خبراء لـ"العين الإخبارية": أرياف الصين قد تواجه تسونامي "كوفيد-19"
قبل ظهور "كوفيد 19" كان موسم عيد رأس السنة القمرية في الصين، يعرف بأنه "أكبر هجرة سنوية" للأشخاص في أي مكان على كوكب الأرض.
وخلال الثلاث سنوات الماضية، حدت سياسة "صفر كوفيد"، التي نفذتها بكين، من هذه الهجرة التي يقوم بها سكان المدن إلى مسقط رأسهم بالريف الصيني، غير أن الإلغاء المفاجئ لتلك السياسة، وما ترتب عليه من انتعاش السفر خلال موسم عطلة رأس السنة القمرية الجديد، ينذر بارتفاع كبير في عدد المرضى والوفيات جراء الإصابة بـ " كوفيد -19 ".
ووصف يانتشونغ هوانغ، مدير مركز دراسات الصحة العالمية في جامعة سيتون هول الأمريكية، الأمر بأنه سيكون "تسونامي كوفيد 19". وفي مقال كتبه الأربعاء على موقع "سي إن إن" وضع هوانغ الباحث الكبير ذو الأصول الصينية، المبررات التي تدفعه لإطلاق هذا الوصف الخطير، انطلاقا من خلفيته التي تؤهله لتقدير : ماذا يعني هذا الاحتفال بالنسبة للصينيين.
ويقول هوانغ: "عندما كنت طفلا صغيرا في المناطق الريفية بالصين، كانت إحدى أسعد لحظاتي هي رؤية والدي وهو ينزل من السفينة من شنغهاي، حاملاً حمولة البضائع التي اشتراها للعام القمري الجديد، المعروف أيضا باسم عيد الربيع، حيث كان والدي في ذلك الوقت، يعمل في مصنع للخياطة في إحدى ضواحي شنغهاي، فهذا هو أهم مهرجان في الصين، منذ ما يقرب من 4000 عام".
ويقول هوانغ، إن الحكومة تقدر أن عدد رحلات الركاب خلال موسم رأس السنة القمرية الجديدة (من 7 يناير/ كانون الثاني إلى 15 فبراير/ شباط) سيكون ضعف ما كان عليه في نفس الفترة من العام الماضي، ومن المتوقع أن تؤدي أكبر هجرة بشرية سنوية في العالم إلى انتشار فيروس كورونا، المسبب لمرض "كوفيد -19 ".
وقبل موسم الإجازات، كانت المناطق الريفية تشهد بالفعل انفجارا في أعداد الوفيات، لعده أسباب، من بينها ضعف معدلات التطعيم، فضلا عن أن نظام الرعاية الصحية في المناطق الريفية في الصين غير قادر على تحمل حالات الإصابة المتزايدة، وبالإضافة إلى كل ذلك، فإن التركيبة السكانية بالريف تسمح بانتشار الفيروس.
ويوضح هوانغ، أنه يعيش أكثر من 120 مليون شخص تبلغ أعمارهم 60 عاما فأكثر في الريف، يمثلون 23.8٪ من سكان الريف، مقارنة بـ 15.8٪ في المناطق الحضرية، وفقا لتعداد 2020.
ويقول: "عندما يتعلق الأمر بـ (كوفيد -19)، فإن العمر مهم، حيث ترتبط شيخوخة السكان ارتباطا وثيقا بحدوث الأمراض غير السارية، بما في ذلك مرض السكري والسرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية، وما يصل إلى 83.4 ٪ من كبار السن في الريف يعانون من أحد هذه الأمراض، وفقا لدراسة أجريت عام 2015 ، مما يجعلهم أكثر عرضة للإصابة بـ (كوفيد 19)".
ونتيجة لهذا الأسباب يتوقع هوانغ تسونامي من الإصابات في المناطق الريفية خلال الفترة المقبلة، وهو الخطر الذي استشعره الرئيس الصيني نفسه، والذي أعرب مؤخرا عن قلقه من أن المناطق الريفية غير مجهزة للتعامل مع زيادة الإصابات خلال العطلات، التي تعيد حشود من سكان المدن إلى قراهم الأصلية.
وقال الرئيس الصيني شي جين بينغ الأربعاء في رسالة نقلتها محطة ( CCTV) الحكومية: "الوقاية من كوفيد والسيطرة عليه في الصين لا تزال في زمن التوتر ، لكن الضوء في المستقبل والمثابرة انتصار".
وأضاف بينغ "إنني قلق للغاية بشأن المناطق الريفية والمزارعين، فالمرافق الطبية ضعيفة نسبيًا في المناطق الريفية، وبالتالي فإن الوقاية صعبة والمهمة شاقة"، مضيفا أن كبار السن يمثلون أولوية قصوى.
ويدلل خالد شحاتة، أستاذ الفيروسات بجامعة أسيوط (جنوب مصر) على ما ذهب إليه هوانغ في مقاله، بالإشارة إلى دراسة نشرتها دورية " فرونتيرز أوف مدسين"، في 29 ديسمبر (كانون الأول).
ويقول شحاتة لـ "العين الإخبارية": "تنبأت النمذجة الرياضية التي تم إعدادها خلال الدراسة، بأن الموجة الأخيرة من العدوى ستمر عبر المدن الرئيسية في الصين بحلول نهاية عام 2022 ، في حين أن المزيد من المناطق الريفية ستضرب بسبب الزيادة في منتصف العام إلى أواخر يناير/ كانون الثاني".
وأضاف شحاتة أن الدراسة توقعت تأثير عيد السنة القمرية، حيث ذهبت إلى أن الانتشار يمكن "تعزيزه بشكل كبير" من خلال الرحلات المتوقعة خلال عيد رأس السنة القمرية المقبل، وهو فترة عطلة وطنية تبدأ يوم 22 يناير(كانون الثاني) وتستمر لعدة أيام.
ومن جانبه، يرى محمد محمود، أستاذ الفيروسات بجامعة الزقازيق ( شمال شرق القاهرة)، في تصريحات لـ "العين الإخبارية"، أن السيطرة الخادعة على الفيروس التي وفرتها سياسة (صفر كوفيد)، دفعت كبار السن إلى عدم الإقبال على التلقيح، كما شجعت على التراخي في تجهيز الريف بالأدوات اللازمة للتعامل مع حالات المرض الشديد، وهو ما ينذر بخطر كبير في الريف الصيفي.
ويضيف محمد شاكر، أستاذ المناعة بجامعة المنصورة المصرية، إلى ما ذكره الخبيرين السابقين، سبب آخر، يتعلق بتوقيت التخلي عن سياسة "صفر كوفيد".
ويقول شاكر لـ "العين الإخبارية": " إضافة إلى عامل الطقس البارد المشجع على انتقال الفيروسات، والذي كان ينبغي وضعه في الحسبان، عند اتخاذ قرار التخلي عن (صفر كوفيد)، كان ينبغي أيضا، وضع التقاليد الصينية المرتبطة باحتفالات عيد رأس السنة القمرية في الاعتبار.
وتساءل: " ما المانع بعد أن ظلت الصين تنفذ سياستها 3 سنوات، أن تتخلى عنها بعد مرور موسم الاحتفال؟".
aXA6IDUyLjE0LjE2Ni4yMjQg
جزيرة ام اند امز