"تيك توك" و"وي تشات".. قوة صينية أثارت خوف أمريكا
أرقام وبيانات التطبيقات الصينية حول العالم وفي الولايات المتحدة تحديدا تثبت قدرتها على إحداث تأثيرات كبيرة في أي مجتمع.
لم تعد القوة العسكرية هي الوحيدة التي تخيف الأعداء، بل أصبحت بعض الدول تمتلك العديد من الأدوات التي تمكنها من تحقيق التواجد وفرض نفوذها في أي مكان بالعالم.
هذا ما كشفت عنه الأزمة الدائرة بين الولايات المتحدة والصين بشأن تطبيق الفيديوهات القصيرة "تيك توك" التابع لشركة بايت دانس وتطبيق "وي تشات" التابع لشركة تينسينت.
ويعد تطبيق مقاطع الفيديو القصيرة "تيك توك" من أكثر التطبيقات التي تحظى باهتمام الشباب حول العالم، أما "وي تشات" WeChat فهو تطبيق متعدد الاستخدامات يجمع ما بين خدمة الرسائل وخدمات الدفع واستخدامات أخرى للتواصل الاجتماعي.
مدى قوة مثل هذه التطبيقات وتأثيرها عالميا يظهر في الأرقام الرسمية لمستخدميها، حيث أكدت بيانات شركة بايت دانس أنه من بين 2.2 مليار مقطع فيديو نشر في 2019 لتطبيق "تيك توك" حول العالم هناك 46 مليون فيديو في الولايات المتحدة فقط خلال عام 2019، أما "وي تشات" فيستخدمة ما يزيد عن 1.5 مليون تاجر نشط في الولايات المتحدة.
الأرقام أثارت مخاوف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي اتهم مثل هذه التطبيقات بالتجسس وجمع معلومات وبيانات عن الأمريكيين وهو ما نفته الشركات الصينية في أكثر من مناسبة.
الواقع يؤكد أن الأرقام كبيرة وضخمة وتشير إلى التواجد القوي للتطبيقات الصينية وسيطرتها على عقول الشباب الأمريكي، ولم يكن أمام الولايات المتحدة إلا إعلان الحظر على تحميل تطبيقي "تيك توك" و"وي تشات" على الهواتف المحمولة اعتبارا من الأحد المقبل.
ويحظى "تيك توك" بشعبية كاسحة بين اليافعين والشبان، ويصل عدد مستخدميه إلى نحو مئة مليون في الولايات المتحدة ومليار في العالم.
وجاء قرار الحجب الأمريكي ليحرم ملايين المستخدمين من خدمات التطبيقين، كما سيعرض شركات أمريكية لعقوبات قاسية وفقا لقرار وزارة التجارة الصينية التي تستعد لإصدار قائمة سوداء تضم مؤسسات وشركات أمريكية "تسيء إلى السيادة الوطنية للصين وإلى مصالحها على صعيد الأمن والتنمية".
القضية التي تمثل مرحلة من المعركة التكنولوجية الدائرة بين القوتين الاقتصاديتين الأوليين في العالم ظهرت للساحة منذ مطلع أغسطس/آب الماضي، حين وقع ترامب الذي يتهمها بالتجسس لحساب السلطات الصينية، مرسوما يطالب ببيع أنشطتها في الولايات المتحدة بحلول 20 سبتمبر/ أيلول وإلا فسيتم حظرها في البلد.
وقدمت شركتا مايكروسوفت ووولمارت الأمريكيتان العملاقتان عرضا لشراء أنشطة تيك توك الأمريكية، لكن الشركة الأم بايت دانس رفضته.
وظهرت بعد ذلك بوادر اتفاق يجعل من شركة أوراكل الكاليفورنية "شريكا تكنولوجيا موثوقا" لتيك توك، لكن حتى الآن لا تزال الصفقة عالقة.
رد صيني
وردا على قرار الحظر الأمريكي لتطبيق تيك توك، أطلقت الحكومة الصينية، السبت، آلية تسمح لها بالحد من نشاطات الشركات الأجنبية، في إجراء يعتبر بمثابة رد على العقوبات الأمريكية التي فرضت على الشركات الصينية وفي طليعتها هواوي وتيك توك و"وي تشات".
