صراعات يشهدها العالم في مناطق متعددة، تتزامن مع صراعات أخرى في عالم المعلومات للتحقق من الإشاعات والأخبار المضللة التي يتعمد كل طرف نشرها للتأثير على الآخر، وتغيير الرأي العام مع أو ضد، حتى وإن كانت الكذبة أو الإشاعة واضحة وضوح الشمس.
ولذا فإن من ينشرون الأخبار الزائفة لا ينتظرون تفنيدها لأنها سرعان ما تؤدي إلى التأثير المنشود، الذي يستمر حتى بعد ظهور الأخبار الصحيحة التي لا تؤثر كتأثير الإشاعة الأولى، ولا تصل بعيداً، فقلة هم من يهتمون بتصحيح معلوماتهم على أي حال.
لقد أصبحت الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة ظاهرة تنتشر في زمن التواصل الاجتماعي الذي أصبح أول مصدر للأخبار والمعلومات، لتزداد عند أي حدث عالمي أو محلي، سياسي أو اجتماعي أو صحي، وكما شهدنا في حرب روسيا - أوكرانيا في حادثة شبح كييف وكيف أن الأخبار المزيفة وجدت طريقها نحو كبريات المواقع الإخبارية وأعرقها، فيما شهد العالم أسوأ شكل من أشكال الأخبار المزيفة خلال جائحة "كوفيد 19"، حيث أحجم البعض عن اللقاحات والكمامات والالتزام بالإجراءات الاحترازية بسبب الأخبار المضللة.
والحقيقة أن الأخبار الزائفة تنتشر لسببين؛ الجهل والتعمد، وكل منهما أسوأ من الآخر، فجهل ناقلي الأخبار غير المؤهلين تقنياً ولا صحفياً يمكن أن يتسبب في التأثير في الرأي العام بصور سلبية خطيرة وخلق حالة من الهلع والأضرار النفسية والجسدية وزعزعة ثقة الجمهور بالأخبار الحقيقية المهمة بهدف تصيد المتابعات والتفاعل مهما كانت النتائج، في الجانب الآخر تسعى الحسابات المتربصة التي تحظى بمتابعة على مواقع التواصل الاجتماعي إلى نشر حالة من عدم الثقة في حرب إعلامية غير مباشرة بغرض الإساءة وتضليل الرأي العام.
ورغم سهولة كشف الأخبار المزيفة فإنها لا تزال تنتشر بسرعة لا سيما لدى الفئات متوسطة التكوين المعرفي، الذين ينشرون الأخبار عبر التطبيقات دون التأكد منها، فيصعب على الجهات الرسمية اللحاق بالكم الهائل من الأخبار المزيفة، وهنا يأتي الدور الأكبر على وسائل التواصل الاجتماعي نفسها، فهناك برامج كثيرة وسهلة للتأكد من المحتوى والصور والفيديوهات، وذلك باستخدام الذكاء الاصطناعي، وقد شاهدنا ذلك خلال الجائحة حيث كانت وسائل التواصل الاجتماعي تنشر تحذيراً أسفل كل فيديو أو خبر يتناول أخبار كوفيد، فلم لا تصنع شيئاً مشابهاً لمنع انتشار الأخبار المزيفة وذلك بتبيين أصل الصور أو الفيديوهات، وحتى توضيح تاريخ نشرها لأول مرة حتى تساعد المتابعين على كشف مثل تلك الأخبار.
لقد سعى كثير من الدول للتصدي للأخبار المضللة، عبر وسائل التواصل الاجتماعي لتبيين الوقائع بشفافية ووضوح، وهذه الخطوات أدت إلى رفع الوعي بنوعية تلك الأخبار وأفقدتها الكثير من تأثيرها، وهذه خطوة تستحق التقدير لمنع المتكسبين من التفاعل الباحثين عن دور في عالم التواصل الاجتماعي، ولعل ذلك أدى إلى اختفاء الكثير من الأخبار الزائفة، لكن دور وسائل التواصل الاجتماعي سيكون حاسماً في حال قررت منع انتشار الأخبار المزيفة ووقفها نهائياً، فهل تفعلها؟
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة
