بعد تكفير وتهديد بالاغتيال.. مخاوف تونسية من "إرهاب" النهضة
تخوض حركة النهضة الإخوانية عبر مناصريها، خلال الآونة الأخيرة، حربًا شرشة ضد الاتحاد العام التونسي للشغل
يتخوف كثير من التونسيين من عمليات اغتيال قد تطال قيادات نقابية مناهضة لخيارات تنظيم الإخوان الإرهابي كما حدث مع المعارضين شكري بلعيد ومحمد البراهمي في 2013.
وخلال الآونة الأخيرة، تخوض حركة النهضة الإخوانية عبر مناصريها حربًا شرشة ضد الاتحاد العام التونسي للشغل أكبر منظمة نقابية معادية للخيارات الاقتصادية لما يسمى بالإسلام السياسي ولتوجهاته الأيديولوجية.
وهدد بعض مناصري حركة النهضة بسفك دماء الأمين العام للاتحاد التونسي للشغل، نور الدين الطبوبي، إثر تنديده بما اعتبره توجهات إخوانية قد تضر بالمؤسسات العمومية وتحركات مشبوهة لائتلاف الكرامة الإخواني تمس مدنية الدولة.
وأطلق كل من مناصري حركة النهضة الإخوانية وذراعها العنيف "ائتلاف الكرامة" شعارات تدعو لتعنيف عدد من النقابيين على رأسهم الطبوبي بسبب مواقفه المناهضة لتوجهات الإسلام السياسي.
وظنت الحركة الإخوانية وحلفاؤها أنها قادرة على ترويض أكبر منظمة نقابية في تونس بعد صعود "الطبوبي" المحافظ أمينا عاما لهذه المنظمة لكنها اصطدمت بجدار نقابي معاد للتوجهات الليبيرالية المتناقضة وخيارات الدولة الإسلامية.
ودعا أحد نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي الموالين لحركة النهضة إلى سفك دماء الأمين العام للاتحاد التونسي للشغل بسبب معاداته لخيارات الإخوان وإطلاقه حملة للتصدي لهم في البرلمان.
ائتلاف الشر
ونددت حركة "مشروع تونس" برئاسة محسن مرزوق ( الحزب الذي يترأس كتلة الإصلاح بالبرلمان) بـ"التهديدات المشينة التي وجهتها الأطراف الإخوانية ضد أمين عام الاتحاد العام التونسي للشغل والداعية لهدر دمه".
وأعرب الحزب، في بيان، اطلعت عليه "العين الإخبارية"، عن استغرابه من "غياب عمل أمني سيبراني ممنهج لتفكيك هذه المجموعات على شبكات التواصل الاجتماعي والقبض على المجموعات الإرهابية التي تقف وراءها"، لافتا إلى تعرّضه "لتهديدات مماثلة دون أن تحرك النيابة العمومية ساكنا".
بدوره، اعتبر الطبوبي، خلال إشرافه على تجمع عمالي انتظم أمام مقر الاتحاد الجهوي للشغل بمحافظة صفاقس ( ثاني أكبر مدينة بعد تونس العاصمة) أن ما وصفه بـ"ائتلاف الشر" المعادي للعمل النقابي" يريد ضرب الديمقراطية ومكتسبات الدولة المدنية وتغيير النمط المجتمعي.
وقال الطبوبي إن "المنظمة الشغيلة تتصدى للدواعش الذين يعملون على تدمير كل رصيد وطني ومكتسبات الدولة المدنية"، مشيرا إلى أن "المنظمة بقدر ما أن أياديها مفتوحة لكل من يعمل على بناء تونس ومصلحتها بقدر ما هي جاهزة لمعركة كسر العظام".
مربع العنف
وعاد المشهد السياسي في تونس إلى ما كان عليه سنوات 2012 و2013 وساد خطاب التكفير والتحريض على العنف رغم ترويض حركة النهضة من طرف الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي.
ومع صعود ائتلاف الكرامة المحافظ إلى البرلمان بات خطابات التكفير تعلن في الجلسات العامة تحت قبة السلطة التشريعية.
ومرارًا، قام النائب عن ائتلاف الكرامة محمد العفاس بـ"تكفير" رئيسة كتلة الحزب الدستوري الحر، عبير موسى، وأعضاء حزبها، في خرق صارخ للدستور الذي نصّ على التزام الدّولة بمنع دعوات التكفير والتحريض على الكراهيّة والعنف والتصدّي لها.
فيما اعتبر العفاس أن التكفير "حكم شرعي لا يجب أن يخجل منه".
وأعادت لقطة التكفير إلى أذهان التونسيين عمليات التكفير التي استهدفت معارضي الإسلام السياسي في تونس وأوحت بمحاولة استقطاب شباب تكفيري لدعم ائتلاف الكرامة كأحد الأذرع السياسية للنهضة.
ويتخوف كثير من التونسيين من عملية اغتيال قد تطال قيادات نقابية مناهضة لخيارات تنظيم الإخوان الإرهابي كما حدث مع المعارضين شكري بلعيد ومحمد البراهمي في 2013.
وتلقت رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسى تحذيرات من وزارة الداخلية التونسية تفيد بوجود مخطط لاغتيالها وتفجير سيارتها بسبب معاداتها لحركة النهضة والمقربين منها من السياسيين.
وأكدت موسى أنها تلقت رسالة تحذيرية تفيد بوجود مخطط تعده جماعات تكفيرية لتفجير سيارتها عبر عبوات ناسفة.
وتكررت الاتهامات أكثر من مرة لتنظيم سري شكله إخوان تونس، لتصفية معارضيهم السياسيين، واختراق الأحزاب الرافضة والمضادة لهم من أجل تفكيكها وتفتيتها، بما يفسح المجال أمامهم للاستحواذ على مفاصل الحكم بالبلاد.
وتستند الاتهامات إلى وثائق نشرتها هيئة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي منذ فترة، وتدين حركة النهضة الإخوانية، وتقدم أدلة كافية لإدانتها، في مفارقة فجرت الكثير من الانتقادات.