«FBC» منصة احتيال ابتلعت أحلام المستثمرين بمصر.. كيف أقنعوا المواطنين؟

برزت منصة "FBC" ككيان يعد المواطنين في مصر بأرباح مالية ضخمة عبر استثمارات رقمية، مستغلة حاجتهم لتحقيق عوائد سريعة.
لكن سرعان ما تحول هذا الحلم إلى كابوس، حيث تبخرت أموال الحالمين بتحقيق الثراء السريع، وتركوا في مواجهة واقع مرير.
على مدار أيام، تقدم 101 مواطن ببلاغات تفيد بتعرضهم للاحتيال من قبل القائمين على المنصة، بمبالغ تقارب 2 مليون جنيه (39.5 ألف دولار)، بعد خداعهم بوعود كاذبة لاستثمار أموالهم في مجالات البرمجيات والتسويق الإلكتروني، وفقًا لوزارة الداخلية المصرية.
سقوط عصابة FBC
بعد تحقيقات مكثفة، أعلنت وزارة الداخلية تفكيك الشبكة الإجرامية التي أدارت منصة "FBC"، مؤكدة أنها كانت تعمل بأساليب احتيالية غير قانونية.
وفي بيان رسمي، كشفت الداخلية تفاصيل العملية الأمنية التي أطاحت بأفراد العصابة، حيث تبين أن مجموعة من الأشخاص، من بينهم ثلاثة يحملون جنسيات أجنبية، أسسوا شركة في القاهرة للترويج لمنصة استثمار وهمية تحت اسم "FBC".
عمل المتهمون على إقناع المواطنين بالاستثمار عبر منصتهم، واعدين بأرباح ضخمة خلال فترة قصيرة.
ولتنفيذ مخططهم، استعانوا بـ 11 شخصًا آخرين لنشر الدعاية عبر وسائل التواصل الاجتماعي و"واتساب"، مقابل عمولات مالية.
كما استخدموا خطوط هواتف مسجلة ببيانات مزيفة لتفعيل المحافظ الإلكترونية التي تم من خلالها تحويل الأموال المستولى عليها.
لكن بعد تحقيق مكاسب مالية ضخمة، أغلقت العصابة المنصة فجأة، وأغلقت مقرها، تاركةً المستثمرين في صدمة وخسائر فادحة.
الإيقاع بالشبكة
أوضحت وزارة الداخلية، أن التحريات كشفت عن حركة مالية مشبوهة مرتبطة بالمنصة، ليتم استصدار أذون من النيابة العامة لتنفيذ حملات أمنية متزامنة، أسفرت عن ضبط المتهمين الأساسيين، إلى جانب مصادرة مبالغ مالية ضخمة وأجهزة إلكترونية استخدمت في إدارة المنصة.
وأشارت إلى أنه تم ضبط 13 متهمًا بحوزتهم: عدد من الهواتف المحمولة، و1,135 شريحة هاتف محمول، وأجهزة لاب توب، ومبالغ مالية تقدر بـ 1.27 مليون جنيه بعملات مختلفة، واعترف المتهمون بتورطهم في عملية الاحتيال، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم.
انهيار المنصة وصدمة المستثمرين
بعد اختفاء منصة "FBC"، وجد الآلاف من المصريين أنفسهم ضحايا لعملية نصب ضخمة، وامتلأت وسائل التواصل الاجتماعي بشهادات أشخاص فقدوا كل مدخراتهم، حيث استثمر بعضهم آلاف الجنيهات، بينما خسر آخرون مبالغ بمئات الآلاف.
المؤلم أن بعض الضحايا اقترضوا أموالًا من البنوك أو باعوا ممتلكاتهم على أمل تحقيق أرباح موعودة، قبل أن تختفي المنصة فجأة دون أي أثر للأموال.
العشاء الأخير
قبل أيام قليلة من إغلاق المنصة، نظم القائمون عليها حفل عشاء فاخر في قاعة "دار الياسمين" بكورنيش إمبابة، حضره عدد من المستثمرين الذين جلبوا مشتركين جددا، بحسب صحف محلية.
ألقى المسؤول عن المنصة خطابًا مطمئنًا، مؤكدًا أن الشركة تعمل بشكل قانوني، ولديها مقر ضخم خارج مصر، وأنها تتعاون مع الحكومة المصرية للقضاء على البطالة، كما شجع الحاضرين على دعوة المزيد من الأصدقاء للاستثمار، بحجة أن ذلك سيضاعف أرباحهم.
لكن بعد أيام قليلة، صُدم الجميع بإغلاق المنصة نهائيًا، ولم يتمكن أي مستثمر من استرجاع أمواله.
استدراج الضحايا بالأكاذيب
محمد عمر، أحد الذين حضروا الحفل، قال إن الشركة لم تدعُ إلا الذين تمكنوا من جذب عدد كبير من العملاء، بهدف تعزيز الثقة وجذب المزيد من الأموال قبل الهروب النهائي.
أضاف عمر: "كانوا يقنعوننا أن FBC شركة عالمية تأسست عام 2000، ولها فروع في عدة دول، وأنها تتعاون مع جهات رسمية.. كل ذلك كان كذبًا، مجرد وعود زائفة لإبقاء المستثمرين في اللعبة أطول فترة ممكنة."
لكن بعد الإغلاق، زعم القائمون عليها أن المنصة تعرضت لهجوم سيبراني، وأنه سيتم استعادة الأموال خلال ساعات، لكن هذه الساعات تحولت إلى أيام، ثم إلى صمت تام.
قصة أسامة عيد ظريف من أكثر القصص المؤلمة التي تلخص مأساة الضحايا، فهو أب لطفلين يعانيان من مشاكل في السمع، اقترض من البنك ليستثمر أمواله في المنصة، على أمل تحقيق أرباح تكفي لعلاج أطفاله.
ويذكر عيد: "في البداية، رأيت أرباحًا حقيقية، حتى وثقت بهم.. استثمرت 23 ألف جنيه كنت بحاجة إليها لعلاج أولادي، ثم اختفت المنصة فجأة، وأصبحت غارقًا في الديون."
قصة أسامة عيد ليست استثناءً، فقد وثقت التحقيقات أن مئات المستثمرين باعوا منازلهم، ومواشيهم، وحتى ذهب زوجاتهم طمعًا في الأرباح الموعودة، قبل أن يجدوا أنفسهم في مواجهة كارثة مالية حقيقية.
تحذيرات للمواطنين
حذرت وزارة الداخلية، المواطنين من التعامل مع التطبيقات والمنصات الإلكترونية مجهولة المصدر التي تدّعي تحقيق أرباح سريعة، مؤكدة أنها غالبًا ما تكون وسيلة للاحتيال الإلكتروني، ما قد يؤدي إلى خسائر مالية جسيمة.