بعد فشل حوار جنيف.. ما سيناريوهات أزمة ليبيا؟
فشل محادثات جنيف حول القاعدة الدستورية للانتخابات الليبية يفتح الباب لتكهنات حول مستقبل الأزمة.
وفي وقت سابق الخميس، أعلنت المستشارة الأممية بشأن ليبيا، ستيفاني ويليامز، انتهاء اجتماعات رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح وما يعرف بمجلس الدولة الاستشاري خالد المشري في جنيف، دون الاتفاق على النقاط الخلافية العالقة وأبرزها شروط الترشح للانتخابات الرئاسية.
ويأتي فشل الحوار الليبي في جنيف برعاية أممية في ظل مساع دولية لإدارة الأزمة في بلد يعاني انقساما سياسيا واقتصاديا وأمنيا والخلاف على السلطة بين رئيس الحكومة المنتخب فتحي باشاغا وسلفه عبدالحميد الدبيبة المتمسك بمنصبه.
ومؤخرا، أعلنت السفارة الأمريكية، في بيان، عن برنامج مستفيد برقابة دولية، يتضمن آلية فنية لإدارة عائدات النفط لتطوير مزيد من الشفافية والمساءلة في الإنفاق العام من خلال عملية يملكها الليبيون.
ويرى خبراء ليبيون أن فشل حوار جنيف يفتح المجال أمام العديد من السيناريوهات في ليبيا من بينها إدارة دولية للأزمة سواء بتدخل مباشر لبعض الدول صاحبة القرار أو للدفاع عن مصالحها، أو عبر آليات دولية مختلفة، أو تنشيط دور المجلس الرئاسي ليتخذ خطوات تشريعية وتنفيذية.
حكومة دولية
قال جمال شلوف؛ رئيس مؤسسة "سلفيوم" للبحوث والدراسات الليبية، إن إعلان فشل مشاورات جنيف يمهد لتدخل أجنبي أكثر قوة في ليبيا، خاصة مع قرب انتهاء ولاية بعثة الأمم المتحدة واتفاق مجلس الأمن حول الحالة الليبية، وربما انسحاب البعثة نهائيا من ليبيا.
وقال شلوف، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن "كل هذه الأمور تؤشر إلى أن التدخل لن يكون عبر الأمم المتحدة ومجلس الأمن بل مباشرة من الدول سواء الدولية صاحبة القرار أو الإقليمية للدفاع عن مصالحها، خصوصا بعد إعلان برنامج مستفيد للرقابة الدولية على الموارد الليبية".
وأضاف أن "وجود هذه الآلية يعني أنه لن يكون هناك صرف إلا عبر لجنة ثلاثية ليبية تحت رقابة دولية صارمة، واجهتها لجنة المتابعة الدولية لمؤتمر برلين، ولكن في حقيقتها هي حكومة دولية لليبيا حيث لن يكون هنالك صرف للموارد الليبية إلا برقابة دولية من هذه اللجنة".
وأردف أن الرقابة الدولية سيناط بها المهام التنفيذية ولن يضيرها أن تكون هناك حكومة أو حكومتان أو لا، لأن جميعها لن تتلقى أي أموال إلا بعد أن تقدم طلبا للجنة وتدرسها وترى المناسب منها لذلك الأمر، الآن أصبح التدخل الدولي أكثر وضوحا.
وبحسب الخبير، فإن هناك احتمالا آخر يتمثل في الدعم الأمريكي للمجلس الرئاسي في سلطته السيادية، وهي عبارة مطاطة قد تعني أن يقوم ببعض المهام التشريعية حال تعطل المسار الدستوري، وهو نفسه ما سبق وأشار إليه الرئاسي الليبي في بيان له، ما يعطي انطباعا بأن المجلس سيكون واجهة المسار الجديد.
واستبعد شلوف أي صدام عسكري، مستدركا أنه قد تكون هناك أحداث أمنية عبر الحديث عن التطبيق الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار والمتضمن حل المليشيات والتي قد تشارك فيها قوات دولية، خاصة أن اجتماعات اللجنة العسكرية الليبية شهدت مؤخرا حضورا دوليا مكثفا.
وأشار شلوف إلى وجود حديث عن تجديد الأمين العام للأمم المتحدة بشكل فردي بقاء ويليامز في منصبها، في حين أنه لا يعلم ماذا سيحدث في مجلس الأمن مع استمرار فشل تعيين مبعوث أممي، وهو ما يترك الساحة فارغة للتدخل الدولي.
إدارة رئاسية
من جانبه، يعتبر الدكتور وليد الفارسي الخبير السياسي الليبي، أن نتيجة حوار جنيف كانت متوقعة، لافتا إلى أن التسريبات من الداخل تؤكد أن الخلافات ليست حول نقطة واحدة حول شروط الترشح للانتخابات الرئاسية وإلا لكان تمديد مدة الحوار للضغط على الطرفين للوصول لحلها.
وفي حديث لـ"العين الإخبارية"، يقول الفارسي إن المستشارة الأممية ستيفاني ويليامز أشارت إلى أنها ستعد تقريرا حول الحوار وتوصياتها بالخصوص، وهو دليل على معلومات سرية غير معلنة عن الخلافات بين الطرفين، وهو ما تؤكده المعلومات المسربة حول الخلاف على ما هو دور كلا الطرفين في المرحلة القادمة.
وأضاف أن هناك سيناريو تعده ويليامز لإحالة الملف بالكامل إلى المجلس الرئاسي برئاسة محمد المنفي لتشكيل حكومة أزمة مصغرة لتقود المرحلة القادمة إلى الانتخابات، وفي حال وجود توافق دولي عليه فسيحال إلى المنفي بدعم من مجلس الأمن، وإلا ستتجه البلاد إلى الفوضى مجددا.
وأشار إلى أنه يكاد يكون من المستحيل تسلم حكومة باشاغا للسلطة وإن كانت شرعية بشكل كامل ونتيجة توافق ليبي ليبي بسبب المليشيات والانقسام السياسي الحالي والاحتقان الداخلي، والذي قد يأخذ شكل المظاهرات المتتالية.
وبالنسبة للخبير، فإن النخب السياسية والأكاديمية ترى أن مصلحة البلاد في التوافق بين مجلسي النواب والدولة وقيادة المرحلة المقبلة، خاصة أن المشري يرفض أن تشارك القيادات العسكرية الوطنية في الانتخابات القادمة رغم كونها جزءا أصيلا من المشهد الحالي.
ونوه إلى أن تنظيم الإخوان لم يعد يتخذ أسلوب العنف المباشر مؤخرا في ليبيا، بل عبر وسطاء، خاصة مع الدور التكتيكي والهدوء الحذر من الدول الداعمة لهم واتخاذ جانب الدبلوماسية الناعمة، ولذلك تسعى لإفشال الحوار وقد يفشلون أي مخطط أو توصيات تتقدم بها ويليامز أو غيرها.
وأردف أن هنالك محاولة لإبعاد القاهرة من خلال تنظيم الإخوان عن الملف الليبي ونقل الملف لجنيف، خاصة بعد إفشال الإخوان للاتفاق على قاعدة دستورية، مشيرا إلى تصريح السفير الأمريكي بشأن التعامل مع الحكومتين في إدارة النفط وهو مخطط غربي يبقي على الانقسام السياسي الحاصل.
aXA6IDUyLjE1LjY4Ljk3IA==
جزيرة ام اند امز