كيف تحول مشهد اعتقال طفل فلسطيني لأيقونة عالمية؟
الطفل الفلسطيني فوزي الجنيدي هو الابن البكر لعائلة فقيرة، اضطر لترك مدرسته من أجل العمل ومساعدة العائلة.
تحولّ مشهد الطفل الفلسطيني فوزي الجنيدي (16 عاماً) أثناء انقضاض نحو 23 عنصراً من قوات الاحتلال مدججين بالسلاح عليه لاعتقاله، إلى أيقونة عالمية تعكس جانباً من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والانتهاكات التي يتعرض لها الأطفال من قبل جيش الاحتلال.
وتم اعتقال الجنيدي في شارع العدل، وسط مدينة الخليل، أثناء الاحتجاجات المناوئة لقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وحضر أول جلسات محاكمته، الأحد الماضي.
وكان الطفل الفلسطيني ذاهباً في طريقه لشراء بعض الاحتياجات المنزلية، ليل الخميس الماضي، في منطقة باب الزاوية، حيث دارت مواجهات بين بعض الفتية الفلسطينيين وجيش الاحتلال الإسرائيلي.
والطفل هو الابن البكر لعائلة فقيرة، حيث اضطر لترك مدرسته من أجل العمل ومساعدة العائلة.
واقتادت قوات الاحتلال "الجنيدي" معصوب العينين إلى أقبية سجونها التي أعدمت فيها طفولة الآلاف من الأطفال الفلسطينيين، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية.
هذه الصورة، التي التقطها المصور الفلسطيني عبد الحفيظ الهشلمون، اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي، ووكالات الأنباء العربية والعالمية، ونالت اهتمام الرسامين العالميين والمؤسسات الحقوقية الدولية والمحلية لفضح سياسة الاحتلال الإسرائيلي التي سلبت الطفل طفولته ولما فيها من قسوة وانتهاك بحق طفولته.
وقال رواد مواقع التوصل الاجتماعي إن صورة الطفل أثناء الاعتقال مشهد يعكس سياسة الحكومة الإسرائيلية في عذاب الأطفال الفلسطينيين، لكسر إرادتهم، وانتمائهم للقدس والوطن.
وقال محمد الجنيدي، والد الطفل، إن "الاحتلال لا يفرق بين صغير وكبير، فقد انهالوا على ابني بالضرب لكسر طفولته وإرادته، أفتخر بابني الذي كبل وعصبت عيناه، بين كتيبة من جنود الاحتلال المرعوبين".
وأضاف أنه "لا يزال ابني طفلا تحمل أعباء أكبر من طفولته، وترك مدرسته كونه الابن الأكبر بعد إصابتي بقدمي خلال عملي في أحد مصانع الخليل قبل سنتين، وأصبحت لا أقوى على العمل، إنه يعمل يوميا ليوفر قوتنا".
وتنقل الطفل الجنيدي، منذ اعتقاله، الخميس الماضي، بين مركز تحقيق كريات أربع شرق الخليل، ومركز تحقيق "عصيون"، وسجن "عوفر"، وتم عرضه على محكمة الاحتلال، الأحد الماضي، التي بدورها مددت اعتقاله لـ3 لأيام، لإعادة النظر في قضيته.
وحضر الطفل مكبلا بالأصفاد ومحاطا بجنود الاحتلال إلى محكمة "عوفر" ، الأحد الماضي، في مشهد آخر لمحاكمة هذا الطفل البريء، يحاكي مشهد اعتقاله، عندما تكالبت عليه قوات الاحتلال.
وقال عم الطفل والذي يدعى مدحت، والذي استطاع حضور المحكمة، إن "أصفاد الاعتقال الحديدية أكلت من جلد ابن أخي الناعم، وملامحه كادت أن تتغير، وعلامات العنف والضرب على جسده النحيل لا تزال شاهدة على غطرسة الاحتلال والمحققين".
وثال خالد قزمار، المدير العام للحركة العالمية للدفاع عن الأطفال فرع فلسطين، إن ظاهرة اعتقال الأطفال في الضفة الغربية بما فيها القدس سياسية إسرائيلية ممنهجة ومتصاعدة، وشهد العام 2017 اعتقال مئات الأطفال الفلسطينيين من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي.
وأضاف أن ما يجري بحق الأطفال الفلسطينيين من عمليات اعتقال وتعذيب "جريمة مستمرة"، وتصنف وفق القانون الدولي "جريمة ضد الإنسانية"، ولفت إلى أن إسرائيل الدولة الوحيدة التي تحاكم الأطفال في محاكم عسكرية.
وأشار إلى أن عدد المعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال يبلغ نحو 6400 معتقل، بحسب بيانات فلسطينية رسمية.
لوحة فنية تحاكي الاعتقال
ولاقى مشهد توثيق اعتقال الطفل فوزي الجنيدي الذي وثقته وسائل الإعلام اهتماما عالميا بمختلف المستويات السياسية والحقوقية والفنية.
ورسمت الفنانة الإيطالية "أليشا بيلونزي" لوحة فنية تحاكي صورة الطفل فوزي الجنيدي، بعد أن انهال عليه عشرات الجنود في مشهد مرعب، واعتدوا عليه بالضرب بشكل وحشي وهمجي.
كما أطلقت حركة حقوق الإنسان والعدالة، حملة شعبية للإفراج عنه، حيث عكست صورة اعتقاله همجية الاحتلال الذي عبر عن سياسته التي لا تحترم المواثيق الدولية وحقوق الأطفال.
وطالبت الجمعية المؤسسات الدولية ومؤسسات حقوق الإنسان بالنظر للسياسة الإسرائيلية التي لا تحترم المواثيق الدولية التي كفلت حقوق الطفل.
وتعتقل إسرائيل منذ بداية العام ما يزيد عن ألف طفل فلسطيني، وما زالت تحتجز حتى اللحظة نحو 300 طفل فلسطيني في معتقل عوفر صدرت بحقهم أحكام مختلفة.
والأربعاء الماضي أعلن الرئيس الأمريكي القدس عاصمة لإسرائيل، ما أثار استنكار الشارع العربي والعالمي، وإلى اليوم تستمر المواجهات بين قوات الاحتلال والفلسطينين، احتجاجا على القرار.
وشهدت الأراضي الفلسطينية موجة غضب عارمة خلال الأسبوع الماضي بعد القرار الأمريكي .
واجتاحت المظاهرات الرافضة للقرار المدن الفلسطينية على مدار الأسبوع وحاولت قوات الاحتلال الإسرائيلي قمعها بالقوة، الأمر الذي أدى لسقوط شهداء وجرحى.
وبلغت حصيلة الشهداء والإصابات في الأراضي الفلسطينيةحتي الآن، نحو 6 شهداء و1778 مصابا و200 معتقل.