ولم يذكر الإعلان الصادر عن وزارة التجارة الصينية وسط التصعيد الجاري بين بكين وواشنطن، أي شركة أجنبية محددة حتى الآن.
وتستعد الصين لإصدار "قائمة كيانات غير موثوقة" ومن ثم تعرضها لعقوبات تتراوح بين الغرامات والقيود على أنشطتها واستثماراتها في الصين وعلى إدخالها موظفين أو تجهيزات إلى البلاد.
وأوضحت الوزارة أن هذه القائمة ستضم الشركات التي تقوم بنشاطات "تسيء إلى السيادة الوطنية للصين وإلى مصالحها على صعيد الأمن والتنمية" أو تنتهك "القواعد الاقتصادية والتجارية المرعية دوليا".
وصدر هذا الإعلان في وقت حظرت الولايات المتحدة اعتبارا من الأحد تنزيل تطبيقي "تيك توك" و"وي تشات" المملوكين لشركتي "بايت دانس" و"تينسينت" الصينيتين.
واتهمت وزارة التجارة في بيانها واشنطن بممارسة "الترهيب" وتوعدت بأنه "إذا ما استمرت الولايات المتحدة في تحركاتها الأحادية، فستتخذ الصين التدابير الضرورية لحماية الحقوق والمصالح المشروعة للشركات الصينية بشكل حازم".
وتصاعد التوتر بين الولايات المتحدة والصين منذ أغسطس/آب حين حدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مهلة لـ"تيك توك" لبيع عملياتها في الولايات المتحدة لاتهامها بالتجسس الصناعي لحساب بكين، من دون أن يكشف عن أدلة ملموسة على ذلك.
كما أدرجت مجموعة هواوي الصينية للاتصالات على قائمة سوداء أمريكية ما يحرمها من دخول السوق الأمريكية ومن الحصول على التكنولوجيات والمكونات الأمريكية المهمة لهواتفها، كما تضغط واشنطن على الأوروبيين لحملهم على إقصاء هواوي مستقبلا من شبكات إنترنت الجيل الخامس (5 جي).
حقائق وأرقام
أطلق تطبيق تيك توك عالميا من قبل شركة بايت دانس الصينية في أغسطس/آب 2018، ويسمح "تيك توك" للمستخدمين بخلق مقاطع فيديو تتراوح مدتها بين 15 و60 ثانية، ويستخدم الصينيون تطبيق "دوين" المنفصل عن تيك توك منذ عام 2016.
ويقدر عدد المستخدمين النشطين على "تيك توك" بنحو 800 مليون شهريا، 57% من مستخدمي تيك توك/ دوين يعيشون في الصين، و36% من مستخدمي تيك توك يعيشون في مكان آخر في آسيا.
احتلت الهند المرتبة الأولى من حيث عدد الفيديوهات المحمّلة عام 2019 خارج الصين، بعدد 323 مليون تحميل.
ويقدر عدد الفيديوهات المحملة عالميا بنحو 2.2 مليار مقطع فيديو، وفي الولايات المتحدة وحدها تم تحميل 46 مليون فيديو عام 2019، كما أنفق مستخدمو التطبيق أكثر من 90.7 مليون دولار في يونيو/حزيران 2020.
أما تطبيق "وي تشات" فأطلق عالميا من قبل شركة "تينسينت" عام 2011، وبدأ كتطبيق مراسلة بسيط، ويستخدم حاليا لخدمات عديدة، تشمل اللعب والتسوق والخدمات المصرفية الإلكترونية.
ويستخدم التطبيق 1.17 مليون مستخدم شهريا، ويمثل 34% من حركة بيانات الهواتف المحمولة في الصين، كما يصنف التطبيق الاجتماعي الخامس الأكثر استخداما في العالم.
ويجري مستخدمو "وي تشات" 410 ملايين مكالمة صوتية وفيديو يوميا، كما استخدم التطبيق 50 مليون تاجر نشط شهريا عبر خدمة "وي تشات باي" في الربع الأخير من 2019، وهناك 1.5 مليون مستخدم نشط في الولايات المتحدة بحسب آخر إحصاء في سبتمبر/أيلول 2019، كما تقدر عائدات الإعلانات لعام 2019 بما يزيد عن 7.6 مليار دولار.