوافع ومحفزات سياسية ،اجتماعية، عرقية أو دينية، وإن تمعنا في تلك المحفزات أو الدوافع التي تعتبر مغذيا رئيسيا للتطرف الفكري الذي تكون نتيجته الحتمية الأعمال الإرهابية التي يتمثل أغلب ضحاياها في الأبرياء والمدنيين والعزل، لوجدنا أن نتائج هذه الأعمال خدمة قضايا ومعتقدات بالتوازي مع المحفز أو البيئة المغذية بمعنى أن التطرف الذي يكون نابعا من محفز سياسي سيكون العمل الإرهابي الذي تم تنفيذه قد تم لخدمة الأجندة السياسية التي يحمل منفذ العمل الإرهابي في نفسه الولاء والانتماء لها، وينطبق هذا المبدأ على بقية الأنواع من المحفزات التي تطرقنا لها.
التطرف أو الإرهاب اقتصر تناولهما على الجانب الديني المقتصر على الإسلام فقط
فعلى الرغم من تنوع المحفزات وكثرتها إلا أننا نجد أن تلك الصورة الكاملة قد غابت عن البعض وغيبها البعض الآخر لغاية في نفسه فنجد أن التطرف أو الإرهاب اقتصر تناولهما على الجانب الديني المقتصر على الإسلام فقط، مما يقد يسبب انسياق الإطار العام والرؤية المستقبلية نحو ربط التطرف والإرهاب بالدين الإسلامي بينما التاريخ يعج بالكثير من الشواهد والدلالات التي تنفي هذا الأمر ومن تلك الأمثلة حرب الكاثوليك والبروتستانت التي استمرت ثلاثين عاما فعلى الرغم من اختلاف الرؤى حول الدافع الذي يراه البعض صراعا دينيا بينما يراه البعض الآخر صراعا دينيا تحول إلى صراع سياسي إلا أن الإسلام لم يكن طرف فيه وعلى الرغم أيضا من الطابع الديني للصراع المسيحي المسيحي، لم يضفي أحد على تلك الأعمال الإرهابية والمتطرفة التي كان يمارسها طرف على الآخر أي صبغة دينية، فلم نسمع عن المسيحية الراديكالية على غرار"الإسلام الراديكالي" كما أن النازية التي حاولت ابتلاع أوروبا لم تكن بدافع ديني مرتبط بالإسلام كما أن عمليات التطهير العرقي في شرق آسيا وأفريقيا إبان فترات الاحتلال والفترات اللاحقة كان قد صاحب ذلك تطهيرا عرقيا أو إبادة للسكان الأصليين لتنفيذ الأجندة السياسية للدول المحتلة تتمثل في السعي للسيطرة وإخضاع الدول كان ضحاياها أيضا من المسلمين.
على الرغم من الطابع الديني للصراع المسيحي المسيحي فإننا لم نسمع عن المسيحية الراديكالية على غرار "الإسلام الراديكالي"
كما أن الدول الأوروبية وغيرها من دول الغرب تصنف بعض الجماعات كجماعات إرهابية ومتطرفة ليس لأنها مرتبطة بالإسلام بأي شكل من الاشكال فحسب، بل لأنها تمارس التطرف والأعمال الإرهابية ضد الدول، ومصالحها توجد أينما وجدت تلك المنظمات، كما أنه لا يوجد بين أشهر المنظمات الإرهابية أي منظمة لها ارتباط بالدين الإسلامي كمنظمة بادر ماينهوف في المانيا، والألوية الحمراء في إيطاليا، ومنظمة النضال الثوري اليونانية، والجيش الجمهوري الإيرلندي ومنظمة اوم شينريكيو في اليابان، وجيش الشعب الجديد في الفلبين، ومنظمة الوطن والحرية الاسبانية "إيتا" ومنظمة كهانا تشاي اليهودية، كل هذه المنظمات على سبيل المثال لا الحصر، والشاهد من الأمر أن الإرهاب والتطرف ليسا مرتبطين بالدين في كل الأحوال، بل إن الأمثلة المرتبطة بالدين تكون مرتبطة بفهم خاطئ للدين أو تفسيرات أخذها معتنقوها على ذاك النحو لدعم أجندتهم بغطاء ديني، وأقرب مثال على ذلك تنظيم "الإخوان المسلمين" الذي مارس ولا يزال يمارس العنف والإرهاب بدافع سياسي تحت غطاء ديني، فمن غير المنطقي أن يكون الملام الإسلام بتعاليمه السمحة ورسائل التعايش والسلام وتقبل الآخر.
نستنتج مما سبق أنه ليس من الإنصاف ربط التطرف والإرهاب بالإسلام، فالدوافع والمحفزات كثيرة حتى من انضموا لتنظيم داعش الإرهابي، منهم من كان غير مسلم ومنهم من انضم للمتعة والمغامرة، وآخرون انضموا بحثا عن العائد المالي الذي كان يدفعه التنظيم المتطرف لأتباعه لتشجيع تجنيد الأتباع ومحاولة الحفاظ على بقائه.
تنظيم "الإخوان المسلمين" مارس ولا يزال يمارس العنف والإرهاب بدافع سياسي تحت غطاء ديني
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة